لبنان الفلتان.. الدولار إلى 100 الف!
صدى وادي التيم – اقتصاد /
اما وقد لامس سعر الدولار في السوق السوداء امس سقفا خياليا اقترب من التسعين الف ليرة ويتهيأ لبلوغ المئة الف ليرة “الأولى”، فان ذلك وضع لبنان امام المتاهة التي تخوف الكثيرون من بلوغها والتي تنذر بالعجز المطلق عن لجم المرحلة الأخطر من الانهيار المالي بما يفتح أبواب كل الاحتمالات السلبية على غاربها وسط واقع تحول معه لبنان سفينة تائهة وسط الانواء في بحر هائج بلا ربان. من دون منطق تبريري للتحليق الناري المنفلت ومع واقع سياسي اخذ بالتدهور والانسداد تباعا، وبمواكبة واقع اجتماعي هو الأشد دراماتيكية منذ بدء تدحرج الانهيار قبل ثلاث سنوات ونيف، مضى الارتفاع الناري لسعر الدولار نحو سقف التسعين الف ليرة منذرا بتفلت عارم ترجمه فورا اشتعال اسعار المحروقات بارتفاعات مطردة على دفعتين تجاوز معها سعر صفيحة البنزين المليون ونصف المليون ليرة وذلك عشية بدء التسعير بالسوبرماركت في الدولار اليوم. كما ان الانعكاس الناري الاخر تمثل في اعتماد الحكومة لسعر 45 ألف ليرة لسعر صرف الدولار الجمركي، بدءًا من اليوم الأربعاء، أما السلع المستوردة باليورو فسيتم احتساب دولارها الجمركي بـ48,200 ليرة بدءا من اليوم أيضا. كما ان نقابة المستشفيات دقت جرس الإنذار حيال “خطر وضع المستشفيات على حافة الزوال” معلنة انها “لا ترى حلا الا بدولرة فواتيرها وفق الية تحفظ استمرارها وإمكان شراء الادوية واللوازم الطبية لتامين علاجات المرضى”.
إجراء عويدات
ومع ذلك لم تحجب هذه الصورة الدراماتيكية التطور القضائي المهم الذي برز امس مع ملامح “الحسم” القضائي لكف يد النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون عن الملفات المصرفية. اذ أصدر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات تعميما الى جميع النيابات العامة في كل المحافظات اللبنانية بما فيها النيابة العامة المالية ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، طلب بموجبه الامتناع عن طلب اي معلومة مصرفية لا تتعلق بالدعاوى العائدة لجرائم الفساد ومكافحة تبييض الأموال. ودعا النيابات العامة الى الامتناع عن طلب معلومات من المصارف لها صفة العمومية وغير متعلقة بوقائع مادية محددة. وشدد على عدم طلب أيّ معلومات تعرض أيّ شخص على نحو تعسفي أو غير قانوني لتدخل بخصوصياته أو تمس بشرفه وسمعته، مع التشديد على سرية المحافظة على الطلبات والمعلومات التي تم الاستحصال عليها من المصرف المعني والمحافظة على البيانات الشخصية، بالإضافة إلى تحديد هوية الأشخاص المعنيين بالطلب بشكل لا يثير اي التباس حول تشابه أسماء لدى المصرف المعني. كما وجه عويدات كتاباً الى القاضية غادة عون، يطلب منها فيه وقف إجراءاتها التحقيقية مع عدد من المصارف اللبنانية موقتا الى حين البت بالقضايا المثارة بحقها.
واعرب رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي عن ترحيبه بخطوة عويدات واعتبر انها “تشكل خطوة أساسية على صعيد معالجة الخلل القضائي الذي حتّم عليه توجيه كتابه الى وزير الداخلية بهدف وقف مسار خطير في استخدام القضاء والقانون لتصفية حسابات سياسية، ولم يكن القصد أبداً حماية أحد أو تأمين الغطاء لمخالفات أحد”. ودعا الى أن “تكون خطوة القاضي عويدات بداية الطريق في العودة إلى انتظام العمل القضائي ضمن الاطر والاصول القانونية المرعية الاجراء حفاظاً على حسن سير العدالة. كما ان رئيس الحكومة يتطلع إلى اتخاذ مجلس القضاء الاعلى القرارات اللازمة بهدف تأمين كل الحقوق والضمانات التي يمنحها القانون لأي متقاضٍ بما يؤمن اطمئنانه لحيادية القاضي”.
اللجان والسجالات
وبعد شل الجلسات التشريعية والحؤول دون انعقادها استتباعا لشل جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، سقطت امس الدعوة الى عقد جلسة للجان النيابية المشتركة التي كان يفترض ان تخصص للبحث في عدد من البنود أبرزها تحويل تعويضات نهاية الخدمة الى معاشات تقاعدية. الا ان تكتل “لبنان القوي” اعترض على مناقشة مشاريع القوانين الواردة من الحكومة “نظرًا لعدم دستوريّتها” فانسحب نواب “التيار” من الجلسة ورغم مطالبة نائب رئيس المجلس الياس بو صعب تكتل “لبنان القوي” بالعودة، الا انه أخفق، فتم رفعها. واطلقت على الأثر مجموعة مواقف نيابية تركزت على الشغور الرئاسي فاعتبر بوصعب ان “الخلاف السياسي حول دستورية انعقاد مجلس الوزراء وصل الى المجلس النيابي والطريقة الأفضل لحلّ هذه المشكلة التوجّه لانتخاب رئيس للجمهورية”. ومن جهته، قال رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل “وصل إلينا مرسوم من الحكومة تشوبه شوائب دستورية عديدة وأبرزها أنه لا يحمل كل تواقيع الوزراء ورفضنا بحثه في اللجان المشتركة قبل تصحيح الشوائب”، معتبرا ان “غياب رئيس الجمهورية لا يُبرّر الاستخفاف في التعاطي ويجب أن نذهب إلى حوار لانتخاب رئيس جديد بأسرع وقتٍ مُمكن كي ينتظم عمل المؤسسات”. في المقابل أشار رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل الى ان “ما شهدناه اليوم في اجتماع اللجان المشتركة هو نتيجة الخروج عن منطق الدستور والقانون”. واضاف “اذا اردنا الخروج من هذا الواقع واعطاء الامل للبنانيين واعادة بناء البلد ومعالجة المشاكل الاجتماعية البنيوية التي يعاني منها كل مواطن لبناني علينا اعادة الانتظام للمؤسسات وهذا لا يحصل الا بانتخاب رئيس للجمهورية، وطالما نحن لم ننتخب الرئيس فالأمور الأخرى ستبقى وجهة نظر، وعقد جلسة لمجلس الوزراء او جلسة تشريعية او عدم عقدهما سيبقى وجهة نظر، لذلك فلنعد الى النصوص الدستورية وليلتئم مجلس النواب لانتخاب رئيس وتعيين رئيس حكومة وتشكيل حكومة، وليشرّع مجلس النواب ولننكبّ جميعا على انقاذ لبنان من الكارثة.