“هيئة العطاء المميز” تكرّم التشكيلي النحات شربل فارس في عرينه – صربا
صدى وادي التيم-فن وثقافة/
في مناسبة بلوغه السبعين، وتقديراً لعطاءاته في فنون النحت والرسم والشعر والصحافة، كرّمت “هيئة تكريم العطاء المميز” قبل ظهر الأحد (في 30 تشرين الأول 2022) الفنان شربل فارس، في عرينه ومحترفه، في بلدته صربا (النبطية)، بحضور رئيس الهيئة وحشد من أعضائها، ومشاركة مختار صربا جان فارس، وعدد كبير من الأقارب والأصدقاء والفاعليات، إلى الإعلاميين: كامل جابر وعلي عميص وعلي مزرعاني.
وبعد استقبال حميم من الفنان فارس وعقيلته ثناء، افتتح رئيس الهيئة الدكتور كاظم نور الدين اللقاء التكريمي قائلاً:
اليوم ماذا؟ ولمن أقولُ؟ مباركٌ جمعُكُم وفألُهُ جميلُ
إنّ هيئة تكريم العطاء المميّز تفخر وتعتّز بأن تنال شرف تكريم نجمٍ تألّق في سماء الفن اللبناني والعربي… سَمَاهُ الله بمواهبَ تفرّعت لتطال منازلَ في النحت والصورة الجميلة والتميّز في الألوان لتصل الى الشعر الأصيل… فتفوّق على فناني عصره.
في هذا التكريم كلّفت هيئة العطاء المميّز الأستاذ علي جوني، أحد أعضاء هيئتها الادارية، ليقول كلمة باسمها، يعبّر فيها عما تكنّهُ الهيئة من تقدير واحترام للشخصية الفذّة للفنان فارس والتي تجعله يمتلك صفات التألّق في الإنتاج الفنّي، وأسمح لنفسي هنا أن أقول: الطائيّ بفنّه الغزير…
كلمة الهيئة
وألقى المربي الأستاذ علي جوني كلمة هيئة التكريم، وفيها:
حضرة المكرّم الفنّان الأستاذ شربل فارس، حضرة رئيس وأعضاء هيئة تكريم العطاء المميّز في محافظة النّبطيّة، الحضور الكريم، أسعد أوقاتكم… لقد شرّفّني رئيس الهيئة الدكتور كاظم نور الدّين وأعضاء الهيئة الإداريّة أن ألقي كلمة الهيئة في حفل الإحتفاء بكم.
تأسّست هيئة تكريم العطاء المميّز العام 1996، ومن أهدافها إجلال الإنسان الّذي يثبت نجاحه في إنجاز خدمات تربويّة، إقتصاديّة، ثقافيّة أو فنّيّة. إضافة إلى الإحتفاء بالمؤسّسات الّتي ساهمت في تطوّر المجتمع.
وللهيئة ميراث زاخر في تنظيم المؤتمرات الهادفة إلى توعية المجتمع المحلّي. ففي العام 2017 نظّمت مؤتمراً عنوانه “البيئة والمجتمع”. وفي العام 2018 أقامت مؤتمراً بعنوان “جبل عامل تاريخ وواقع”. وفي العام 2019 عقدت مؤتمراً بالتعاون مع الجامعة الّلبنانيّة الثّقافيّة في العالم، وكان تحت عنوان: “البحث العلمي حول الإغتراب الّلبناني”. كماأصدرت في العام 2019 ديوان “في لغة الضّاد”. في العام 2020 ديوان “قصائد عامليّة”. في العام 2021 ديوان “قصائد في الهجرة والإغتراب”. وفي العام 2022 ديوان “قصائد في جائحة كورونا”. وتصدر الهيئة مجلّة إلكترونيّة نصف سنوية “مجلة معرفة وعطاء”.
إنّنا اليوم نتطلّع إلى إرساء تقليد حضاريّ، يكون فيه الإحتفاء بأهل الفضل نهجاً لا بدّ من ترسيخه. إذ نكرّم فنّانا عزيزاً، له في قلوبنا كلّ المحبّة والتقدير، أقصد الأستاذ شربل فارس، مواليد بلدة صربا الجنوبيّة قضاء النّبطيّة، هو نحّات ورسّام، وشاعر وأديب وناقد فنيّ، صحفيّ، كتب في المسرح والسّينما والتّلفزيون…
أقام أكثر من سبعة عشر معرضاً فرديّاً في لبنان والخارج. شارك في تمثيل لبنان في المحترفات الدّولية منها النّحت على الثّلج في كندا خلال عامي 1998 – 1999. هو عضو في جمعيّة الفنّانين الّلبنانيّن للرّسم والنّحت. وعضو الهيئة الإداريّة ورئيس الّلجنة الفنّيّة في المجلس الثّقافي للبنان الجنوبي سابقاً من العام 2004 ولغاية العام 2018.
نال عدّة جوائز وتنويهات محلّيّة وعالميّة.
كرّمه المجلس النّيابي الّلبناني ومنحه “درع 14 آذار”.
كما كرّمه المجلس الثّقافي للبنان الجنوبي في العام 2015.
وقد كرّمه وزير الثّقافة السّابق الدكتور محمد داوود بيوبيله الذّهبيّ في العام 2019.
تمّ اعتباره من “أعلام بلاد الأرز” العام 2018.
أنجز عدداً من المنحوتات و35 نصباً كبيراً في ساحات مدن وقرى لبنانيّة منها: نصبان برونزييان للعالم حسن كامل الصبّاح، أحدهما على مدخل مدينة النّبطيّة والآخر في بهو الثّانويّة الّتي حملت إسمه “ثانويّة حسن كامل الصبّاح” في العامين 2006 و2009 إضافة إلى تمثال الفلّاح في ساحة بلدته صربا الجنوبيّة.
له العديد من القصائد الّتي حاكى فيها منحوتاته. ناهيك عن الّلوحات الفنّيّة الّتي طرّزها بقصائد أو كلمات وجدانيّة تحاكي واقع الحال.
في تمّوز الماضي زاره وفد من السّينما الوثائقيّة الفرنسيّة لتصوير أعماله الفنّيّة الّتي فاح أريجها في العالم، ليتمّ عرضها عبر فيلم وثائقيّ تحت عنوان (مبدعون من الشّرق الأوسط).
أستاذ شربل تستحقّ أن يعرفك العالم لأنّك تعطي صورة جميلة عن لبنان الّذي التزمت بقضاياه الوطنيّة والإنسانيّة.
الإحتفاء بكم استاذ شربل ينقلنا إلى عالم آخر، عالم غير عالمنا الّذي نعيش أزماته الإجتماعيّة والإقتصاديّة والتربويّة، وما أكثرها من أزمات. إلى عالم النّحت والرّسم والأدب والشّعر، عالم الكلمة المعبّرة والنّاطقة بخطوطها السّلسة وجميل حروفها، إلى صومعتك الّتي استبدلت فيها النّاس بالإزميل والرّيشة والكتاب، وحاورت فيها الصّخر والخشب والطّين. وأنت القائل عندما سئلت لمن تكتب وترسم والنّاس تخنقها الأزمات؟
أجبت: كيف أحيا إن لم أتنفّس الرّيشة والإزميل والقلم في هذه الأزمات الخانقة؟
إستاذ شربل حرصت على التّناغم بين الرّيشة والقلم والإزميل وحملت همّ بيئتك الّتي احتضنتك يافعاً في كلّ زاوية ودار، فكتبت تاريخها النّاصع صوراً ومجسّمات وقصائد ولا زلت تتفيّأ تحت سندياتها وزيتونها وتوتها، وقد اتخذت من جذورها اليابسة مادّة لبعض منحوتاتك الخشبيّة. ولم يغب عن بالك ناسها الطيّبون الّذين جبلوا تربتها بعرقهم، وأغنوها بخير زراعتهم ومحاصيلهم، وطيّبوا أرضها بعبق نسيمهم، وبذروا الودّ حيثما حلّو، ونثروا الأمل أينما نزلوا فاخضرّت الحياة بربيع أرواحهم.
استاذ شربل لم يغب ولن يغيب عن عينيك الوطن الّذي تحنو إليه، وتنتظره عندما يفارقك الّليل، وتوقظك شمس الصّباح. ففي كلّ محطّة زمنيّة ومكانيّة لك وقفة تأمّل ترصد الحدث، تمسك بالقلم، تكتب على ورق أبيض حلمك الجميل، بوجهه المشرق حبّاً ونقاءً وشموخاً، أو ألمه ووجعه. أو تحمل الإزميل لتبدأ رحلة الحوار مع الحجر أو الخشب لتقول الكثير وأنت القائل: “تتحوّل الحنجرة إلى مطرقة والّلسان إلى إزميل”.
شربل فارس أعطى الحياة قلباً صافياً فأعطته أملاً دائماً. واعطاها الثّقة بأنّ ما عند الله أجمل، فأعطته الهدوء والسّكينة. وأعطاها صدق النّوايا، فأعطته أناساً يذكرونه بالخير. وأعطى من حوله إبتسامات تدلّ على إنسانيّته، لتبقى ذكرى جميلة في بال كلّ من قدّم له أشياء حتّى ولو كانت بسيطة.
شربل فارس الشّخصيّة الوطنيّة الحالمة، منها نرتوي الأمل والتّصميم، وننهل جمال الرّوح بسمة وفنّاً راقياً في واقع مرّير، ليكبر الوطن بأمثاله، ويرتقي بفنون مبدعيه. استاذ شربل سلمت يداك وما تنتجه، وعشت للوطن علماً وفخراً.
استاذ شربل تفخر هيئة تكريم العطاء المميّز في محافظة النّبطيّة رئيساً وأعضاء بعطاياك ووطنيّتك. وتقدّم لك وسام الهيئة تكريماً لك وإجلالاً لعطاءاتك.
الوسام
وبعد تعليق رئيس الهيئة الوسام الذي حمل صورته وشعار الهيئة على صدر الفنان فارس، كانت قصيدة بالعامية للشاعر الأستاذ اسماعيل رمّال جاء فيها:
قصيدة رمّال
قدّيش نـــحنـــا فيـــك مبهـــورين وجمهور واسع عا حسب ظنّك
بتَخلُق حياة مْنِ الرمل والطين وخَبّـــر نِـــتـــاجَك يا شهــــم عنّك
مخصّص بِطول البال قبل سنين وموهوب يعني من صِغر سِنّك
نحّات، شاعر، عاشق التلوين رَسّام يــــمكــــن عـــــازف مـحَنّــك
نـــحنـــا يـــاشربل فارس محِبّين وجينـــا نــــذوق الذّوق من دَنّك
أشغالَك ال بالحب مشغولـــــين بـــإزميـــل مُـــبــدِع بالصخـر زَنّك
أشكال روعة هون منحـــوتيـن بـــيِستـــقبــــلـــونـــا بــيـِشرحوا إنّك
يا إبن صربا مَقــــلَع الحلــويــن حـــالِـــة تَمَيُّز هـيك قالوا الناس
وكل الوطن مدهوش من فَنّك
————————-
ومن هيئة التكريم يــا إبن الكِــرام التـــقديـــر كِلّو وكـــل حب وإحــتـــرام
نحنا إذا زرنــاك، فخـــر زيـــارتـــَك يـــا أهـــل للتكريم يـــا عالي المقام
بلبنان عم تِنحَت مجد برسالـــتَك ورسالتَك مش عُنف دعوة للسلام
وهالمُحتَرَف بالكَون باقي مرايتَك العاطيه من روحَك أصالِة وإلتــزام
والمِحوَر الإنسان هُـــوّي غــايتَـك ونحنا معـــك عُشّاق فَنّك عالـدّوام
وتنصير من صفحات نور حكايتَك جينـــا وَفـــد تَـــنكَرّمَــك يـــــوم الأحد
يا لإنتْ أغلى مْنِ البراءة والوِسام
———————–
شربل فارس
بعدها كانت كلمة شكر من الفنان شربل فارس، هذا نصها:
الأعزّاء أعضاء هيئة تكريم العطاء المميّز..
الأصدقاء الإعلاميّين، أبناء بلدتي صربا، أيها الحفل الكريم
كلّ الشّكر والإمتنان لهيئة تكريم العطاء المميّز بهذه البصمة النديّة على صدري. هي جولة من جولات الهيئة، بل هو عطاء من عطاياها المميّزة.
وكم نتمنّى أن نشاهد تكاثر مثل هذه الهيئات في لبنان، وتكون حافزاً مستقلّاً مجرّداً، مثل هيئتكم، لعطاءات مميّزة ونبراساً على مساحة هذا الوطن، الّذي لا يزال تائهاً في الظّلمات. أشكركم وأشدّ على أياديكم فرداً فرداً رئيساً وأعضاءً، وعسى أن ننهض معاً في وطن، ولوطن، آن له أن ينهض.
أهلاً بكم في صومعتي، إن لم أقل محبستي، بل هي مملكتي، حيث الصّخرة تتّكئ على إزميل المنحوتة، وحيث التّربة تستجدي الألوان من الّلوحة، وحيث الشّجرة تداعب حروف القلم وخطوط الرّيشة.
هنا حططت رحالي، ومن صخب بيروت الّتي احتضنتني طفلاً أعود إلى حضن جدّي وقد صرت جدّاً. منذ عشر سنوات عدت من الحروب الّلبنانيّة، ولنقل من أصداء هذه الحروب الّتي لم تنتهِ بعد.
عدت مثخناً بجراح الضّياع، ومثقلاً بالنّعرات الطّائفيّة والمذهبيّة، عدت لتلتئم جراحي وأستعيد اتّزاني. عدت لإعادة تأهيل الذّات بنقد الذّات، إنّما بجلدها فغربلتها. عدت من المتاريس اليابسة وزوجتي ثناء تتابّط ذراعي، نمارس الحبّ الصوفيّ بين الكتب والمنحوتات والّلوحات. عدت محلّقاً في فضاء الفكر والفنّ وتركت زواريب السّياسة والإرتهان. عدت جائعاً أُشبع نهمي بالمطالعة، جاعلاً من صومعتي صرحاً للحرّية، ومرتعاً للإبداع، ومحراباً للحداثة، هنا أنعتق من ظلاميّة الآخر، وأدخل في ذاتي. هنا أتحوّل إلى فراشة على زجاجة قنديل في هذا الّليل الطّويل، قد احترق لكنّني لن أحترق إلّا بجناحين مهيضين. قد تكتم هذه الوحدة أنفاسي، لكنّها، ما هي إلّا اعتزال إختياري شرعت فيه وبإرادتي كلّ أبواب ونوافذ صومعتي على الخارج، على العالم، على الكرة الأرضيّة، وبيدي وسيلة متطوّرة من وسائل التّواصل الإجتماعي. نعم، في هذا الصّخب الموزون ألاقي الخصوبة. فأنا معتزل ولست معزولاً، وأنا وحيد ولست متوحداً.
وطني بين راحتيّ، التاريخ والمستقبل بين يديّ. وهنا يلتقي جدّي بأحفادي، ويتقاطع التّراث بما بعد الحداثة، والمتنبّي بشاعر من “هونولولو” لم يولد بعد. وهنا في محبسة علمانيّة يلتقي المسيحي بالمسلم مصافحاً، والّلاديني بالمؤمن محاوراً، والنّبي إبراهيم ببوذا متشاوراً.
أنا هنا، في هذه الصّومعة الخلّاقة، في السّبعين من عمري أجمع بين أناملي الإزميل والرّيشة والقلم وأخطّط لسبعين سنة قادمة من عمري الآتي…
أهلا بكم وشكراً لكم
هدايا فكريّة
وقدّم، ختاماً، رئيس الهئة الدكتور نورالدين الإنتاجات الفكرية للهيئة في مناسبات تكريمية مختلفة:
- كتاب البيئة والمجتمع
- كتاب جبل عامل تاريخ وواقع
- كتاب الإغتراب اللبناني
كذلك الدواوين التي صدرت في أشهر رمضان للسنوات الأربع الماضية:
- ديوان قصائد عاملية
- قصائد في لغة الضاد
- قصائد في الإغتراب
- قصائد في جائحة كورونا
وشرح رئيس الهيئة المناسبات التئ صدرت فيها هذه المؤلفات، علاوة على مؤلفات أخرى في مناسبات وطنية ككتاب “استقلالنا المنشود”، وفي مناسبات اجتماعية تكريمية ككتاب “سطور في السيد الدكتور محسن جواد”، وفي مناسبات سياحية ككتابي “جنّات عا مد النظر”، وكتاب “لبنان يا قطعة سما”… وصولاً الى المجلة الالكترونية النصف سنوية وأعدادها الخمسة التي صدرت. و”إننا بانتظار إصدار العدد السادس في بداية شهر كانون الثاني 2023”.
وأخيراً كانت صور تذكارية ثمّ جولة في المحترف، وشرح “للعمل المضني الذي عايشه الفنان المميّز والتعرّف على انتاجه الغزير”…
المصدر: كامل جابر