ما يُرسم لقيادة الجيش أبعد من الرئاسة
صدى وادي التيم-لبنانيات/
لم تعد هناك مقاربات غير معروفة في موضوع قيادة الجيش والاحتمالات المطروحة لمواجهة الشغور فيها كتفاصيل إدارية. لكن، في المقابل، بدأ تداول أفكار وحيثيات ترافق التعاطي مع مستقبل الجيش، وليس قيادته فحسب، من زاوية محلية وخارجية.
تخطّى تعاطي عواصم معنية وبعض القوى المحلية مع الفراغ في قيادة الجيش ارتباط الأمر بانتخابات رئاسة الجمهورية. في ظلّ ما يجري في غزة واحتمال دخول معطيات إقليمية على الخط، تغيّرت وجهة النظر الى ما يرافق وضع القيادة، وأصبح ربط التمديد برئاسة الجمهورية تفصيلاً محلياً بحتاً، رغم أن قوى سياسية لا تزال تتعاطى مع الأمر من باب المناكفات السياسية. فما كان يُنظر إليه منذ ما قبل الشغور الرئاسي، لم يعد جائزاً اليوم، بغضّ النظر عن اسم قائد الجيش وطموحه الشخصي بالسعي الى رئاسة الجمهورية. فمع حرب غزة، تتركّز أكثر فكرة التعامل مع الجيش كمؤسسة انطلاقاً من احتمالات التعويل عليها بدور مستقبلي، وليس المقصود هنا دور قائدها جوزف عون. وأيّ كلام عن تعيين قائد للجيش، أو التمديد للحالي، أو حتى ابتداع مخرج قانوني آخر، يرتبط خارجياً بآفاق ما يحصل وانعكاساته، وليس محصوراً برغبات قوى داخلية في الذهاب الى أيٍّ من الخيارات المطروحة.
حتى الأسابيع الثلاثة الأخيرة، كان موضوع قيادة الجيش ينقسم إلى قسمين، الأول يتعلق ببقاء مؤسسة الجيش الوحيدة القائمة في شكل ثابت كهيكلية وكإطار عام يختلف بحيثيّاته عن غيره من المؤسسات التي أصابها التعثّر، كالإدارات الرسمية وبعض الأجهزة الأمنية والقضاء والقطاعَين التربوي والاستشفائي. بالحدّ الأدنى، ونتيجة المساعدات المالية الخارجية من الولايات المتحدة وقطر تحديداً، حافظت المؤسسة على موقعها. وهذا الأمر أنتج اعترافاً بدورها في تحقيق الأمن والاستقرار، رغم المطبّات الكثيرة. والأمر الثاني يتعلق بمصير قيادة الجيش، لجهة انتماء القائد الى موظفي الفئة الأولى الموارنة. فالفراغ في الموقع الماروني يضاف الى الفراغ في رئاسة الجمهورية وحاكمية مصرف لبنان، ليصبح الكلام حصراً حول كيفية معالجة تداعيات ما أصاب المواقع المارونية، وانعكاسه على المشهد السياسي الداخلي الذي يكرس تبايناً سياسياً حاداً في مقاربة القوى المارونية – كل لحساباته الخاصة – في التعامل مع استحقاق قيادة الجيش. ويتمدّد كذلك الى الدور السياسي الماروني في كل ما ينتجه من تعثّر على كل المستويات السياسية والروحية.
لكن كل ذلك كان قبل حرب غزة.