تقنين الاتصالات والانترنت: السنترالات قد تتوقّف.. وماذا عن الفواتير؟!
اعتاد اللبنانيون تقنين الكهرباء منذ ما قبل الأزمة الراهنة. لكن المستغرَب هو تقنين الاتصالات والانترنت، حيث تُحَدَّد ساعات التغذية وتختلف بين المناطق بحسب القدرة على تأمين المازوت لتشغيل السنترالات. إلاّ أن التقنين قد يتحوَّل إلى انقطاع شامل رغم تأمين المازوت، فأعمال الصيانة وباقي الخدمات مهدّدة بالتوقُّف، بفعل اعتكاف الموظّفين الذين قرّروا تنفيذ الإضراب بدءاً من يوم الاثنين 20 آذار.
أوجيرو كالكهرباء
تكمن مشكلة الكهرباء بعدم تأمين الفيول بسبب تدهور قيمة الليرة وعدم القدرة على شراء الكميات المطلوبة لزيادة ساعات التغذية. الحال نفسه بدأت تلتمسه هيئة أوجيرو، ما يتسبَّب بتوقُّف السنترالات. ولا تُسعِف بضع ساعات كهرباء الدولة بضمان استدامة تشغيل السنترالات بلا مولّدات، فتعلن أوجيرو بشكل شبه يومي خروج عدد من السنترالات من الخدمة، لحين تأمين المازوت لتشغيل المولّدات.
ولا مفرَّ أمام هذا الواقع من رفع تعرفة الاتصالات والانترنت، وفي حال الاستمرار في التعرفة الحالية “سنتّجه نحو خطى الكهرباء”، وفق ما أعلنه وزير الاتصالات جوني القرم في حديث إذاعي. فالقطاع ليس معزولاً عن تأثيرات الانهيار الاقتصادي. وحسب الوزير، فإن “الترابط موجود بين الاقتصاد والاتصالات”. علماً أن عملية رفع التعرفة التي أقرَّت العام الماضي، حدَّت من الخسائر ولم تمنعها بالكامل “فقبل رفع التعرفة، قمنا بدراسة وتوقعنا أن نخسر 26 بالمئة من حجم الاتصالات، إنما ما حصل هو أننا خسرنا 10 إلى 15 بالمئة بالداتا. واستمرارنا بهذا المنحى سيترك مشكلة حقيقية وسنخسر مشتركين”. أي أن حجم شراء المشتركين لباقات الاتصالات والانترنت تراجع مع ارتفاع التعرفة.
عدم تأمين إيرادات مناسبة لأوجيرو وصعوبة شراء المازوت بالكميات الكافية، يعني “حتمية انقطاع الخدمات”. ولتوزيع الخسارة بصورة عادلة “قد تلجأ أوجيرو إلى وضع برنامج تقنين للاتصالات والانترنت”، وفق ما تقوله لـ”المدن”، مصادر في أوجيرو.
التقنين يعني “توزيع كميات المازوت على أكبر قدر من السنترالات، وتحديد ساعات التشغيل، فيحصل المشتركون على خدماتهم لساعات معيَّنة، وتنقطع بعدها الاتصالات والانترنت بعد إطفاء السنترالات توفيراً للمازوت وأعمال الصيانة والتشغيل”.
عقدة رواتب الموظّفين
يقبض موظفو أوجيرو رواتبهم بالليرة. وكما سائر موظفي القطاع العام والمؤسسات التابعة للدولة، يرفعون الصوت بسبب تدنّي القدرة الشرائية لرواتبهم. لذلك يتوجّه الموظفون للتوقّف عن العمل يوم الاثنين المقبل، على أن يصدر قرارهم رسمياً بعد الاجتماع المرتقب يوم الجمعة 17 آذار. وعليه، قد تتوقَّف بعض السنترالات عن العمل بسبب عدم توجّه الموظفين لإجراء أعمال الصيانة أو تعبئة المازوت المتوفِّر للمولدات، وهو ما يشكّل عقبة سريعة أمام إدارة أوجيرو ووزارة الاتصالات.
وقرار الموظّفين “ليس اعتباطياً في هذه الظروف الصعبة”، كما تشير المصادر. فهُم “لا يستطيعون الوصول إلى مراكز عملهم نتيجة الارتفاع المستمر لأسعار المحروقات. بالإضافة إلى صعوبة تأمين التغطية الصحية بالليرة وأقساط المدارس ومواجهة غلاء أسعار المواد الغذائية وغير ذلك”.
وتضع المصادر وزارة الاتصالات أمام تساؤلات حول سبب موافقتها على دفع رواتب موظفي قطاع الخليوي بالدولار فيما رواتب موظفي أوجيرو بالليرة. مع أن قطاع الخليوي تملكه الدولة، وإن كان القطاع الخاص يديره.
ومن هنا، يربط الموظفون استمرارية خدمات أوجيرو بطاقة المازوت وطاقة الموظّفين، فتأمين الدولار لشراء المازوت يستوجب بالتوازي تأمين معيشة الموظفين لكي يستمرّوا بالعمل. ولا يُلزِم الموظفون وزارة الاتصالات بدولرة الرواتب كاملة، بل بإيجاد حل يتناسب مع الأزمة، سيّما وأن إيرادات الوزارة تتوزّع بين الليرة والدولار على غرار كلفة الاتصالات الدولية. وتدعو المصادر الوزارة إلى دولرة قيمة خدمات الانترنت التي تقدّمها للشركات الخاصة، بشكل كامل لأن “الشركات تبيع الخدمة لزبائنها بالدولار”.
إن كانت المولِّدات الخاصة تغطّي نقص كهرباء الدولة، فإن فواتيرها القاسية تشدُّ أنظار المواطنين إلى احتمال زيادة الضغط عليهم، في حال رفع كلفة خدمات أوجيرو التي لا تزال في متناول المشتركين، إذ يتراوح متوسّط الفواتير الشهرية بين نحو 200 و300 ألف ليرة. وأيضاً، لا يمكن لقطاع الخليوي تعويض الفجوة التي قد يتركها تدهور وضع أوجيرو، لأن خدمات الانترنت الشرعي في لبنان تأتي عبر أوجيرو، وأي تهديد لاستمرار العمل، يعني تهديد مصالح الكثير من الشركات والأفراد ومؤسسات الدولة. فالمسألة لا تنحصر باتصال عادي يمكن مفاضلة إجراؤه بين شبكة أوجيرو أو الخليوي.
المدن