تاريخ موجز لتطور ملابس السباحة النسائية عبر الزمن
سواء كان الأمر يتعلق بآلات سباحة اشتهرت في وقت ما أو بملابس سباحة ذات القطعتين أو تلك الفساتين الكاملة التي ارتدتها النساء في القرن التاسع عشر، فإن تاريخ ملابس السباحة النسائية سيصيبك بالذهول.
عندما ترتفع درجات الحرارة في فصل الصيف؛ تصبح الشواطئ والبحيرات وحمامات السباحة ملجأً للعديد من الناس. الإستمتاع بالمياه ليس أمرا خاصا بأشخاصٍ معينين أو يجب فعله في أوقات محددة، لكن المشكل يكمن فيما يرتديه الناس للسباحة، حيث أن هذا الموضوع كان ولا يزال مرتبطاً بالآداب العامة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالنساء وكيف تبدو ملابسهن الخاصة بالسباحة.
بدأ تاريخ ملابس السباحة النسائية في تلك الفترة بملابس بسيطة عُرفت باسم ”بذلات عيد الميلاد“، وكان الناس إلى غاية القرن التاسع عشر يسبحون عراةً في كثير من الأحيان، ورغم أن النساء حينها كنّ يرتدين ملابساً تشبه البيكيني حاليا لكنها في الواقع لم تكن مخصصة للسباحة، ولم يتم اختراع بذلات السباحة حتى منتصف ذلك القرن، حيث أدى تطور أنظمة السكك الحديدية وطرق النقل الأخرى إلى جعل التوجه إلى الشواطئ والسباحة من الأنشطة الترفيهية.
إذا رأيت صوراً للنساء اللواتي يرتدين ملابس السباحة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ستجد صعوبة كبيرة في التمييز بأنها كانت مخصصة للسباحة. دعت تلك الحقبة لأن تكون ملابس السباحة النسائية تخفي جسم المرأة بشكل كامل، فأصبحت عبارة عن ثوب طويل مربوط بحزام يُلبس فوق سراويل فضفاضة، وبالرغم من أن تلك الملابس لم تكن جذابة من الناحية الجمالية إلا أنها كانت تخدِم هدفها الأساسي وهو ”إخفاء جسم المرأة“.
في تلك الفترة اضطُرت النساء لإخفاء أجسادهن لكي تبدو المرأة ”عادية“ (ليست مغرية) في نظر الجميع، ولهذا السبب كان الجزء العلوي من ملابس السباحة مرتفعَ الياقة تماماً مثل الثوب لإخفاء شكل الجسم. كانت هذه البذلات مصنوعة من نسيج الأقمشة الثقيل الذي كان قوياً كفاية ليمنع ارتفاعه في الماء، وكانت النساء في القرن التاسع عشر يتمتعن برفاهية استخدام ما يسمى بآلات السباحة، حيث يتم جر تلك الهياكل الخشبية الصغيرة ذات العجلات في المياه الضحلة، حتى تتمكن النساء من تغيير ملابسهن بداخلها والاستمتاع في المحيط بخصوصية تامة.
في مطلع القرن العشرين، أصبحت السباحة رياضةً تتنافس عليها الكليات وجزءاً من الرياضات الأولمبية، فأدرك الناس أن بذلات السباحة النسائية آنذاك قد صُممت بطريقة لا تسهل عليهن الأمر إطلاقاً، ومع نمو هذه الرياضة أصبحت تلك البذلات أكثر انسيابية وأخف وزناً مما مهد الطريق لتصميمات وأنماط أخرى
في هذه المرحلة من تاريخ ملابس السباحة النسائية غالباً ما كانت النساء ترتدي نعالاً ناعمة توفر لهن الحماية من الشواطئ الصخرية القاسية.
بحلول عام 1910 كانت ملابس السباحة النسائية أقل تقييدا للحركة وأخف وزنا، حيث كشفت النساء عن أذرعهن، وارتفع الحد النهائي لأسفل البذلة إلى منتصف الفخذ، واستخدم المصممون أقمشة أقل لتغطية الجسم، ومع حلول عشرينات القرن العشرين أصبحت ملابس السباحة أصغر حجماً بكثير، وتزايد الطلب عليها فقامت شركات صناعة الأفلام في هوليوود ومجلة (فوغ) Vogue الشهيرة بالترويج لفكرة أن تكون ملابس السباحة مثيرة وجذابة، وهو اتجاه استمر في العقود التالية.
أصبحت ملابس السباحة المكونة من قطعتين شائعة في السنوات التي سبقت الحرب العالمية الثانية، حيث غطت تلك الملابس السرة ولم يتبق سوى جزء صغير من منتصف الجسم ظاهراً للعيان
في عام 1946 قدم المصمم الفرنسي (لويس ريند) أول نسخة من ملابس السباحة المعروفة بـ(البيكيني)، ويتميز بأنه مصنوع بكمية قماش أقل بكثير مما سبقه من التصميمات.
استلهم (ريند) اسم مجموعته المكونة من قطعتين بعد تجربة نووية أمريكية حملت إسم (بيكيني أتول)، وكان التصميم الجديد ”شحيحاً“ لدرجة أن المصمم اضطر لاستئجار عارضة أزياء باريسية هي (ميشيل بيرنارديني) لتقوم بعرضه.
كانت ملابس السباحة ذات القطعة الواحدة لا تزال الخيار الأكثر شعبية خلال خمسينات القرن التاسع عشر، فقد أظهرت النساء حينها رغبتهن في تغطية جزء أكبر من جسدهن، أما بالنسبة للسيدات الأكثر جرأة فقد كان البيكيني مثاليًا لهن، وبدأت العديد منهن بارتدائه والترويج له وبالفعل نجحن في ذلك وسمحت أخيراً ملابس السباحة للنساء بأن يشعرن بالثقة والجاذبية، وكشفن عن مستوى ومفهوم جديد للإثارة. ميزت هذه الفترة أيضا ارتداء النساء لقبعات السباحة المطاطية مع إظافة الزهور الفاخرة عليها، وهي موضة لم تدم طويلا لحسن الحظ.
وصولا للستينيات؛ كانت بدلات السباحة مظهراً من مظاهر تحرر المرأة، فقد كانت السبب في تغيير نظرة المجتمع الدونية لجسد الأنثى، وأصبحت بعدها أكثر تحررا فيما يخص ما ترغب في ارتدائه بشكل عام وللسباحة بشكل خاص، فطغى البيكيني على الشواطئ والمسابح العامة. أرادت المرأة أن تتحمل كل الإنتقادات وتثور مرة واحدة على كل القيود، وكانت النتيجة هي تقبل المجتمع لرغبتها المتمثلة في ارتداء ملابس سباحة لا تغطي جزءاً كبيراً من جسدها.
تميزت ملابس السباحة في سنوات السبعينات بأسفلها المرتفع والذي لا يغطي الكثير من الجسد. استخدم المصممون هذه المرة أنماطاً مختلفة وغايةً في الجرأة تكشف كل انحناء من شكل الأنثى. بدأت هذه الموجة الجريئة في أوروبا وشقت طريقها في النهاية إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث طغت تلك التصميمات على المشهد العام.
كانت التغيرات التي طرأت على الأجيال التي تلت (البيكيني) من ملابس السباحة في معظمها تحمل طابعاً جمالياً ورونقا بارزا في طريقة التصميم، فبرز أحد تلك التصميمات بشكل ملحوظ يأسر الجميع.
على سبيل المثال ملابس السباحة المكونة من قطعة واحدة حمراء اللون التي ارتدتها كل من (باميلا أندرسون) و(كارمن إلكترا) عندما مثلتا في مسلسل (بايووتش) التلفزيوني.
مع توسع مجال تصميم ملابس السباحة النسائية ليشمل العديد من الأساليب المختلفة، تطورت معه صناعات أخرى مرتبطة به، وإحدى هذه الصناعات هي التصوير الفوتوغرافي لبذلات السباحة الذي بدأ بالانتشار في منتصف القرن العشرين، ومنذ ذلك الحين ذاع صيته بشكل كبير ونال شعبيته التي لاتزال في أوج مجدها إلى يومنا هذا.
على الرغم من أننا لا نُقدر غالباً الانفتاح الذي أحدثته ملابس السباحة الحديثة، إلا أننا بالتأكيد ممتنّون لكون ما يسمى بـ”آلة السباحة“ قد أصبح شيئا من التاريخ.