مسلسلُ الوجع اللّبنانيّ مستمرٌ في حلقاته الشّتوية…مواطنون يتّخذون “اللّحاف” وسيلةً للدّفء…

صدى وادي التيم – لبنانيات/

في الوقت الذي شغلَت بالَ اللّبنانيين، هزةٌ أرضيّة، كانت ذاتَ وقعٍ كبيرٍ خصوصًا في سورية وتركيا وكادت أن تؤثّر في المشهد العام، يبدو أنّ هذا الشّتاء الذي يعدُ بالكثير، سيكون في أيامه المقبلة قاسيًا وقارسًا على اللبنانيين، حيث أنّ ارتفاعَ تكلفة الحطب والمازوت بات يشكّل ضغطًا كبيرًا على عاتقِ أبناء القرى الجبليّة، حتى وصلتْ الحالةُ المزريةُ بكثيرٍ من العائلات، لتمضيةِ أيام العواصف دون المازوت أو الحطب، والاستعاضة عنها باللّحاف “والحرامات”، وتسجيلِ أقسى فصلٍ عاصفٍ في الدّاخل والخارج، وما خفي كان أعظم.

يؤكّدُ نقيب موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا في حديثٍ خاصّ للأفضل نيوز “إنّ النّقابة تقومُ بكلّ الجهد للتّخفيف عن المواطن، ولكنَّ المشكلةَ ليست لدينا، بل بالمعنيّينَ عن المشهد الاقتصادي العام، وانهيار العملة الذي فجّر الحياة في وجه المواطن”.

ويضيفُ أبو شقرا:” إنَّ استهلاك لبنان كان بحدود ال١٠ ملايين ليتر مازوت، بينما هذا العام الاستهلاك يبلغ حوالي ٦ ملايين ليتر، ويعود السبب أن الطاقة الشّمسية استحوذت القسم الكبير من الاستهلاك، وثانيًا الغلاء الذي يدفع المواطن لعدم المقدرة لشراء تنكة بحدود المليون ومئتي ألف ليرة لبنانية، والبرميل يبلغ حوالي ١٢ مليون ليرة لبنانية، وفي عزّ الشتاء ليس هناك من طلب على مادة المازوت، وهذا يؤكّد المشهد الصّعب من حيث القدرة عند المواطن، وبالتالي فالتّراجع في الاستهلاك وصل لحدود ال45%، نسبة للسّنوات المنصرمة.

الأفضل نيوز واكبتْ عن كثب هذا الأمر، حيث زُرنا مجموعةً من البيوت المتعفّفة لنتلمَّس حقيقة الأمر، وفي هذا الصّدد يتحدث أبو نادر (رجلٌ خمسينيٌّ من راشيا الوادي) وهو المعيل لثلاثة أولاد:”إنّه وللمرة الأولى في حياته غير قادرٍ على شراء المازوت والحطب، اللذين يستحيل شراؤها لشريحة كبرى من اللبنانيّين، واليوم يقوم باختراع أساليبٍ جديدةٍ للتدفئة، لعلّ منها اعتماد الزيت المحروق، الذي رغمَ أنَّه أصبحَ سلعةً غاليةً، إلّا أنّه، نوعًا ما يبقى أيسرَ من غيره.

السيدة سامية (توفّي زوجها منذ عام ونصف تقريبًا)، تتحدّثُ أنها تقومُ بشراء نصف “غالون” من المازوت كلّ ثلاثة أيام، “ومنزلهم قطرة قطرة” على حدِّ وصفها، لأنها تخشى من عدمِ القدرة على شراء غيرهم في حالة اشتدادِ العاصفة المتوقّعة بعد أيام، ولذلك، فهي تستصرخ عبر “الأفضل نيوز” ضميرَ المعنيين عن شؤون الناس، حيث إنّها تتجمّدُ من الصّقيع، وتكاد تموت “كمدًا على أولادها”، وهي مُخيّرة، بين شراء الخبز أو المازوت.

سعيد(أستاذٌ في التّعليم الثانوي، يقول ممازحًا، أنّه يفكّر في حرق شهادته الجامعية العليا، علّه يستفيد منها لغرض ما، فهو يعتبرُ أنّ كلّ راتبه مع المتوقّع من زيادة إذا حصلت، لن يساوي “برميلي مازوت”، وأنَّهُ يفكر باللّجوء إلى التّدفئة على الزّيت المحروق أيضًا، نظرًا “لخياليّة أسعار المازوت والحطب”.

انهيارات متتالية يومًا بعد يوم، وعدم قدرة على تأمين أولويّات الحياة بما فيها التّدفئة، خصوصًا عند أهل المناطق الجبلية التي يهدّدُ الصّقيعُ قاطنيها. فهل يرعوِ أهلُ الأمر، أم أن الضمائر تحتاجُ هي الأخرى أيضًا للتّدفئة؟

زياد العسل _ الأفضل نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى