الملحن اللبناني انور محمود : انا مع تطور الاغنية العربية بكل ألوانها ولكنني ضد التخلي عن هويتها واصالتها
صدى وادي التيم – فن وثقافة :
بدأ هاوياٍ يعشق فن الموسيقى حتى اصبح عازف اورغ و عود وملحنا . تعلمها بمثابرة شخصية دون معونة احد عبر السماع والتدريب والقراءة والخبرة الميدانية ، حتى اصبح يمتلك صفات الفنان الحقيقي واثبت جدارته في الساحة الغنائية اللبنانية من خلال عدة اغان بأصوات مطربين شباب ، عضو نقابة محترفي الموسيقى والغناء في لبنان ، يعتكف حاليا على انجاز اخر لحن لأغنية بعنوان ( بعتذر منك) للفنانة كريستال معلوف ، انه الفنان انور محمود .. في بداية حواري معه تحدث عن كيف بدأ حياته الفنية ، حيث قال :
-انا ابن حاصبيا، جنوب لبنان ابن هذه المنطقة الجميلة التي ينطبق عليها عنوان الألفة والعيش المشترك بين جميع أطياف المجتمع اللبناني بتعدد طوائفه ومعتقداته، حاصبيا التي عانت الاحتلال قرابة العقدين، فكانت بدايتي بسن المراهقة هاوٍ يعشق الفن والأصالة ، تعلمت على يد احد العازفين المقامات الموسيقية السبع فقط وبفترة سبعة أيام فقط، وسبع اغانٍ لا غير وابتدأت المشوار بجد وكد ومثابرة شخصية دون معونة من احد. كثفت التمارين اليومية استماعاً وعزفاً، حتى تمكنت خلال بضعة أشهر للصعود على مسرح الثانوية بحفلة لعيد المعلم، إلى بعض الحفلات الخاصة وحفلات الافراح.
*متى شرعت اول مرة بالألحان وما هو اول لحن لك ظهر في الساحة الغنائية ؟
-في العام 1996، كان لي اول تجربة في الكتابة والتلحين، وكانت اغنية ( للجنوب) لكنها بكل اسف لم تبصر النور ، بسبب الأوضاع التي كانت تحكمنا آنذاك، وبسبب البعد الجغرافي عن العاصمة بيروت وبسبب الاحتلال لم يتسنى لي الانتساب لأي معهد موسيقي، لعدم توفره في منطقتنا ولعدم التمكن من الذهاب خارجها. وفي العام 1997 ولظروف قسريّة انقطعت عن عملي الموسيقي 20 سنة كاملة.ففي العام 2017، استعدت ذاتي وعدت لهوايتي وموهبتي التي منحني بها الله عزوجل، وبالرغم من خسارتي لتقنياتي ومرونتي، قررت أن اعوض هذا الانقطاع، كتبت ولحنت مجدداً مجموعة أعمال تقدمت بها لجمعية المؤلفين والملحنين (sacem-f) وكان لي شرف الانتساب، بعدها تشرفت ايضاً بالانتساب لنقابة محترفي الموسيقى والغناء في لبنان بصفة عضو عامل (اختصاص: عازف اورغ، عود وملحن) .
*وما اثمرت تلك العودة ؟
-في صيف العام 2019 اثمرت عدة أعمال منها اغنية (حاصبيا) كلماتي والحاني، توزيع المايسترو إحسان المنذر، غناء الفنان مجد العيسمي واغنية (لبنان ام وبي) كلمات الشاعر سليمان حديفة ، الحاني وتوزيع المايسترو إحسان المنذر، غناء الفنان شاهين صياح واغنية ( لبنان بيتألم) كلماتي والحاني، توزيع رشاد الحلبي تسجيل د. مارون ابو ديوان غناء الفنان سامر بدوي (سيزر) تناولنا بهاذين الاغنيتين ما آلت اليه الأوضاع المتردية في وطننا الحبيب لبنان.
*من هو الفنان الذي تشعر بانه له الاثر اكبر في حياتك ؟
-الموسيقار ملحم بركات والفنان العظيم فيلمون وهبي.
* الى أي مدرسة غنائية تنتمي ؟
-لن ادعي انتمائي لمدرسة محددة لكنني تأثرت كثيراً باللون اللبناني الجميل ، وكنت وما زلت انتقي ما اريد سماعه وما أميل إليه، واهمهم مع حفظ الالقاب: الرحابنة ( عاصي ومنصور وزياد )، العملاق وديع الصافي، زكي ناصيف، فليمون وهبي وغيرهم، ولن اخفي حقيقة شعوري بأنني اعتبر ألحان ملحم بركات بغالبيتها تعتبر مدرسة شاملة متنوعة تربط الحاضر بالماضي والزمن الجميل عربياً، وهم كثر، إنما أعلن عشقي لألحان العظيم بليغ حمدي.
*اهم الالوان الغنائية التي تعشقها ؟
-الطربية في المقام الأول، الاغنية الشعبية الملتزمة، اذا صح التعبير ” الطرب الشعبي” والفلكلور.
* هل انت راضي على وصلت اليه ؟
-سيدي الكريم، حالتي استثنائية بعض الشيء، كما اسلفت انني مررت بظروف قسريّة ابعدتني عن ممارسة الموسيقى انقطاعاً تامّاً دام عشرين عاماً، واليوم وبعد عودتي منذ خمسة سنوات انني ما زلت بطور لملمة الذات وخاصة انني هاوٍ لم تتسنى لي اي فرصة لدراسة الموسيقى والتعمق بها، اهتم بموهبتي التي منحني بها الله اسعى دوماً لتطويرها بطرق خاصة ونصائح المثقفين، متصالح مع ذاتي وهذا ما يجعلني راضٍ وبفرح لما وصلت اليه، طموحي كبير لن اقبل التراجع مرة جديدة رغم الظروف القاسية التي نمر بها في لبنان ورغم الانحطاط الفني، سيبقى الأمل بالغد اكبر بكثير
* كملحن هل توضح لنا رؤيتك لواقع الاغنية العراقية الان ؟
-قلت لي كملحن ! وعملي ان اجعل للكلمة نغماً يلامس القلوب ويحاكي المشاعر والاحاسيس، النقد له اربابه، لكنني سأجيب على سؤالك على قدر معرفتي المتواضعة، واقع الأغنية العربية كلها بتراجع كبير وكبير وللعراق حيثيته الخاصة ذاك النبع الكبير وموطن الفن الأصيل والموسيقى الجميلة والكلمة الراقية الرائعة لا بد أن هذا التراجع قد شمل الاغنية العراقية، ولكن على ضوء ما نسمعه اليوم واقع الاغنية العراقية أفضل من غيرها.
*من من الاصوات الغنائية اللبنانية التي تشدك والى من تميل ؟
-كثرٌ هم الذين يمتلكون أصواتاً جميلة تطرب لها الآذان والقلوب معاً، لن ادخل في التسميات احترم الجميع وأميل بحب كبير للذين ما زالوا ملتزمين ومحافظين على الأصالة بالكلمة واللحن والأداء الجميل.
*ما الذي يميز جيلك عن الجيل الذي سبقكم في مضمار الاغنية اللبنانية ؟
-اذا كان المقصود بالجيل الفترة الزمنية اي بين اليوم والأمس ، فإن جيل اليوم رغم التطور والامكانيات التي لم تكن موجودة عند الجيل الذي سبقنا، بكل أسف تعلق بالقشور وتأثر بالسلبيات وترك كل شيء جميل بدل الاستفادة من هذا التطور، وغياب الرقابة الفنية لها الدور الأكبر لها .
* هناك اتهام لجيل المطربين الشباب اليوم ، بانهم ابتعدوا عن الذائقة العربية الاصيلة واغنياتهم الحالية لا تحمل نفس الهوية العربية للأغنية ، هل تؤيد ذلك ؟
– نعم، ولكن اسمح لي أن أقول: المغنون او المؤدون، هم ليسوا بمطربين، المطربون ما زالوا موجودين ونحن واياهم بمعاناة واحدة، انا مع تطور الاغنية العربية بكل ألوانها ولكنني ضد التخلي عن هويتها واصالتها، مع ان تطور مواضيع الأغنية مع ما يتناسب زمننا هذا ومع التمسك بالصورة الشعرية الجميلة وتبسيطها، ولكنني ضد الترهل والكلمة البذيئة.
*الى ماذا تطمح ؟
– اطمح إلى تغيير هذا الواقع المرير، علينا جميعاً ان نستشف من الماضي الجميل الذوق والأصالة ونقدمها بقالب جميل يليق بالحاضر وجيله، وكل ما نمرّ به من موجة هوجاء ستضعف وتتلاشى قريباً ان شاء الله. ويجب على المعنيين وأهل السلطة والنقابات الاهتمام وبكافة الوسائل كي يعيدوا للفن مكانته.
* ماذا تحمل في جعبتك من الحان جديدة ؟
-أغنية ستبصر النور بعنوان ( بعتذر منك) للفنانة كريستال معلوف، كلماتي والحاني، وتوزيع الفنان عامر منصور. وللفنان سامر بدوي ثلاثة اغانٍ من الحاني واحدة من كلماتي واثنتين لأحد الشعراء، لم يبصروا النور بعد جراء كلفة الإنتاج وتباعياتها. ولي أيضاً بعض الأعمال المحليّة. وهناك مجموعة اغانٍ ليست بقليلة تنتظر من يستحقها، تتناول عدة مواضيع وطنية، اجتماعية، غرامية… الخ.
حاوره / كاظـم بهـيـّـة
* نشر في جريدة الحقيقة العراقية العدد 2287 ليوم الاربعاء 28 ايلول 2022