دولار الـ15.000… طبع ليرات بـ”الشوالات” و”دعسة ناقصة”
صدى وادي التيم-لبنانيات/
اعتاد اللبنانيون على مفاجآت حكّامهم بلا محاسبة ولا مراقبة. ففي ظل انهيار اقتصادي ـ مالي ـ اجتماعي، وقبل 24 ساعة من أول جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، فاجأنا وزير المال في حكومة تصريف الاعمال يوسف خليل، وللمرة الأولى منذ العام 1997، باتجاه لبنان إلى اعتماد سعر صرف رسمي جديد قدره 15 ألف ليرة للدولار الواحد بدلاً من 1.507 ل.ل. المعمول به على مدى 25 عاماً.
وما كاد حبر قرار وزير المال أن يجفَّ، حتى انهمرت التساؤلات عن تداعيات هذا القرار على حياة اللبنانيين اليومية، من أسعار السلع والمحروقات والأدوية، وغيرها. فهل يلجم هذا القرار السوق السوداء وجشع الصرافين؟ وما تداعياته على أجور القطاع العام و”الزودات” التي أقرت في موازنة العام 2022؟
الخبيرة الاقتصادية والمالية ليال منصور، تؤكد، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “ظاهر هذا القرار يختلف عن تطبيقه، فنظرياً (De-jure) يعني اعتماد الـ15.000 كسعر رسمي بكل القطاعات والضرائب والودائع والمصارف، وتطبيقه جيد جيداً لكا لا يدوم أكثر من سنتين أو 3 كحد أقصى. لكن فعلياً (De-Facto)، من المستبعد تطبيق القرار على أرض الواقع، لأنه بحاجة إلى دولارات كافية لتغطية الودائع على سعر الـ15.000 ل.ل. وغياب الإصلاحات الكبيرة التي نحن بحاجة لها”. وتلفت، إلى أنه “لدينا أقل بقليل من 100 مليار دولار ودائع في المصارف، غير موجودة فعلياً، ويريدون تحويلها للّيرة اللبنانية على أساس دولار الـ15 ألفاً. بالتالي لا يمكن تطبيق ذلك بأي شكل”، موضحة أن “الدولة ستستفيد فقط بفعل اعتماد دفع الضرائب والمعاملات على أساس دولار الـ15.000 ل.ل”.
وعن مصير أسعار السلع والمحروقات وفواتير الكهرباء والهاتف وغيرها؟
ترى منصور، أن “أسعار السلع تعتمد أساساً على أسعار السوق السوداء، بالتالي إذا ارتفعت الضريبة سترتفع معها الأسعار، لكن بشكل تدريجي، والدولار سيبقى ضمن حلقة السوق السوداء ولن تُحرّر”. وتضيف، “أسعار المحروقات والـTVA أصبحت على الدولار، بالتالي قرار الـ15 ألفاً لا يفيد هذا الملف، وسيبقى رهن السوق السوداء. والأمر ذاته بالنسبة لأسعار الخبز، وغيرها، التي سترتفع بفعل هذا القرار لكن بطريقة بسيطة لأن الأسعار عامةً مرتفعة من الأساس والقرار لن يؤثّر بها. في حين ستُدفع فواتير الكهرباء والماء والهاتف على السعر الجديد (دولار الـ15.000 ل.ل)، تبريراً لصندوق النقد الدولي على أننا زدنا الرواتب والضرائب”.
أما بالنسبة لأجور القطاع العام؟ توضح منصور، أن “زيادة الرواتب في القطاع العام ثلاثة أضعاف، كما أقرت في موازنة العام 2022، على سعر الـ1.507 ل.ل”، مؤكدة أنه “سينتج عن ذلك طبع ليرات بـ(الشوالات)، ما سيؤدي إلى ارتفاع الدولار والأسعار من شهر إلى آخر. بالتالي سنصل لمرحلة ارتفاع أسعار السلع والدولار أضعاف زيادة تلك الأجور”. وتسأل، “هل الإيرادات الواردة على دولار الـ15 ألفاً، ستكون في جيوب السياسيين أم في إيرادات الدولة؟”.
وعن مصير القروض ومنصة “صيرفة”؟
تعتبر منصور أنه “نظرياً، من المفترض أن تختفي المنصات والسوق السوداء بفعل هذا القرار. لكن مع فلتان الأمور في لبنان وعدم المراقبة والإصلاح، ستبقى التطبيقات طاغية على الساحة، وسنكون أمام صيرفة بسعر أعلى من 15 ألفاً، أو يوازي أسعار السوق السوداء. أما بالنسبة للقروض فاذا طُبّق القرار، من المفترض تطبيقه على القروض والودائع، لا على القروض فقط، لكن عملياً (مش ماشي الحال)، وسنكون أمام 15 ألفاً لدولار الإيرادات، وسعر صرف مختلف لكل من القروض والودائع والمنصة والسوق السوداء”.
أما عن تأثير هذا القرار على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي؟
تشير منصور، إلى أن “قرار الـ15 ألفاً يرضي الصندوق. إذ يكون الموقف اللبناني، زيادة أجور موظفي القطاع العام، لكن في الوقت ذاته ارتفاع المداخيل 10 أضعاف لتخفيف نسبة التضخم”، مؤكدة أنه “كان يفترض أن تأتي هذه الخطوة بعد تأمين النمو الاقتصادي واستقرار سعر الصرف. كما يفترض أن يكون هذا القرار مع إقرار الموازنة العامة، لا بعده ولا قبله، مع دراسة كبيرة لتحديد الرقم وتداعياته على نقص الاستهلاك مع زيادة الضرائب”.
وتعتبر منصور، أن “هذه الخطوة تُسجل كمرحلة ما قبل تحرير سعر الصرف، إذ لا رؤية اقتصادية لدى المسؤولين. لكن من الممكن أن تكون نوعاً من محاولة إنجاز ما بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون”.
المصدر:”القوات اللبنانية”