الزلزال خطف آية والدولة عاجزة عن نقل جثمانها

صدى وادي التيم-لبنانيات/

حتى آخر لحظة، بقيت عائلة آية بهجات سقلاوي، تنتظر اتصالاً منها. إلا أنَّ آية لم تتّصل. أربعة أيام من الترقّب القاسي عاشتها بانتظار تحديد مصير ابنتها وعائلتها، العالقة في أنطاكيَة التي دمّرها الزلزال.

لوهلة أولى، ظَنُّوا أن الإرسال مقطوع، وأنها بعيدة عن مكان الزلزال. وحده اتصال زوجها أمسِ الأول، والذي نجا مع طفلته ابنة السنة وشهر، قطع الشكّ باليقين. آية قضت في الزلزال.

«حسم الإتّصال الخبَر» يقول شقيقها مصطفى لـ»نداء الوطن»، لافتاً إلى أنَّ «شقيقته ابنة الواحدة والعشرين ربيعاً، غادرت إلى تركيا مع زوجها عام 2019 بحثاً عن فرصة عمل، باتت مفقودة في لبنان». هي الضحية الثانية من حصة الجَنُوب في كارثة تركيا، وربما يرتفع العدد في ظلّ غياب الإحصائيات بشأن المغتربين اللبنانيين في تركيا.

ما الذي دفع بآية إلى السفر؟

لم تجد آية خياراً آخر سوى الهجرة. تركت بلدتها دير قانون النهر (قضاء صور) مع زوجها، هرباً من تدهور الأوضاع المعيشية. إذ كان المخطّط وفق شقيقها، أن «تكون تركيا المحطة الأولى قبل التوجّه إلى ألمانيا. غير أنّهما لم يوفّقا في السفر، فقرّرا فتح مطعم في أنطاكيَة حيث تسكن، ومنذ ذلك الحين تعيش وتعمل هناك».

ما زالت العائلة تحت وقع الصدمة، لم تستوعب بعد رحيل ابنتها في زلزال تركيا، «هربت من الزلزال الإقتصادي المدمّر، بحثاً عن الحياة». ويقول مصطفى الغارق في حزنه إنّ «آية كانت شقيقته المدلّلة، فهي الأخت الصغرى. لا أصدّق أنها لم تعد موجودة. غابت ضحكة المنزل، عاشت غريبة وماتت غريبة».

تحاول العائلة أن تستوعب الخبر. حتى مساء أمس الأوّل كانت تُعلّق الآمال على نجاتها. ولكن، تأكّدت الوفاة ودخلت في عداد الضحايا.

إلى تركيا غادر مصطفى لإعادة جثمان شقيقته إلى لبنان، تحضيراً لدفنها، لأنّ «السِّفَارة اللبنانية أبلغتهم أنها عاجزة عن فعل أي شيء وعلى العائلة أن تُدبّر ذلك عبر شركات شحن، لأن لا إمكانات لديها».

كشف الزلزال الذي ضرب تركيا حجم الهوّة بين الشعب وحكومته، التي تخلّت عنه في أحلك ظروفه. وعتب مصطفى على كل النوّاب والوزراء، «فهم لم يسألوا عن أحد»، جازماً بوجود «تقصير كبير بحقّ اللبنانيين. اتّصلنا بالسفير وتواصلنا مع الجميع. لم يكلّف أحد نفسه الإتصال لمعرفة ماذا حصل، على الرغْم من إبلاغهم فقدان الإتصال بآية». مضيفاً بغصّة: «التقصير بحجم زلزال». تابع: «لماذا مصير اللبناني دائماً هو الموت. ما زال يدفع ضريبة الغربة». استعاد مأساة تحطّم طائرة كوتونو، وحوادث الإغتراب الكثيرة. واليوم يقف عند هول الزلزال التاريخي الذي لم يدمّر تركيا وسوريا فحسب، بل وضع لبنان على شفير الخطر والمأساة.

لا يخفي مصطفى حجم التقصير، «فدولتنا عاجزة حتى عن نقل الجثامين. أي دولة نعيش فيها»، لافتاً إلى أنّ «آية كما غيرها هربوا بحثاً عن أمان صحّي واجتماعيّ ومعيشي.

ففضح الزلزال عجز الدولة حتى عن المواساة. فشلت حتى في الوقوف إلى جانب اللبنانيين في محنتهم الطارئة، ما يدفعنا للتساؤل «متى سنشعر أنّ لنا دولة تحمينا؟».

المصدر:الرأي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!