لبنانية تطرّز شعارات الأزمات على الحقائب بطريقة ساخرة ولاذعة

صدى وادي التيم-لبنانيات/

أجبرت الأزمة المعيشية الخانقة زاهرة فخر الدين على التأقلم مع تداعياتها السلبية، بعدما حوَّلت الأشغال اليدوية والتطريز إلى وسيلة للتعبير عن الواقع المرير بشعارات لافتة لا تخلو من التهكّم بطريقة لاذعة، ما جذَبَ الناشطين والأجيال الصاعدة إلى شرائها كتعبير عن الاعتراض.

وزاهرة التي لم تزدهر أشغالها في خضم الضائقة المعيشية بسبب الركود وتراجع القدرة الشرائية لدى اللبنانيين وقبلها تفشّي جائحة كورونا والحجر والاجراءات الوقائية، عانت كما مختلف المواطنين من ضنك العيش، أقفلت محلّها في صيدا وعادت إلى منزلها تعمل من داخله لكسب كفاف العيش، إلى أن ابتدعت طريقة للتعبير عن آمال وآلام الشباب وشعاراتهم وعباراتهم الساخطة.

“ظهور متحوّر جديد اسمه افلسنا… أنا أوّل حالة مؤكدة”، “أسرع شيء بالمجرة معاشي”، “بعمرك ما تفقد الأمل هو بروح لحالو”، “الحياة صعبة ولكنها جميلة”، “الوضع ريلاكس”، وسواها من العبارات التي قامت زاهرة بتطريزها على حقائب يدوية (باغ)، إلى جانب أشغالها اليدوية من الاكسسوارات لتكسب رزقها.

وتقول زاهرة لـ “نداء الوطن”، إن الفكرة في الأصل كان هدفها تحفيز جيل الشباب على الكتابة باللغة العربية، والمحافظة على كلماتها سليمة وقواعدها صحيحة، بعيداً عن لغة الشات والانترنت بالأحرف الاجنبية الممزوجة بالأرقام، لتصبح كلمات غير مفهومة لدى الكثير من كبار السنّ وكأنّها لغة جديدة لعصر العولمة.

البداية كانت الكتابة على الأكواب (ماغ) والقمصان (تي شرت)، تقول زاهرة، قبل أن تتراجع بسبب ارتفاع أسعارها واختلاف أحجامها وألوانها، فتطوّرت الفكرة سريعاً إلى الحقائب، في محاكاة لجيل الشباب بطريقة مختلفة، عبر الريشة وتطريز عباراتهم الشهيرة التي تلامس الواقع المرير بدءاً من الانهيار الاقتصادي مروراً بتفشي كورونا وانفجار بيروت الكارثي، وصولاً إلى انهيار العملة اللبنانية ارتباطاً بالارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار في السوق السوداء”.

وخلال الأزمة المعيشية، ابتدع اللبنانيون طرقاً كثيرة للتعبير عن سخطهم بموازاة نزولهم إلى الساحات والشوارع في تحركات احتجاجية شعبية مع تراجع خدمات الدولة، وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات الواتساب وغيرهما بكثير من التعليقات كفشّة خلق في بلد مأزوم.

لا تخف زاهرة أنّ لكل شعار سبباً، وتقول: “على سبيل المثال لا الحصر، ظهور متحوّر جديد اسمه أفلسنا… أنا أوّل حالة مؤكدة، تذكير بعبارة اشتهرت في زمن كورونا وظهور متحوراته، ولكن هذه المرّة ليست صحياً بل معيشياً، من خلال تفشي ظاهرة الإفلاس بسبب البطالة والركود وهي حالات مؤكدة باتت تنتشر بين كثير من العاملين وفي مختلف المناطق اللبنانية، بينما تشير عبارة أسرع شيء بالمجرّة معاشي، إلى أن رواتب الموظفين لم تعد تُساوي شيئاً، بعدما فقدت العملة اللبنانية قيمتها وقدرتها الشرائية امام الدولار وجنون الغلاء”.

تخلص زاهرة إلى عبارات أشدّ إيلاماً، انه لا مستقبل زاهراً في هذه الاوضاع المأسوية، وقد باتت عبارات “ما تحاول تشق طريقك للمستقبل… اصبر والمستقبل رح يشقك انت وطريقك”، “طنش تعش وتنتعش”، “مش فارقة معاي”، “بتهون”، “متعصبنيش”… تنتشر بين الناس كالنار في الهشيم كتعبير عن التهكّم والسخرية معاً، قبل أن تردف: “الحياة صعبة… ولكنها جميلة”، في محاولة لبث روح الأمل في زمن اليأس والعزيمة في عصر الاحباط، عسى أن يستعيد لبنان وأبناؤه مجدهم وحياة الرفاهية السابقة.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!