ترصّد الكوليرا الوبائي: وفيات أعلى من المعدّلات العالميّة!

 

صدى وادي التيم-طب وصحة/

كتب فؤاد بزّي في “الأخبار”:

يسجل تقرير الترصّد الوبائي الخاص ببكتيريا الكوليرا زيادات جديدة يومياً، في الحالات المثبتة التي وصل عددها تراكمياً إلى 287، والمشتبه فيها 718 حالة. أما أكثر ما يثير القلق، فهو عدّاد الوفيات الذي سجل تراكمياً 11 وفاة، أي ما نسبته 3.83% من الحالات المثبتة، و1.53% من الحالات المشتبه فيها، وفي الحالتين هو أعلى من النسبة العالمية التي لا تتخطى 1%، ولكن هذه النسبة سترتفع حتى 50% في حال بقي المصاب من دون علاج، أو تمّ إخفاؤه، والتحفظ على إصابته كما يحدث في بعض المناطق اللبنانية.

عازار: العلاج السريع
“الساعات الأولى من الإصابة هي الأهمّ”، بحسب الدكتور عيد عازار، اختصاصي الأمراض الجرثومية، و”من الأفضل عدم ترك المصاب من دون علاج بخاصة في حال الإسهال المائي الشديد”، فالعلاج الأساسي بحسب عازار هو “المصل والماء عبر الفم، في حال تمكن المريض من شربهما، وعدا ذلك يجب أخذ الأمصال عبر الدم”.
أما عدّاد الوفيات المرتفع، فيعيده عازار إلى “عدم احتساب العدد الكامل للإصابات، فهناك مصابون من دون عوارض لا تدخل أرقامهم في التقرير اليومي لوزارة الصحة، ولو تمّ ذكرهم ستنخفض النسبة لما دون الـ1%، من دون أن يعني ذلك التخفيف من خطر البكتيريا. بالتالي، عدد المصابين يمكن مضاعفته 10 مرات، وقد يصل إلى 7180 حالة لا 718 فقط”.
عدد المصابين يمكن مضاعفته 10 مرات وهذا ما يفسّر ارتفاع نسبة الوفيات

وعليه، يجب التعامل مع المصابين ببكتيريا الكوليرا بجدية كبيرة، وبخاصة من قبل الأشخاص المحيطين بهم، فـ”كلّ مصاب يمكن أن ينقل العدوى لعائلته في منزله”، والخطر يكبر في المخيمات حيث المساحات المشتركة بين الناس أكبر، من حمامات ومطابخ، وبحسب عازار “المريض الذي لا يغتسل جيداً بعد استخدام الحمام يمكنه نقل العدوى بيديه، عبر تلويث الأطعمة والمياه”.

والفحص السريع
حتى السّاعة، لا توجد اختبارات سريعة للمشتبه بهم بالإصابة، إلا أن الوضع سيتغيّر في الأسابيع المقبلة، إذ “سيتم استيراد أجهزة فحص سريعة مشابهة لتلك المستعملة لفحص الإصابة بفيروس كورونا” يؤكّد عازار، وهي تقوم على “التأكد من وجود آثار البكتيريا في الخروج. واستثمار عدة الفحص عند وصولها أساسي في تحديد بؤر الوباء ومحاصرتها”. أما الحلول، فيشير عازار إلى أن “الجذرية منها بعيدة المنال، وكان يجب العمل عليها من عشرات السنين، كإنشاء البنية التحتية الملائمة، من صرف صحي، وإعادة تكرير ومعالجة المياه. والحل الموضعي أو الطارئ اليوم يكمن في العمل على الترصّد الوبائي النشط في المناطق، ومحاصرة الإصابات كي لا تنتشر”.

لكن هذا الحلّ الطارئ والموضعي قد لا يكون سهلاً في ظلّ “وضع الدولة المقلق” وفق توصيف الدكتور عبد الرحمن البزري، اختصاصي الأمراض الجرثومية. فـ”البنية التحتية سيئة، والكهرباء مقطوعة تماماً، وأي نقطة تصل إليها بكتيريا الكوليرا يمكن أن تتسبّب بانتشار محلي”. بالنسبة لأبرز التحديات، يشير البزري إلى “أنّها تكمن في ضرورة التنسيق بين مختلف أذرع الدولة الخدماتية على الأرض، من مصالح الماء، ومؤسسة كهرباء لبنان، ووزارة الصحة، بالإضافة إلى السلطات المحلية الممثلة بالبلديات”، ويشير البزري إلى “الاختلاف بين مكافحة جائحة كورونا، وبين وباء الكوليرا، فالأول كان محصوراً بوزارة الصحة، أما اليوم فالكلّ معني على الأرض”، ويحذّر من “كلّ يوم تأخير” في حال عدم تضافر الجهود، ويسأل عن “توافر الإمكانات لدى الأجهزة للعمل”، مؤكّداً “متابعة لجنة الصحة النيابية للوباء وانتشاره مع المؤسسات المعنية في الدولة اللبنانية، كما الجهات الدولية”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!