لبنان والمنطقة نحو مرحلة جديدة… وجنبلاط التقط “الإشارة”
صدى وادي التيم – لبنانيات /
كل المستجدات والمؤشرات التي طرأت وتلوح في المنطقة، تدل إلى أنها مقبلة على مرحلةٍ جديدةٍ، بعد أفول حقبة “داعش” أم “الربيع العربي”، و”ثورات NGOS” أم “مرتزقة السفارات” من دون سواهم، تحديدًا في لبنان والعراق، وهذه العبارة لا تشمل المواطنين الشرفاء الذين نزلوا إلى الشارع، مطالبين بمكافحة الفساد، ورحيل منظومته المتحكّمة بمفاصل كل مؤسسات وإدارات الدولة في لبنان منذ نحو أربعة عقود.
وأبرز هذه المستجدات، كان إعلان وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان عن تقدّمٍ جديٍ في المفاوضات غير المباشرة مع إيران، لإنجاز صيغةٍ من صيغ الاتفاق على الملف النووي. وسيزور سلطان عمان طارق بن سعيد طهران، وسط معلوماتٍ عن قيامه بمساعي الوساطة لإنجاز اتفاقٍ، تقول بعض التقارير إنه “نسخة منقحة من الاتفاق الأصلي الموقع في عام 2015”.
وقبل ذلك كانت استعادة سورية لمقعدها في جامعة الدول العربية، و مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد في القمة العربية (32)، التي انعقدت في جدّة في المملكة العربية السعودية في الأيام الفائية، والحفاوة التي لاقها من المسؤولين السعوديين، وفي طليعتهم ولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان.
سبق هذا الحدث، الاتفاق على إعادة تفعيل العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض، برعاية بكين.
وهذا يسجّل كأول دورٍ سياسيٍ بارزٍ تؤديه الصين في المنطقة. ولاريب أن هذه التطورات الأخيرة، ما كانت لتحدث بدون “قبة باطٍ” أميركيٍة. فمعلوم أن البراغماتية في السياسية الأميركية التي تنتهجها واشنطن، دفعتها الى التسليم بواقعيةٍ بفشل حربها على سورية، و”ثورة مرتزقتها” في لبنان في شكلٍ خاص، التي استهدفت رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون، ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، حليفي المقاومة.
ولاريب أن صمودهما في وجه “ثورة الـ “NGOS” التي كانت تستهدف حلفاء المقاومة في لبنان من خلال محاولة شيطنتهم، أسهم هذا الصمود بقوةٍ في إفشال “مشروع ” الحرب الأميركية التي تستهدف محور الممانعة ككل، الذي يشكّل فيه حزب الله ركنّا أساسيًا.
أضف إلى ذلك، فإن السعودية تنتهج سياسيةً متوازيةً في علاقاتها الدولية مع الولايات المتحدة من جهةٍ، والصين وروسيا من جهةٍ أخرى، خصوصًا لجهة حفاظ المملكة على علاقاتها التجارية مع واشنطن.
بالعودة إلى الشأن السوري، ففي الواقع، لقد انتصرت سورية ميدانيًا وسياسيًا، وها هي تستعيد دورها في المنطقة، وتجري محادثاتٍ مع تركيا ومع الأكراد، لإنهاء الخطر التكفيري، واستعادة كل الأراضي السورية إلى كنف الدولة.
ويبقى الإنجاز الأهم، هو إسهام الدول الصديقة لسورية في رفع الحصار الاقتصادي الجائر عن شعبها، بالإضافة إلى تضافر جهود هذه الدول في مساعدة سورية على إنهاء وجود كل الاحتلالات المتبقية على الأراضي السورية. لذا، تركز سورية راهنًا على أوضاعها الداخلية قبل الإقليمية، تحديدًا الوضع اللبناني، خصوصًا لجهة المساعدة على إنهاء الشغور الرئاسي.
وفي هذا الصدد تؤكد مصادر عليمة أن دمشق تؤيّد إجماع اللبنانيين عمومًا ووحدة موقفهم حيال الشأن الرئاسي اللبناني، كذلك تعتبر أن حلفاءها وفي مقدهم حزب الله أعلم بالشؤون الداخلية اللبنانية، على قاعدة المثل الشعبي القائل: “أهل مكة… أدرى بشعابها”.
ومن الواضح مدى تمسك “الحزب” بإيصال رئيس جمهوريةٍ عتيدٍ لا يطعن المقاومة بالظهر، ومساعي فريق المقاومة المستمرة لتحقيق هذه الغاية، على وقع الإنجازات التي حققها محور الممانعة في المنطقة ككل، خصوصًا لناحية احتمال إعادة تفعيل الاتفاق النووي الإيراني، واستعادة دمشق لمقعدها في “الجامعة العربية”.
بناءً على ما ذكر آنفًا، تؤشر كل هذه التطورات المذكورة إلى أن المنطقة مقبلة على مرحلةٍ جديدة، قرأها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، فبادر إلى الاستقالة من رئاسة الحزب، كي لا تأتي أي تسويةٍ جديدةٍ في المنطقة على حسابه، واستعدادًا منه لمواكبة هذه المرحلة بوجوهٍ حزبيةٍ جديدةٍ، لم تتورط في الحرب على سورية، وأبرز هذه الوجوه، نجله النائب تيمور جنبلاط.
مع العلم ألا بشائر حل للأزمة الرئاسية اللبناني تلوح في الأفق القريب، خصوصًا لجهة التدخل العربي لحلها، كون سورية مهتمة أولًا بترتيب بيتها الداخلي كما ورد آنفًا.
كذلك فإن المملكة السعودية لم تجر أي تغييرٍ في أدائها الدبلوماسي إزاء لبنان، أي لايزال سفيرها في بيروت وليد البخاري هو المعني الأول في التعاطي في الشأن اللبناني، ولم يتطور إلى مستوى وزير خارجية، كما كان الوضع في زمن “الطائف 1989″، كذلك لم تستدع المملكة أي شخصيةٍ لبنانيةٍ للتفاهم على إنهاء الشغور الرئاسي وسواه، وسط فقدان الأطراف اللبنانيين المبادرة الآيلة إلى الحل المرتجى.
حسان الحسن – الثبات