موسم “السليقة” في البقاع… غذاء ودواء و”شم هوا”
صدى وادي التيم – لبنانيات/
عِرق واحد من “السليقة” لا تفوته أم محمد وهي تُمسك سكينها الحاد وكيساً كبيراً وتبدأ رحلة البحث عن الأعشاب الصحية في سهل البقاع الغربي وسفحه الجبلي. “نستغل الموسم في بداية فصل الشتاء قبل أن يتلفها الصقيع والثلوج وننطلق مجموعة من نساء الضيعة إلى السهل وسفح الجبل يومياً من الصباح الباكر، وبعد ساعات عدة نلتقي في نقطة معينة وتكون مع كل منا كميات كبيرة من الأعشاب المتنوعة من السليقة، الفدريه، الهندباء، العنّه، الرشاد، البلعصون… وغيرها. طبعاً عندما يتجدد الموسم في نيسان نكرر الموضوع نفسه ولا نفوّت الفرصة”، كما تقول.
أيام الزمن الجميل لا تندثر بالكامل، فموسم السليقة لا يزال غذاء ودواء لعائلات كثيرة في البقاع الغربي خلال فصل الشتاء، بدلاً من اللحوم التي تحتوي على كميات كبيرة من الكوليسترول، ووجدت ربات البيوت في الأمر متنفساً للخروج من المنازل واستنشاق الهواء النظيف، والمشي في الطبيعة، حتى اعتبرن أنهن يمارسن الرياضة مجاناً ويقمن في الوقت نفسه بجمع الأعشاب الصحية أيضاً، وبهذه الطريقة يحافظن على أجسامهن وصحتهن من دون أي تكلفة إضافية ومع “شمة هوا”.
في هذا الاطار، أكدت رئيسة جمعية “سوا للتنمية” نوال مدللي، في حديث لـ “لبنان الكبير” أن “موسم السليقة والأعشاب الصحية يجب استغلاله، ولا يحتاج الى أي تكاليف، ولا جهد لشراء البذور وزراعتها في حديقة المنزل، وهذا الأمر محفز للنساء تحديداً للخروج إلى الطبيعة وإحضار كميات من الأعشاب على اختلاف أنواعها، إما لمنزلهن أو للتجارة بها لتعود بمردود عليهن، فاليوم الكيس الصغير الذي يزن كيلو من السليقة مثلاً يباع بسعر ٥٠ ألف ليرة في الأسواق الشعبية في البقاع. وبكل صراحة، غالبية النساء التي تقبل على استغلال هذا الموسم هي من الجنسية السورية، وأتمنى لو أن لدى اللبنانيات الهمّة نفسها، أقله يمكن أن يؤمنّ مصروف يومهن”.
وأوضحت مدللي أن “السليقة، العكوب، العنّه، الهندباء، الخبيزة، وغيرها أنواع كثيرة، تنبت في السهول والجبال وحدها وبكميات كبيرة، والأمطار تساعدها على النمو بصورة أفضل، وبرأيي تعتبر من الخيرات التي يجب الافادة منها، لأنها تحتوي على الكثير من الفيتامينات والحديد والماغنيسيوم، حتى أنها تسهل عملية الجهاز الهضمي. اليوم، مع تغير ظروف الحياة، انخرطت المرأة اللبنانية أكثر في مجال التعليم، ولم تعد هناك أهمية كبيرة للعادات القديمة بالنسبة اليها وهذا أمر خاطئ، فهي قيمة مضافة لها وليست نقصاً”، لافتة إلى “أننا نشهد اليوم في قرى وبلديات عدة مشاريع زراعية تتم دراستها على الطراز القديم بالتعاون مع منظمات دولية”.
أما اختصاصية التغذية نبيلة الميس فقالت: “هذه الأعشاب تسمى بالخضار الورقية الخضراء، وتحتوي على نسب عالية من فيتامينات، A و CوK، ولكن على سبيل المثال الشخص الذي يتناول مسيلاً للدم بصورة دائمة لا يمكنه تناولها لأن فيتامين K عمله تخثير الدم. وهذه الأعشاب تحتوي على مضادات الأكسدة التي تحمي خلايا الجسم من مرض السرطان، إضافة إلى أن من المعروف كمية الحديد والألياف الموجودة فيها ولكن يجب علينا إضافة فيتامين C كالحامض مثلاً إلى هذه الأعشاب قبل تناولها”.
وشددت على أن “تناول هذه الأعشاب بصورة يومية وبكميات كبيرة مهم جداً لصحة القلب، فهي لا تحتوي على سعرات حرارية أبداً ويمكن تناولها في كل الأوقات وبالكمية التي نحب، ومفيدة جداً لمرضى السكري والضغط”.
يمكن اعتبار موسم السليقة هواية لدى الكثيرات من النساء البقاعيات، وتقليداً لا يمكن الخروج منه عند بعضهن، ولكنه تراجع بعد غزو التطور والتكنولوجيا مجتمعنا. من ناحية أخرى، يجب الحذر من تناول هذه الأعشاب في حال كانت هناك حالة صحية حرجة واستشارة الطبيب المختص قبل تناولها، ولكن في الاجمال فان فوائدها جمة ويجب أن نستغل الموسم من أجل صحتنا.
راما الجراح – GRAND LB