هل يفعلها لبنان ويفتح حدوده البحرية للاجئين؟

 

صدى وادي التيم-لبنانيات/

في الشهر الثالث من العام 2011 بدأت عملية النزوح السوري الى لبنان مع تطور الاحداث في سورية والتي توسعت بشكل دراماتيكي وأرغمت ملايين السوريين الى الهرب من مناطقهم بحثا عن الآمان. في تلك الايام انقسم لبنان بين جبهتين: الاولى كانت ضد النظام في سورية وركبت موجة الربيع العربي وأصرت على تسهيل انتقال النازحين الى لبنان رافضة أي تحرك من قبل السلطات المعنية للتدقيق بهوياتهم أو تنظيم أماكن اقامتهم. وهذه الاطراف التي زارت عرسال متضامنة معهم والتقت من ساند الارهابيين منهم، كانت رأس حربة لأي مشروع يُنادي بتنظيم هذا الملف ولو بالحد الادنى ضبط تحركات النازح عبر انشاء مخيمات على غرار ما حصل في الاردن وتركيا، بل كان اصرار هذا الفريق مدعوما من دول اوروبية على اقامة مناطق آمنة بين لبنان وسورية، في خطوة لاقت رفضا قاطعا من البعض، فما كان من النازح الا الاستفادة من التخبط الرسمي لمعالجة هذا الملف والتغلغل أكثر في المجتمع اللبناني.

اما الطرف الثاني الرافض لأي استقبال للنازحين السوريين مع بداية الازمة في بلدهم، تصدى لمواقف الطرف الاول، وترافق ذلك مع موجة شعبوية تُنادي بحقوق النازح الذي كان يُعاني من النظام وبطشه، فكان الاجدى باللبنانيين برأي الطرف الاول مساندة هؤلاء لا اعادتهم الى بطش نظامهم، وتكفلت المنظمات الدولية والجمعيات المدعومة من الدول الخارجية بهذا الملف وأخذته على عاتقها ومنعت الدولة عبر ضغط الرأي العام وتواطؤ بعض الاطراف، من التدخل في هذا الملف وكانت تلقى الدعم من الحكومات التي تعاقبت بعد العام 2011 بحجة احترام الاجماع العربي ضد النظام السوري وضرورة احتضان المعارضين لهذا النظام من النازحين.

تطورات كثيرة طرأت على المشهد، من احتلال مجموعات ارهابية الجرود عند الحدود الشرقية في البقاع وصولا الى محاولة احتلال بلدة عرسال وخطف العسكريين. تحوَّل الهم اللبناني في هذه الحقبة نحو الجرود مع وجود خطر أمني على لبنان كانت تترجمه المجموعات الارهابية بتصدير السيارات المفخخة نحو المناطق لاسيما الضاحية الجنوبية، اضافة الى محاولات لاحتلال بعض القرى المتاخمة للحدود وأبرزها بلدة القاع في العام 2016.

وفيما انشغل لبنان في تلك الفترة بالتصدي للارهاب وقام بتحريرالجرود في عملية “فجر الجرود” عام 2017، كان النازح السوري يسعى الى الاندماج أكثر في المجتمع اللبناني مدعوما من المنظمات الدولية التي لا تزال الى اليوم تسانده عبر الاموال التي يتقاضاها كلاجئ، وفي الوقت نفسه كانت الجهات المانحة تُصر على ضرورة اشراكه بأي عمل داخل لبنان كشرط لاعطاء القروض او المنح المالية تحت طائلة سحبها واقفال الصناديق بوجه لبنان، وهو ما يشكو منه عدد كبير من الوزراء المعنيين عبر وزاراتهم بملف اللاجئين.

اليوم لم يعد هناك انقسام على ضرورة اعادة النازح الى بلاده، ولكن قناعة البعض وصلت متأخرة خصوصا وأن الدول الاوروبية مُصرة على موقفها بضرورة دمج النازح السوري في لبنان ورفض اعادته الى سورية، في خطة يصفها مصدر وزاري بالممنهجة الغاية منها توطين هؤلاء في المرحلة المقبلة، خصوصا وأن عوامل كثيرة تساعدهم على ذلك وأبرزها اندماج جيل كامل بات اليوم بعمر الـ 12 سنة ولا يعلم أي شيء عن بلاده، وفي حال استمر الوضع على ما هو عليه فإن السنوات الاربع المقبلة كفيلة بمنع ابن الـ 16 سنة العودة الى بلاد لا يعرفها ويُصبح “ابن البلد”.

ومع القرار الذي اتخذه النواب الاوربيون بالاجماع والذي خلص الى ضرورة ابقاء السوريين في لبنان، تعززت المخاوف من تقدم سيناريو توطين هؤلاء، وربط ذلك برزمة مساعدات للبنان من أجل هذا الغرض. غير أن مصادر حزبية معارضة للقرار الاوروبي تحذر من تسونامي سوري قادم نحو أوروبا ومصدره لبنان، وتُذكر البرلمان الاوروبي بالاجراءات التي تتخذها الدولة اللبنانية لمنع هجرة هؤلاء الى اوروبا عبر قوارب الموت، لافتا الى أن هذه  الاجراءات قد تتراجع بشكل مفاجئ من خلال لجوء الدولة الى “قبة باط” لقوارب الهجرة غير الشرعية وبرحلات اضافية قد تكون على مدار الساعة في حال استمر التعنت الاوروبي القاضي بضرورة ابقاء النازحين في لبنان، وهنا تسأل المصادر : هل تتحمل تلك الدول ما قد تحمله القوارب من مشاريع تؤسس لأزمة كبيرة داخل المجتمعات الاوروبية التي تخشى من “نائل” جديد قد يُفرخ في أي بلد منها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!