تخوف أمني والسبب الاتفاق البحري بين لبنان وقبرص.. اليكم التفاصيل!
صدى وادي التيم-لبنانيات/
في 10 أيلول الماضي أعلن المدير العام لهيئة “#أوجيرو” عماد كريدية عبر “تويتر” أن عطلاً طرأ على #الكابل البحري IMEWE ما بين الاسكندرية ومرسيليا ما ادى الى توقفه عن العمل. آنذاك سألت “النهار” عبر صفحاتها في اليوم التالي ما إذا كانت هناك قطبة مخفية وراء اعلان كريدية تعطّل IMEWE، كما كان لافتا حينها تغريدة لعضو هيئة الرئاسة في حركة “امل” النائب قبلان قبلان على “تويتر” جاء فيها: “قيل ان عطلا طرأ على كابل IMEWE البحري… تم التدقيق في مواقع عالمية وخصوصا العائدة لشركة اتصالات مصر واتصالات إيطاليا وأورانج وموقع IMEWE، وقد خلت من أي إشارة الى عطل طرأ في الأيام الأخيرة. والسؤال: ما خلفية هذا الاعلان وماذا يحضّرون ل#لبنان؟ عجيب وغريب… للبحث صلة، يرجى الانتباه”.
وأمس وجّه قبلان سؤالا الى الحكومة عبر مجلس النواب، حول توقيع اتفاق انشاء كابل بحري جديد يربط لبنان بقبرص، وسأل ما اذا كانت ثمة حاجة فعلية لإنشاء كابل جديد، سيما ان الكابل القديم لا يزال صالحا لمدة ثماني سنوات مقبلة؟ كذلك سأل: “ما هي درجة الخطورة في هذا الكابل على الأمن القومي اللبناني؟ وهل صحيح ان قبرص ومنذ أكثر من عشر سنوات تدفع لإنشاء هذا الكابل وان لبنان كان يرفض لاعتبارات مرتبطة بالأمن القومي؟”. وسأل قبلان عبر “النهار” عن الضرورة التي تستدعي التعجيل في توقيع هذا الاتفاق في ظل عدم وجود حكومة ورئيس جمهورية؟ وأكد أنه تواصل مع المعنيين في الامن العام في شأن ما اذا كانوا اطلعوا على الملف لكنهم نفوا ذلك، متخوفا من أن تكون خلفيات الموضوع أمنية. وختم بالاشارة الى أنه اذا كان الامر يتعلق بهبة، فالمفترض أن يوافق عليها مجلس الوزراء.
قبل الخوض في التفاصيل من الاهمية بمكان الاشارة الى أن مجلس الوزراء في جلسته التي عقدت في شهر ايار 2022، اي قبل ان تصبح الحكومة مستقيلة، قرر تأجيل البحث في طلب وزارة #الاتصالات إنشاء كابل بحري جديد (قدموس 2) بين لبنان وقبرص ليحل مكان الكابل البحري القديم (قدموس) واطلاق المناقصة في قبرص. وتاليا فإن السؤال: الى اي قرار استند وزير الاتصالات جوني قرم ليوقع العقد مع الشركة القبرصية “سيتا”؟
الوزير قرم أكد لـ”النهار” أن التوقيع جاء بناء على قرار تكليف من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في 12 أيلول 2022. وأشار الى أن “الكابل الموجود حاليا انتهت صلاحيته منذ 3 أعوام، فيما لبنان موصول حاليا مع العالم الخارجي بواسطة كابل الـ IMEWE وبقدموس 1 فقط. وتاليا تفاديا لحصول اي طارىء قد يؤدي الى انقطاع IMEWE وفي ظل عدم صلاحية قدموس 1، إرتأينا التعجيل في التوقيع. مع الاشارة الى أنه اذا كانت لدينا طاقة اضافية في الداتا يمكن للبنان بيعها”. واعطى مثالا على ذلك الكابل الذي يمر بقناة السويس وينقل الداتا من الخليج الى اوروبا، والذي يدرّ على مصر نحو مليار ونصف مليار دولار سنويا.
أما الاسباب التي تجعل قبرص تموّل مشروعاً كهذا يفيد منه لبنان، فقال قرم: “لدى القبارصة أسباب عدة لتبديل الكابل القديم بآخر جديد. الاول أن دولتهم تقع على جزيرة ولديهم مصلحة في أن يكونوا موصولين مع لبنان، وكون الداتا لها قيمة تجارية، وهم يعرفون أنه لا يمكننا تمويل هذا المشروع في الوقت الحالي، ويتخوفون من أن نستعيض عن التعامل معهم بدولة أخرى، علما أنهم أجروا دراسات بينت أنه من بعد وضع الكابل في الخدمة، وإن كانت الملكية والايرادات مناصفة مع لبنان، يمكنهم استرداد تكاليف الكابل الذي تقدر قيمته بنحو 12 مليون دولار خلال فترة 10 سنوات”.
وفيما أكدت مصادر من داخل لجنة الاتصالات النيابية أن الوزير قرم كان قد أكد للجنة أن الجهات الأمنية وافقت على هذا المشروع، لكنه لم يحدد من هي الجهات الأمنية التي أجابته أنه لا يوجد أي خطر من التنصت من “الموساد” على هذا الكابل، وأنه لم يزوّد لغاية تاريخ اليوم اللجنة بنسخة عن جواب الجهات الأمنية المشار إليها، أكد قرم لـ”النهار” أنه تمت استشارة الجهات الامنية، بدليل أن ثمة مندوبا من الامن العام اللبناني في اللجنة التي ستراقب موضوع التلزيم الذي سيوافَق عليه من الدولتين اللبنانية والقبرصية.
واستهزأ بالقول إن “ثمة أيادي خفية للموساد الاسرائيلي في الموضوع”، وقال: “في حال ارادت اسرائيل التنصت، يمكنها التنصت على اي كابل موجود وليس بالضرورة أن يكون الكابل جديدا”.
كل التفاصيل التي أوردها قرم أكدها المدير العام لهيئة “اوجيرو” عماد كريدية لـ”النهار” الذي شدد ايضا على أهمية “قدموس 2″، لافتا الى أن قبرص البلد الصغير موصول بالعالم عبر 13 كابلاً، في حين ان ليس لدى لبنان الا كابلان، احدهما انتهت صلاحيته ويجب تغييره. وبرأيه فإن “الجانب القبرصي على علم بأن لبنان عاجلا أم آجلا سيربط بكابل عبر سوريا، اضافة الى شبكة الكابل الموجودة في الخليج والتي تصل الى عمان، وحينها سيكون في مقدور لبنان أن يمرر “ترانزيت داتا” من الغرب الى الشرق والعكس صحيح، بما يعود بالمردود المادي للطرفين”.
ولكن هل ثمة بدائل مقترحة عن هذا الكابل الجديد في حال تم رفض المشروع مع قبرص؟ يقول أحد الخبراء: “لا توجد بدائل من هذا الكابل الجديد، لأنه لا توجد حاجة له في الأساس، بل إن الحاجة له هي لدى الأطراف الأخرى. فعندما تنتفي الحاجة لأمر ما، ينتفي البحث عن البدائل. وهذا ما ينطبق على كابل قدموس 2 المقترح”.
مصادر اخرى مطلعة على خلفيات المشروع تؤكد أنه “لا توجد أي مصلحة للبنان في هذا الكابل الجديد مع قبرص، ولا حاجة ملحّة لا حالية ولا مستقبلية لهذا الكابل أو أي كابل آخر مع قبرص، وتاليا لا يوجد أي خطر مطلقا على استمرارية خدمات الإنترنت في لبنان، لا حاليا ولا مستقبلا، وكل تهويل بانقطاع خدمات الانترنت هو ذريعة للإبتزاز بغية تمرير هذا المشروع مع قبرص”.
وأكدت أن “لبنان لغاية تاريخ اليوم لا يستخدم إلا 10 فقط من طاقة كابل الـ IMEWE الذي هو كابل جديد. ولا يزال لدى لبنان طاقة وسعة هائلة تكفيه لعشرات السنين المقبلة على الكوابل البحرية”.
وكشفت أن “حركة السوق التجارية للإتصالات (حركة تخابر دولي ثابت وخليوي، وحركة رومينغ، وحركة معطيات إنترنت) المتبادلة ذهابا وإيابا بين لبنان وقبرص هي منخفضة جدا جدا، ولا تبرر مطلقا إنشاء كابل جديد بين لبنان وقبرص بكلفة 10 ملايين دولار. أي لا يوجد أي سبب موجب تجاري، لا في السوق اللبنانية، ولا في السوق القبرصية، يبرر الإستثمار المالي في كابل جديد”.
كذلك أكدت ان الكابل الحالي القائم مع قبرص (كابل قدموس) والذي تم وضعه في الخدمة عام 1996 “لا يزال في الخدمة التشغيلية وفي حالة تقنية وتشغيلية ممتازة، وانه من غير الصحيح مطلقا مقولة أنه أصبح في نهاية عمره الفعلي (هناك فرق كبير بين العمر الافتراضي والعمر التشغيلي الفعلي)، وإلا فكيف يعمل الآن؟ وكيف يقوم بوظيفته حاليا على أكمل وجه”، موضحة أن مفهوم “العمر الإفتراضي” هو معطى يُعتمد لإعداد الجدوى الإقتصادية، وهو يحدد الفترة الزمنية التي يريد المستثمر استرداد استثماراته المالية خلالها، ليدخل بعدها في الفترة الربحية.
ولفتت المصادر الى أن المشروع هو ضرورة إسرائيلية لتحديث منظومتها الكوابلية في حوض البحر المتوسط، وليكون هذا الكابل مدخلا الى كابل IMEWE عبر لبنان؛ ووزارة الإتصالات تعهدت القيام بوصل الكابل الجديد قدموس 2 على الكابل IMEWE (هذا الأمر نصت عليه الاتفاقية مع قبرص)، بحيث يمكن الإطلاع على كل المعطيات والداتا الصادرة والواردة إلى لبنان من كل منافذها الدولية للاتصالات… وهذا هو الهدف الإسرائيلي الأساسي لـ”الموساد”.
وختمت بالقول إن “قبرص دولة عضو في الإتحاد الأوروبي، وهي كحكومة ومؤسسات عامة وإدارات عامة ملزمة بتطبيق المعايير المالية الأوروبية في موازنتها العامة السنوية ومواضيع الإنفاق المالي على مشاريع الدولة الحكومية. وهي ملزمة أيضا أن تودع نسخة عن موازناتها السنوية لدى الإدارة المالية في الإتحاد الأوروبي. وهي ملزمة أيضا تجاه الإدارة المالية في الإتحاد الأوروبي بألا تتخطى نسبة عجز سنوي مئوية بسقف 3%. فهل ستقوم قبرص، بالرغم من كل هذه الضوابط والشروط المالية، بالتبرع مجانا لإنشاء كابل بحري لمصلحة لبنان بكلفة 10 ملايين دولار من دون أن يكون لها فيه أي مصلحة، بل فقط كرمى “لسواد” عيون لبنان واللبنانيين؟