الحزب دخل المواجهة بعقل بارد ولا استعجال
صدى وادي التيم-لبنانيات/
دخل حzب الله فعليا الحرب انطلاقا من جنوب لبنان. الجبهة الشمالية لم تعد كما كانت قبل السابع من تشرين الاول. والسؤال المطروح ليس متى يدخل حzب الله الحرب، وانما متى تتوسع تلك الحرب وما هو مداها؟ طبعا لن يجد احد الاجابة على هذا السؤال، لانه معقد كثيرا وتختلط فيه الكثير من المعطيات الميدانية المرتبطة بطبيعة جبهتي غزة والجنوب ومعها جبهات اخرى في المنطقة، وكذلك حرب ديبلوماسية تدور ايضا في السر والعلن “وتبادل رسائل” غير مباشرة، لكن كلا المعطيين لهما “خطوط حمراء” واضحة المعالم، منها اثنان لا يقبلان الجدال: الاول من غير المسموح هزيمة حماس عسكريا او سياسيا في غزة، والثاني منع اي تهجير قسري لفلسطينيين من القطاع، ودونهما خطوط بالوان مختلفة باتت موجودة على الطاولة، ويعرفها جيدا اللاعبون الرئيسيون.
ووفقا لمصادر مطلعة، فان المقاومة تتعامل بعقل “بارد” مع الاحداث في غزة، ولا تستعجل في حرق المراحل، فهي تدرك جيدا ان الانتصار المحقق حتى اليوم كبير جدا، ولا يجب ان يضيع باي خطوات متسرعة او عاطفية. المقاومة في غزة لا تزال قوية جدا على الرغم من المجازر، “اسرائيل” تتخبط باتخاذ قرار من اثنين: إما الاستمرار بالمجازر لتنفيذ “نكبة” فلسطينية جديدة، او اخراج حماس من غزة تحت ضغط استمرار القصف، على شاكلة ما حصل مع منظمة التحرير الفلسطينية، عندما انتهى الاجتياح “الاسرائيلي” عام 1982 باخراج ياسرعرفات ومعه المقاتلون من بيروت.
لكن هل هذا كل ما تملكه “اسرائيل” من خيارات؟ طبع لا، تقول تلك الاوساط، لان قرار توسيع ساحة الاشتباك ليست بيد حزب الله فقط، والتحذير الصادر بالامس عن رئيس الهيئة التنفيذية في حزب الله السيد هاشم صفي الدين للاميركيين و”الاسرائيليين” بان لا يخطئوا في حساباتهم، له دلالة واضحة ومبني على تقديرات لا تحليلات، بوجود مناخ غير بسيط في كيان الاحتلال بالاقدام على ضربة مباغتة لحزب الله في لبنان، تكون ردا متناسبا على مفاجأة حماس والهزيمة الاستراتيجية التي تلقتها “اسرائيل” في علمية “طوفان الاقصى”، وهذا احتمال وارد ولا يغيب عن بال المقاومة، التي باتت على جهوزية تامة لمواجهة احتمال مماثل، وقد تعززت تلك التقديرات بعد تسريبات “اسرائيلية” تزعم ان الاميركيين يحاولون الحصول على تعهد من “اسرائيل”، طلبه وزير الدفاع لويد اوستن، بان لا تبادر القوات “الاسرائيلية” بشن عملية عسكرية واسعة ضد حزب الله في لبنان.
لكن صحيفة “يديعوت احرنوت” ترى ان الجانب العملي للقصة أكثر تعقيداً. أوستن أراد أن يضمن ألا تبادر “إسرائيل” بالهجوم ضد حزب الله، واقترح في المقابل حماية بشكل تعهد أميركي بإدخال طيارين وطائرات أميركية إلى الحرب إذا هاجم حزب الله أولاً. هذا إضافة إلى القوة الرادعة بتواجد حاملتي طائرات أمام شواطيء لبنان. فهل استجابت “إسرائيل للطلب”؟ لا شك. هل ردعت إيران؟ يوجد شك، لان حزب الله اختار الحرب على الحافة.
ولهذا، فان الاميركيين يحاولون حماية “اسرائيل” من المفاجآت الاستراتيجية في الجبهة الشمالية على نحو خاص، لان فشل “إسرائيل” في الجنوب بدأ في الأساس من خدعة ذاتية عبر التفكير بأن حماس خائفة، كما اعترف مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، وهذه ليست المرة الأولى التي أوهمت “إسرائيل” فيها نفسها بخصوص اعادئها في المنطقة، وتجربة حرب لبنان الثانية في العام 2006 لا تزال ماثلة امام الجميع، ومشكلة “إسرائيل” الأساسية هي الصعوبة في فحص الامور بمنظار مصالح “العدو” الاستراتيجية، وهم لا يعرفون حتى الان اذا كان حزب الله سيكتفي بالضغط على الجبهة الشمالية، لمشاغلة “القوات الاسرائيلية” وتخفيف الضغط عن غزة، او يرغب بتغيير قواعد اللعبة من خلال الدخول في حرب اقليمية شاملة؟!
ويبقى السؤال؟ هل ستبقى المدارج العامة بعيدا عن الاستهداف؟
المصدر: ابراهيم ناصرالدين – الديار