انطلاق معركة تصويب مهام اليونيفل

صدى وادي التيم-لبنانيات/

يعدّ لبنان العدّة لمواجهة جلسة التمديد لقوات اليونيفل في مجلس الأمن الدولي نهاية آب الجاري. وخلال أيام، تتوجّه بعثة رسمية إلى نيويورك، برئاسة وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب ومنسّق الحكومة لدى اليونيفل العميد منير شحادة ممثّلاً وزارة الدفاع، لمواكبة الاجتماعات التحضيرية والتشاورية التي تسبق جلسة إقرار التمديد.
وعلمت «الأخبار» أن لبنان الرسمي نظّم في الأسابيع الثلاثة الماضية حملة دبلوماسية صامتة مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن، خصوصاً روسيا والصين، لضمان تأييد لبنان في رفض أي تعديلات على مهام القوات الدولية العاملة في الجنوب، وإسقاط التعديلات التي أضافها العدو، مدعوماً من واشنطن، العام الماضي، عبر تمرير بند حرية الحركة للدوريات الميدانية والقيام بعمليات تفتيش من دون إذن مسبق من الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني. وقد مُرر البند بناءً على اقتراح من الولايات المتحدة، بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا، ومرّ من دون اعتراض الصين وروسيا. ولأن المسؤولية حينها ضاعت بين الحكومة ووزارة الخارجية وبعثة لبنان لدى مجلس الأمن، يحاول الجيش، بالتعاون مع الخارجية، استدراك أخطاء أكبر قد تحصل لمصلحة العدو الإسرائيلي.

مصدر عسكري أكّد لـ«الأخبار» أن بعثة لبنان ستعمل لدى مجلس الأمن على تعديل مبدأ حرية الحركة الذي أُقر العام الماضي، مشيراً إلى أن الجيش دعا قبل فترة ممثلي الدول المشاركة في اليونيفل، و«قدّمنا لهم عرضاً عن آلية العمل الميداني والتنسيق بين اليونيفل والجيش وفق القرار 1701. واستعرضنا بعض الأدلة التي تظهر كيف قامت بعض قوات اليونيفل بتخطّي الجيش. وسنقدم صيغة جديدة لحركة اليونيفل لا تخرج عن إطار إلزامية التنسيق مع الجيش». ولفت إلى أن الجيش «يخشى إصدار بنود جديدة تعدّل في مهمات اليونيفل، واتخاذ حادثة العاقبية مبرّراً لفرض آليات جديدة». وتشمل المخاوف فرض الترسيم البري بما يناسب مصالح العدو. وأوضح المصدر أن «حدودنا مرسّمة منذ عام 1923، وكُرّست باتفاقية الهدنة عام 1949. وعند التحرير، كانت هناك ثلاث نقاط متحفّظ عنها لبنانياً خلال رسم الخط الأزرق، وبعد عدوان 2006، ارتفع عدد النقاط إلى 13 ولن نفرّط بأيّ نقطة منها». ولفت إلى أن «ما أدلت به مندوبة لبنان في مجلس الأمن كان خطأ غير مقصود جاء في كتاب صادر عن وزارة الخارجية والمغتربين في 19 تموز الماضي وهي أوضحت ذلك حينها. وعليه، وجّه الجيش كتاباً إلى مجلس الأمن عبر الخارجية، يطالب بإلغاء مصطلح ترسيم الحدود واستبداله بإظهار الحدود وإلغاء تسمية الجزء الشمالي من بلدة الغجر واستبدالها بخراج بلدة الماري».

من الناقورة إلى الغجر

وفي إطار الحملة اللبنانية، نظّم الجيش أمس جولة لممثلي سفارات الدول الخمس في لبنان على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، شارك فيها السفير الصيني تشيان مين جيان وملحقون عسكريون وقائمون بالأعمال في سفارات الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا وسويسرا والبرازيل. بدأت الجولة من أمام النفق في رأس الناقورة، حيث استمع الدبلوماسيون إلى عرض من ضباط الجيش لتاريخ النفق الذي بناه الجيش الإنكليزي عام 1942 لنقل العتاد والجنود بين سوريا وفلسطين خلال الحرب العالمية الثانية. وقد أُقفل بقرار لبناني عام 1948 إثر نكبة فلسطين، واحتلّه العدو في اجتياح عام 1978، وبعد تحرير عام 2000، لم يسترد لبنان سيادته على المنطقة الممتدة داخل النفق حتى 90 متراً، منها 20 في الأرض المحرّرة و70 في الجانب المحتل. في حين أن الخط الأزرق يمر فوق وسط رأس الناقورة وينحدر حتى البحر حيث تقع نقطة B1، أولى النقاط اللبنانية المتحفّظ عنها.

وفيما كان الضباط يستعرضون الحقوق اللبنانية في البر والبحر، خرق زورقان إسرائيليان المياه الإقليمية اللبنانية على مرأى ممثلي الدول العظمى. وأخذ البحّارة يجوبون بالزورقين ذهاباً وإياباً في المنطقة البحرية المتحفّظ عنها المحاذية لخط الطفافات الذي استحدثه العدو وأصرّ لبنان على اعتباره خط انسحاب. وشكا الضباط للدبلوماسيين بأن العدو «يمنعنا من استخدام الجانب اللبناني من النفق»، فيما هو يستخدمه كله من جانب روش حانيكرا ويضع مضخّات للهواء داخله يسمع هديرها إلى الجانب اللبناني وينشئ مرافق سياحية، بينما الجانب اللبناني منطقة عسكرية جرداء مغلقة أمام المدنيين.

المحطة الثالثة كانت على طريق العباسية – الغجر المعروفة بـ SD1، وهي المرة الأولى التي يتواجد فيها وفد رسمي منذ عام 2006، ويُسمح للمدنيين وللجيش على السواء بسلوك الطريق المحاذية لبلدة الغجر المحتلة. استثنائياً، عبرت مواكب الدبلوماسيين وحافلات الإعلاميين من سهل الماري باتجاه الغجر مروراً بالمعبر الذي تقيمه قوات اليونيفل على مدخل الطريق. على طريق إسفلتيّ بمحاذاة السياج الشائك الجديد الذي استحدثه العدو لضم الجزء الشمالي من الغجر، وقف عدد من الأهالي على أسطح منازلهم في الجانب المحتل، يستمعون مع الدبلوماسيين إلى عرض ضباط الجيش الذين شرحوا أن الغجر بلدة سورية تقع في الجولان المحتل. وخلال الاحتلال، تمدّد عدد من الأهالي في خراج بلدة الماري وبنوا منازلهم واستقروا فيها. وبعد تحرير الجنوب، اصطُلح على تمييز الحي الجديد بالجزء اللبناني الشمالي من بلدة الغجر. حتى عام 2006، كان الخط الأزرق يمر في وسط الغجر فاصلاً بين الجزء السوري المحتل والجزء اللبناني المحرّر. لكنّ العدو قام عام 2006، بضم الجزء اللبناني كأمر واقع من دون تسييجه، مستفيداً من الخط الدفاعي الذي أمّنته اليونيفل بقطع الطريق المحاذية له أمام الجيش والمدنيين.

أحد الضباط اللبنانيين قال لـ«الأخبار» إن قيادة اليونيفل «تمّنت على الجيش إبقاء الطريق مغلقة. فهي قامت بشقّها عام 2006 لتتنقّل من خلالها بين مواقعها في الماري والعباسية». ووعد بأن «تُفتح الطريق قريباً، لكن ليس الآن. فالدول المعنية باليونيفل لا تريد وقوع استفزازات من قبل عابري الطريق باتجاه الجانب المحتل. لأنها ستصبح النقطة الأكثر احتكاكاً على طول الحدود».
عبر الطريق المختصرة هذه، توجّه الموكب نحو موقع الوحدة الهندية في مزرعة بسطرة المحرّرة في مزارع شبعا. المزرعة التي ترتفع أكثر من 1200 متر، تشرف على سهول المجيدية والماري والغجر والجليل الأعلى في فلسطين. كما تشرف على إحدى الخيمتين اللتين نصبتهما المقاومة عند تخوم مزارع شبعا. استمع الدبلوماسيون كثيراً وعلّقوا قليلاً. وقابل هدوء الوفود الدبلوماسي غضب رئيس بلدية كفرشوبا قاسم القادري الذي وقف ينتظرهم عند مرور مواكبهم. وقال: «كيف يأتي هؤلاء ولا يستمعون لنا نحن أصحاب الأرض التي يقفون عليها؟»، مشيراً إلى أن بسطرة ومزارع شبعا تتبع لكفرشوبا «التي يقارع أهلها اعتداءات العدو اليومية».

العدو يكرّر تهديد لبنان: حاولوا ضربنا في الغجر
في موازاة الجولة الميدانية التي نظّمها الجيش اللبناني لممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي المعتمدين في لبنان، على الخط الأزرق مع فلسطين المحتلة، جال وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت على الحدود مع لبنان، وأطلق تهديدات مكرّرة ضد حزب الله، مشيراً إلى أن جيشه قادر على «إعادة لبنان إلى العصر الحجري (…) لن نتردّد في استخدام كل قوتنا، ونقضي على كل شبر من حزب الله ولبنان إذا اضطررنا إلى ذلك». وأضاف: «لا نريد الحرب، لكننا مستعدون لحماية مواطنينا وجنودنا وسيادتنا».
الإعلام العبري الذي غطّى الجولة أشار إلى أن تهديدات غالانت «غير عادية»، وأتت بناءً على «معلومات استخبارية حول أفعال قد ينفذها حزب الله». وربط بين التوتر عند الحدود مع لبنان والضربات الإسرائيلية في سوريا، إذ تفرض إسرائيل «ثمناً باهظاً على الإيرانيين في هجماتنا في سوريا. لذا يضغطون على حزب الله في لبنان لشن هجوم على السياج أو إشعال النار في حادث ما على الحدود».
وفي هذا السياق، أشارت قناة «كان» العبرية إلى أن صاروخين مضادين للدبابات استهدفا قبل شهر 3 جيبات عسكرية كانت تقوم بدورية قرب قرية الغجر، و«انفجرا قرب الجدار». وزعمت أن المجموعة المنفّذة «مرتبطة بفصيل فلسطيني». كما أشارت «القناة 13» العبرية إلى أن «إسرائيل رصدت تحركات لقوات الرضوان الخاصة»، وأن «إسرائيل تقدّر أن خطر التصعيد يتزايد، على الرغم من أن إسرائيل وحزب الله لا يريدان حرباً». ولفتت «القناة 14» إلى أن «إسرائيل تناقش هذه الأيام ما إذا كان من الصواب المبادرة بشيء ما على الجبهة الشمالية أو ترك الوضع على نار هادئة».

المصدر: آمال خليل – الأخبار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!