جنوبا: ابراهيم وعلي شقيقان يتقاسمان التعب صباحًا قبل التحاقهما بالمدرسة ظهرًا..
في سوق صيدا التجاري، يتقاسم الشقيقان إبراهيم وعلي نوري التعب في السعي لكسب قوت اليوم، يجمعان الغلّة معاً لمساعدة عائلتهما المؤلفة من سبعة أفراد، الوالدان وثلاثة أشقاء حيدر وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، هبة، ومحمود، إضافة إليهما، وقد القت بهم الأحداث السورية في لبنان نازحين قبل سنوات عدة.
إبراهيم (12 عاماً) يبيع الكعك المحشو بالتمر على عربة جوّالة في شارع الشاكرية، يقول لـ”نداء الوطن”: “قرّرت وشقيقي علي الأصغر تحمّل المسؤولية، الوالد مصاب بديسك ولا يستطيع العمل، والوالدة ترعى العائلة ونفقات الحياة كثيرة، نقيم في منزل بالايجار في منطقة الفيلات، ومصاريف الأكل والشراب كبيرة جداً، نعمل من أجل كفاف قوتنا وعدم مدّ اليد، فالسؤال مذلّة”.
علي (10 أعوام) يبيع على عربة جوّالة هدايا من ألعاب وبالونات قرب شقيقه وتحت ناظريه، يقول بدوره لـ”نداء الوطن”: “نعمل منذ ساعات الصباح الاولى كي نتمكّن من الالتحاق بدوام المدرسة ظهراً، نحن على قناعة أنّ العمل وحده لا يكفي، لا بدّ من العلم لتغيير الحال نحو الأفضل، ولكنّ الحياة قاسية ولا ترحم أحداً، هربنا نحو الأمان ووقعنا تحت وطأة الفقر والحاجة”.
يتّفق الشقيقان على رفض ذل السؤال والحاجة، يلتقيان على العمل بعرق الجبين مهما كانت الظروف قاسية، يشيران إلى محتاج يرفع وصفة طبيب ويطلب مساعدة من هنا أو هناك، يؤكّدان “الكرامة فوق كل اعتبار، نعيش مرحلة استثنائية ونحن على ثقة أنّ كلّ شيء سيعود الى ما كان عليه ونعود”.
في سوق صيدا وتحديداً في “الشاكرية”، تتداخل أصوات الباعة، لبنانيون وفلسطينيون وسوريون و”بدويات البقلة”، وحّدهم السعي لتأمين الرزق لمواجهة ضنك العيش، ينادي اللبناني خالد بلحس وهو يبيع على عربة جوالة حلوياته الشهية، ويقول لـ “نداء الوطن”: “الأزمة المعيشية أفرزت جيشاً من العاطلين عن العمل، ومنهم من اختصر الطريق بالعمل اليومي على عربة جوالة، تبقى أفضل من البطالة. لقد سحقت الضائقة الإقتصادية الطبقات الفقيرة وأصبحت تحت خط الفقر المدقع ومهما فعلت ستبقى تعاني الأمرّين حتى إشعار آخر”.
ويشير الفلسطيني محمد بيومي وهو يبيع الفواكه على عربته، الى “أنّ الأزمة ضاعفت معاناة الناس، باتت الرواتب بلا قيمة مقابل الغلاء وارتفاع الأسعار والدولار، فكيف الحال بالعاطل عن العمل؟ وبالتالي تراجع الإقبال على شراء أي شيء، ومنها الفواكه التي بات البعض يعتبرها من الكماليات أو نوعاً من الرفاهية. الحياة تحتاج الى كفاح وسعي من أجل العيش بكرامة، وبدّلنا من نمط وأسلوب حياتنا وفق الأولويات الأكثر إلحاحاً”.