السوق يفيض بالتفاح والأسعار بالأرض
صدى وادي التيم-متفرقات/
كساد موسم التفاح وصعوبة تصريفه كقصة إبريق الزيت. مشكلة تتجدد كل عام مع بداية شهر ايلول ونضوج الموسم، وإن كانت المشكلة قبل سنوات الأزمة التي نعيش أخف وطأةً، فهي اليوم في ظل الظروف الصعبة والتكلفة المرتفعة التي يتكبدها المزارعون لها تداعيات أكبر.
لم توفر الصعوبات التي يواجهها اللبنانيون عملاً أو جانباً حياتياً إلا ولحقته، حتى طالت شظاياها المواسم الزراعية التي يتعب فيها المزارعون طوال أشهر أملاً بحصاد وفير يعوضون فيه التكاليف المرتفعة التي دفعوها، ويحققون مردوداً يقيهم برد الشتاء، ويوفر لهم لوازم المدرسة والمونة الشتوية في بعلبك الهرمل. وإن كانت المنطقة من الهرمل الى اللبوة مروراً بعيناتا ودير الأحمر واليمونة ودار الواسعة وصولاً الى معربون، تعتمد في أغلبيتها على التفاح كصنفٍ أساسي في المجال الزراعي، ورغم طرح الموضوع أكثر من مرة، جاءت جولة وزير الزراعة عباس الحاج حسن في البقاعين الشمالي والغربي للوقوف على مطالب المزارعين والبحث عن حلول، حاملاً وعوداً وحلولاً أطل بها خلال جولته في يوم التفاح، واعداً بافتتاح أسواق التصدير الى الأردن في الخامس عشر من الشهر الجاري، كذلك حمل وعوداً من الجانبين العراقي والمصري باستيراد التفاح اللبناني، والعمل جارٍ مع الجهات المانحة لتجهيز مئة براد توضيب بالطاقة الشمسية، كذلك شراء الحكومة التفاح المحلي بأكثر من مليون دولار لصالح الجيش والقوى الأمنية، متوقعاً أن لا تقل صادرات التفاح هذا العام عن 150 ألف طن.
هي أمنيات يتمنى الجميع أن تتحقق، أما على أرض الواقع فلا شيء يدل على أن المزارعين سيعوضون تكاليف الري والأسمدة ومكافحة الآفات التي يتعرض لها التفاح، فالموسم بدأ، وباشر معه الناس القطاف كي لا يخسروا في الحالتين، ففي الحالة الأولى الأسعار يصح أن يقال عنها أنها «بالأرض»، ولا يصل ثمن كيلو التفاح الواحد الى سعر التكلفة التي احتاجها، ففي سوق «الحسبة» التي تأكل دائماً تعب المزارع، يباع الكيلو هناك بين ألفي ليرة للأحمر وستة آلاف للأبيض، ناهيك عن تكلفة القطاف والنقل، أما الحالة الثانية فهي الخوف من الرياح التي تلعب بأعصاب المزارعين فيتساقط التفاح على الأرض بنتيجتها ويصبح غير صالح للبيع وتقع خسارة فوق خسارة، وعليه يسعى بعض المزارعين الى محاولة تحصيل ما أمكن وتعويض التكاليف التي تكبدوها على مدار العام، فالناس لا تستطيع أن تنتظر الحلول التي تعمل عليها وزارة الزارعة والكثير منهم يحتاج إلى سيولة بين يديه لتأمين احتياجاته.
وعلى المقلب الآخر في المنطقة، بدأ العديد من المزارعين قطاف مواسمهم وتوضيبها في برادات التبريد التي تبقي على التفاح فيها حتى نهاية شهر شباط مقابل أربعة دولارات أجرة تبريد وهي تكلفة تضاف الى السعر، ويخاطر هنا هؤلاء في انتظار سوق التصدير وارتفاع أسعار التفاح وخصوصاً في فصل الشتاء والأعياد، غير أن السوق المحلي لا يمكنه أن يستهلك الكميات الكبيرة المتوفرة، وعليه سيكون المزارعون أمام خسارة أخرى إذا لم تتحسن الأسعار وسيدفعون أجرة التبريد من جيوبهم.
أكثر من ألف صندوق يقوم علي ج. بتوضيبها تحضيراً لوضعها في البراد، ويقول لـ»نداء الوطن» إن «الوعود التي أطلقها الوزير تبشر بالخير ونأمل منها أن تعوض تعبنا وما تكلفناه على رزقنا»، مضيفاً «سعر السوق مخزٍ ولا يسد ثمن المحروقات التي دفعناها للري على مدار العام والكل يعلم الأسعار الخيالية للمازوت، ناهيك عن مبيدات الرش، وعليه فضّلت أن أغامر وأضع في البراد بانتظار الحلول فيما بدأ بعض جيراني القطاف والبيع في السوق فأوضاعهم الاقتصادية لا تتحمل انتظاراً ومغامرة، وكلنا ننتظر الموسم من عام الى عام ونبني عليه أحلاماً ضاعت في الهواء وتقتصر اليوم على الأكل والشرب».
المصدر:عيسى يحيى – نداء الوطن