أعباء النازحين السوريين على البلديات تتزايد والمنظمات الدولية تتراجع في المنح
صدى وادي التيم-لبنانيات/
يرسم رؤساء بلديات بعلبك – الهرمل ورؤساء اتحاداتها صورة متشائمة وقاتمة عن مستقبل مجالس بلدياتهم وسكانها في ظل استمرار تواجد النزوح السوري فيها. وتم تلخيص هذه الصورة بعدما أدركوا جيداً من خلال قرارات دولية، ومحلية، ووفق ما نقلته اليهم الجمعيات المانحة، “نهاية زمن تزويد البلديات بالهبات العينية والمادية حيث سيحلّ زمن القروض الميسرة”.
هذه المعطيات غير المطمئنة تكشف مشهدية التكاليف الباهظة والمرتفعة التي تتكبدها البلديات أكثر فأكثر، والتي تمتد إلى معظم المؤسسات في لبنان، حيث لا يخفي رؤساء بلديات المحافظة واتحاداتها تأثير المعاملة الإستنسابية الخاطئة لقمة هرم السلطة السياسية اللبنانية خلال تعاملها مع ملف النزوح، والاجماع على إضفاء الشرعية على وجود النازحين من خلال المعاملات الإدارية الخاصة بالنازحين في المديرية العامة للأمن العام، واستمارة المسح والتسجيل الصادرة عن وزارة الداخلية لإجراء تعداد شامل للنازحين المقيمين في نطاق بلديات المحافظة.
وفيما تتحدث الجهات المعنية عن حجم الضغوط والأعباء الملقاة على كاهل المؤسسات الأمنية وفي مقدمها مديرية الأمن العام، من خلال متابعة هذا العدد الكبير من النازحين وتعاملاتهم الإدارية، تثار تساؤلات كثيرة مثل: كيف ستواجه البلديات وما مدى قدرتها على الصمود في أيام الندرة المالية مع تدفق النازحين وارتفاع عدد المواليد؟ ولا أحد بامكانه أن يستخف بالانهيار المالي وتدني الجباية لدى البلديات الى حوالى 15٪ في بلدياتها الكبرى والتي لا يتجاوز عددها عدد اصابع اليد، بينما لا تصل إلى 7 ٪ في البلديات الأخرى.
ويؤكد محافظ بعلبك – الهرمل بشير خضر أن الحل هو في أن تستمر هذه البلديات بزيادة رسومها بما يُسمح لها. في حين يعتبر رئيس إتحاد بلديات دير الأحمر جان فخري ان البلديات “كإدارة محلية، في ضوء ما تعانيه من هذه الأزمة الاقتصادية، يجب أن تركز على وجوب أن يتحمل النازحون التزاماتهم في ما يتعلق بالبنى التحتية من خلال دفع جميع الرسوم، مثل المواطن اللبناني”.
ويرى المسؤول عن ملف النازحين في “حزب الله” النائب السابق نوار الساحلي أن أي “عملية تكليف بلديات في ما خص النازحين، هي هروب للحكومة ووزاراتها ذات العلاقة، لأن 90 في المئة من هذه البلديات فقيرة ومعظمها ليس لديه الإمكانات المادية واللوجستية لاستمرارها وللجباية ربما، ولا يستطيع الاستمرار إلا 10 في المئة منها التي تملك المرافق والخدمات السياحية الكبيرة”.
وعما تقوم به هذه البلديات من جمع استمارات التعداد، يوضح أن “الأمر يحتاج إلى العديد من الموظفين، فمن يستطيع إجراء التعداد والزيارات الميدانية للمخيمات ومعرفة مكان إقامتهم؟ لأن المخيمات لا تحتوي على النازحين كافة، هناك من يعيش داخل أحياء وشقق، أما في بعلبك – الهرمل، فإن النسبة الكبرى من النازحين تقع ضمن نطاق البلديات الأفقر، بما في ذلك البلديات المنحلة مثل عرسال، وبالتالي على الحكومة والرئيس المنتخب في المستقبل التوجه إلى سوريا لحل القضية سياسياً”.
في المقابل، يوضح مصدر معني لـ”النهار” ان السماح للبلديات برفع الرسوم من دون تشريع قانوني هو عملية تشريع للفوضى، حيث سترفع كل بلدية بحسب أهواء مجلسها، وستكون ضربة للدولة ومؤسساتها إذا لم تلجأ إلى وضع معايير موحدة على المستوى المركزي، وترك الأمر للقرارات الإستنسابية. وفي ما خص الاستمارة، يرى أنها عملية تكليف البلديات بمهمات تفوق طاقتها، وتتطلب فريق عمل متخصصاً وكبيراً، في ظل الصعوبات المالية التي تواجهها. ووصف إمكان استكمالها بالدقة المطلوبة بأنها “مستحيلة”، مشككاً في مدى جدية تطبيق مسح وزارة الداخلية وما يتضمن من مغالطات نتيجة عدم جدية بعض البلديات التي عملت على تعبئة الاستمارات من دون اي عملية مسح، فيما البعض يعتمد على الإحصاء القديم، نظراً الى عدم قدرتها على اتمام الأمر كما يجب. وحول الحديث عن إضفاء الشرعية على النزوح بقرارات الأمن العام، أكد مصدر أمني أن الأمن العام يؤدي واجبه ويعمل بمسؤولية وكما ينبغي وبطريقة غير انتقائية، باعتبار أن القانون هو قلب القيادة ومحركها لحماية حقوق كل إنسان لبنانياً كان أم أجنبياً على التراب اللبناني وفق القوانين اللبنانية. وأوضح أن وظيفة الأمن العام هي تنفيذ قرار السلطة التنفيذية، والدليل على ذلك قرار الحكومة تشكيل وفد رسمي برئاسة اللواء الياس البيسري الذي من المقرر أن يزور سوريا في المستقبل القريب، لمعالجة قضية النزوح، حيث إن طبيعة المهمات الموكولة اليه تفرض العمل على المسارات الأمنية والإدارية. لذلك فهو قرار سياسي واضح اليوم، خصوصاً أن عملية التنسيق بين الأمن العام وجهاز الأمن السوري لم تعد محصورة بالجانب الأمني، كما كانت الحال سابقاً، مما يؤكد جدية الدولة في العمل على الملف، ومنه ستكون عملية “العودة الآمنة”.
ويعتبر رئيس بلدية القاع بشير مطر أن الحل لا يمكن أن يكون في انتظار قرار سياسي أو قرارات من الاتحاد الأوروبي وغيره، وعلى البلديات تحسين عملية التحصيل رغم أنه ليس من السهل القيام بذلك. ويشير إلى أمرين جديين: “التلوث البيئي من خلال نفايات النازحين والصرف الصحي، وعلى سبيل المثال لا الحصر فان النازحين في القاع وحدها يرمون 650 حفاضاً يومياً، وإعادة النظر في السياسات التي اتبعها المعنيون منذ عام 2011 وخصوصاً سياسة القطاع التربوي حيال هؤلاء النازحين، حول المبادئ التربوية ولا سيما منها الدينية والسياسية”.
المصدر: النهار – لينا اسماعيل