بالصورة- في لبنان.. مناهج 1998 التربوية يدرسها طلاب 2022!
صدى وادي التيم-لبنانيات/
أتعلمون أن الكتب التي تدرس للطلاب في المدارس الرسمية الآن هي نفسها التي كانوا يتلقوها متخرجو عام 1998؟ فحينذاك قررت وزارة التربية وضع المناهج الدراسية الوطنية الجديدة، والتي من المفترض النظر فيها كل 4 سنوات على الأقل، ولكن لم يعلم الشعب اللبناني حينها أنه سيكون المنهج المعتمد لما يقارب العقدين ونصف وسط وعود وهمية ومتكررة بتجديدها.
وبعد كل هذه السنوات أبصر مشروع تطوير المناهج بعض الخطوات الجدية والإيجابية النور في العام 2022.
فما الذي أعاق الوزارة عن القيام بهذا مبكراً؟ وما هي الهواجس التي جعلت فئة معينة تعارض المناهج الجديدة؟
محاولات دون جدوى
الياس بو صعب كان أول وزير يحاول التغيير في الجمود الذي أصاب المناهج، حيث أراد ادخال التقنية الرقمية في التربية ضمن مشروع أطلق بموافقة من رئيس مجلس الوزراء آنذاك تمام سلام في العام 2015 تحت عنوان “كلنا للعلم”، ولكنها كانت محاولة مع وقف التنفيذ.
وكان مخطط الوزارة الحالية بقيادة الوزير عباس الحلبي أن يتم إقرار المناهج الجديدة في اذار 2022، أي قبل الانتخابات النيابية خوفا من أن تتحول بعدها الحكومة الى حكومة تصريف أعمال، خصوصا أن التمويل المخصص لإصلاح قطاع التعليم في لبنان كان متوفر بالكامل من قبل البنك الدولي ( $204 مليون، 100 مليون هبة و104 مليون قرض). ولكن هذا المخطط لم ينجح، وتم تأجيله.
كما ان بعض الخلافات في وجهات النظر حول محتوى المناهج التي كانت تتم دراستها، خصوصاً في ما يتعلق بشرعيتها وارتكازها على أي خطة أو إطار لبنائها وهو الدستور، لتفادي الاشكاليات المتعلقة بالعيش المشترك والجذور، خصوصا في دروس مواد الإجتماعيات، وقد حالت تلك الخلافات دون التوصل الى اتفاق على مناهج موحدة.
مناهج جديدة قد تبصر النور قريبا
في 15 كانون الأول 2022، وبعد 26 عاما وخمس ورش أقامها المركز التربوي للبحوث والإنماء، تم أخيراً وبنجاح إطلاق الإطار الوطني لمناهج التعليم العام ما قبل الجامعي.
وضمن هذا السياق، وعن سبب التأخر في التقدم بأي خطوة تجاه تجديد المناهج كشف المستشار الإعلامي لوزير التربية ألبير شمعون أن “السبب الوحيد هو تضييع الوقت من قبل الذين كانوا قائمين سابقا على المركز التربوي للبحوث والإنماء خصوصا أن الأموال والإعتمادات الدولية المخصصة لتطوير المناهج كانت موجودة، فليس هناك سبب سوى الإهمال”.
كما أكدت رئيسة المركز التربوي الدكتورة هيام اسحاق أن “لم يكن هناك معارضة من قبل أي جهة، ولكن ما حدث هو أن هناك بعض المدارس الكبيرة والمرموقة في لبنان لم يتم استدعاؤها لتقديم طروحاتها ورؤيتها للمناهج الجديدة، ما جعلها تشعر أنها مستثنية من هذا الموضوع، فكانت ردة فعلها بعدم المشاركة واعتبار نفسها أنها خارج هذا المشروع، ولكننا أصلحنا ما حصل من سوء تفاهم وها هي اليوم تلك المدارس متواجدة ومشاركة، وهذا المشروع لم يستثنِ أحداً ولذا أسماه معالي الوزير بـ”الطائف التربوي”.
وعن الفرق في اتباع هذه المناهج بين المدارس الرسمية والخاصة، أوضحت اسحاق أن “المناهج الوطنية تقرر لجميع المدارس، ولكن هناك هامش يسمح للمدارس الخاصة أن تُدخل الى جانب المنهاج اللبناني مناهج خارجية معينة”.
لن ينعموا بها قبل سنة ونصف
وأضافت اسحاق أنه “رغم أنه تم إطلاق الإطار الوطني، إلا أن إقرار المواد الجديدة والعمل بها لن يكون ممكنا قبل سنة ونصف على الأقل، والسبب هو أن هذه العملية يجب أن تمر في ثلاث مراحل وهي:
المرحلة الأولى والتي تمت هي إقرار الإطار الوطني لمناهج التعليم.
المرحلة الثانية، تشكيل اللجان المختصة في كل مادة وتوزيع المهام والأهداف عليها.
ثالثا، تجربة المواد.
وأخيرا يتم العمل بها رسميا في كل لبنان”.
4 نقاط أساسية ستتم اضافتها
وهناك 4 نقاط أساسية ستتم إضافتها الى المنهاج الجديد وهي:
أولا: التطور الرقمي والتكنولوجي، وسيكون هذا الموضوع خطوة اساسية لتعريف الطلاب في مرحلة ما قبل الجامعي على كل اساسيات المعلوماتية وصولا الى برمجة الكومبيوترات والروبوتات كي يستطيع الطلاب الراغبين في التخصص في هذا الإختصاص أن يكونوا على اطلاع على فحواه.
ثانيا: هناك مشروع أكاديمي باسم “السياسة اللغوية” يهدف الى الحد من تراجع مستوى اللغات في لبنان عند الطلاب، حيث أن هناك ظاهرة منتشرة لدى طلاب المرحلة الجامعية الذين لا يمتلكون المبادئ الأساسية للغات، رغم الدورات التي تعطى لهم، وهم لا يستفيدون منها لأنهم يعتبرون أنفسهم أنهم تخطوا مرحلة تعلم اللغات، فينجزون الدورات “مرور الكرام” وخاصة في اللغة العربية.
ثالثا: يتم العمل حاليا على دورات SEL لعدد كبير من الأساتذة لتدريبهم على كيفية الاهتمام بالصحة النفسية لهم وللطلاب، لتوفير مناخ أفضل للتعليم في أقل ضغط ممكن وفي راحة نفسية مشتركة بين الطالب والاستاذ.
رابعا وأخيرا: تتشكل حاليا لجنة خاصة للعمل على أحد أهم المواضيع التربوية، وهي وضع خطة لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة الموهوبين منهم، والذين يعانون من صعوبات، في هذا المشروع التربوي الكبير.
ليس مقبولا في عصرنا اليوم أن لا تواكب المناهج الدراسية في لبنان التطور الهائل والمتسارع الذي يحصل في العالم، وليس مقبولاً أن نبقى متأملين ومنبهرين بصناعات البلدان الأخرى، بينما المناهج التعليمية في لبنان ما زالت غير قادرة على تعليم الطلاب الأساسيات البديهية في استعمال الكمبيوتر. لذا يجب على وزارة التربية أن تلعب دور المراقب بشكل أكبر على عمل المركز التربوي كي لا يتراخى في اداء واجباته، كما يمكن ادراج بند قانوني يضبط هذا العمل ويمنعه من التفلت، والأهم هو الالتزام بمبدأ تكافؤ الفرص، فيتم تعيين الأكفأ في أداء مثل هذه المهمة الصعبة والجوهرية، وتحمل مسؤولية مستقبل الأجيال والوطن.
المصدر:”الديار”