المستشفياتُ والقتلُ المتعمَّد للمرضى..
صدى وادي التيم-لبنانيات
تحوَّلت المستشفياتُ في لبنان إلى ما يُشبه البنوكَ المقفلة أمام أموالِ المودعين حيث باتت تأخذُ ولا تُعطي إلا القليل، حجزت أرواح الناس في صناديق الدولار الخشبيّة وتلاعبت بالأجساد المُثقلة المريضة حتى وصول الكثير منها الى الصناديق الخشبية التي اختارت تراب الوطن مكانا لها لا تصل إليه الشمس.
أما الحقيقة فباتت واضحة كالشمس، انهيار كامل للقطاع الصّحي في لبنان رافقه غيابٌ قسري لأطباء متميّزين هاجروا البلاد بحثًا عن الذات المفقودة بعد العام 2017 حين بدأت الدولة تتآكل في كل قطاعاتها وأولها القطاع الصّحي الذي تعرّض لضغوطات مصيرية بعد جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت. هاجر الأطباء الأكفاء وذُبِح المرضى الفقراء على أبواب المستشفيات، وتحوّلت العناية الصّحية الى مجرد وجهة نظر عند معظم اللبنانيين الذين باعوا أثاث منازلهم لإجراء عمليّات جراحية تكاد لا تتخطى حدود عمليّة ولادة قيصرية أو حتى ولادة طفل بشكل طبيعي. أما الموت المحتّم فكان من مصير مرضى السرطان الذين حُجزت أدويتهم في مستودعات تجار الأرواح والدم والسلطة ومافياتها. قُتِلوا عمدًا في مستشفيات لم تعد تمتلك الإمكانات والمعدّات والأدوية، كما قُتل الأبرياء في غرف الطوارىء وهم ينتظرون رحمة دخولهم إلى غرف العمليات والعلاج الفوري..
أما النتيجة فكانت الموت في سبيل حفنة من الدولارات التي حولت المستشفيات إلى مراكز تجارية تبيع وتشتري في سبيل الرّبح وتراكم الثروات.
نحن نعيشُ في عالمِ (لبنان) حيث الطبيب يدمّر الصّحة والمحامي يدمّر العدالة والجامعة تدمّر المعرفة والحكومة تدمّر الحريّة والصحافة تدمّر المعلومة والدين يدمّر الاخلاق والبنوك تدمّر الاقتصاد، طالما النّظام فاسد فبِلا شكّ نحن فاسدون. (كريس هيدجز).
هنا أضفت إلى هذا النص الذي كتبه “هيدجز” إسم لبنان لأنه يُترجم حقيقة الواقع الذي نعيشه، كما يختصر علينا الرّبط المنهجي والعلمي بين وضع القطاع الصّحي في لبنان وباقي القطاعات التي وصلت في معظمها إلى الإنهيار.
نُنهي هذا المقال بقول لنوال السعداوي: “ليس الطبّ سلعةً وليس النجاح مالاً وشهرة , الطب هو أن أمنحَ الصّحة لكل من يحتاج الصّحة بلا قيود ولا شروط , والنجاح هو أن أمنحَ ما عندي للآخرين”.