حياة شبه “طرزانية” لشابّين جنوبيين

صدى وادي التيم – لبنانيات/
هي حياة شبه “طرزانية”، لشابّين جنوبيين، أخذا القرار المجنون، ليصبح الحلم حقيقة من خشب، وحبال، وأغطية، وغيتار. هكذا اتفق يوسف يونس وعلي غندور على اعتزال الحياة المدنيّة، ليعيشا في الطبيعة ومعها، بما يتضمنه الأمر من فلسفة مبسطة، مفادها، الانصات لجميع تلك الأصوات، من حفيف، ومواء، وعواء، ونقيق، وهدير…فعقدا معها اتفاقاً بأن لا يؤذونها، ولا تؤذيهم.
في العام 2016، تم اختيار المكان، عند الطرف الجنوبي من بلدة أنصار، وراحا يمهّدان الأرض لبناء القواعد الرئيسية، ثم شرعا بجمع الأخشاب من كل حدب وصوب، ليحققّا قرارهما الضمني، بعدم انفاق أي مبلغ يذكر على هذا المكان، فتمّت عملية إعادة التدوير للكثير من القطع المرميّة هنا وهناك، حتى المسامير كانت من بقايا عمّال الورش، فأعادوا طرقها لتعتدل التواءاتها.
رسميّاً أطلق علي ويوسف على ذلك المكان اسم “الكوخ”، فسكناه لما يقارب السنتين، مستخدمين أدوات بسيطة لجمع بعض الثمار، والأعشاب، لطهيها على موقد الحطب، المجاور للمكان.
وقتذاك اقتنيا كلاباً عدّة: ليث وقمح، وبراندي. هناك كان العيش لحظة بلحظة، بعيداً عن الفواتير، والأقساط، وكل ما هو معلّب، ومصنّع. “كانت فترة سلام، وهدوء، وطمأنينة، بلا انشغالات بالمستقبل. أكبر همومنا كانت جمع الحطب، قطف عناقيد العنب من عريشة مجاورة، والتحضير للسهرة مع النار والغيتار، حيث يزورنا الأصحاب، إذ صار كوخنا مزاراً للأصدقاء” يقول يوسف يونس. من ناحيته، كان علي غندور (بشعره الطويل، ولحيته الشقراء) يفلسف هذا النمط من العيش، كأنها عملية استقلال عن كل ما تم تلقينه واعتماده في المجتمع.
ثمّة من توجّس من كل هذا، فكثر الكلام، ونسجت الشائعات، لتنتهي المغامرة، ويضطرّا لهدم الكوخ، بعيون دامعة، خشبة خشبة، كما بنياه. “لقد هُدم الكوخ، لكن صرحاً عظيماً بني بداخلنا، وإلى الأبد” قال علي غندور.
عبد الحليم حمّود – مناطق نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى