سيدة حرمون … بقلم بيار عطاالله
صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم :
في حنايا ذكريات كل بلدة جنوبية اخبار عن روحانية وقداسة تلك الأرض سواء أكانت إسلامية، درزية، أم مسيحية…. ويعود الامر إلى اسباب عدة، منها مجاورة الجنوب لارض الجليل وعلى مرمى ساعتين من اورشليم القدس، حيث شهدت تلك الأرض سيرة السيد المسيح وحياته وصلبه وقيامته… وفي الجنوب أيضا وفي منطقة حاصبيا تحديدا وجدت الدعوة التوحيدية أرضا خصبة وشعبا مشبعا بالروحانيات ومتعطشا للحكمة فكانت من المناطق الأكثر تقبلا لافكار الدعاة ورسالتهم…. وفي الجنوب أيضا وجد الإسلام الشيعي الكثير من المؤيدين والانصار ….
كتب المؤرخ انطوان خوري حرب الكثير عن قداسة الجنوب قبل وبعد انتشار الرسالات السماوية، وخص حرمون جبل التجلي بكلام يعانق الأرض مع السماء، وها هي رمزية شخص (نصب) السيدة العذراء تضيف إلى جبل حرمون الشيخ قداسة على قداسة المقامات والكناءس ومزارات الاولياء …
ليس تمثال – شخص – نصب السيدة العذراء مريم ذا قيمة في حد ذاته (رغم جمال صنعته الفنية) فنحن لا نعبد التماثيل ولا الاصنام، بل نحن نحني الراس احتراما للسيدة العذراء المتسربلة بمنديل راسها على عادة النساء في قرانا، والمنحنية بلطف حاملة الطفل الإلهي الذي كتب بسيرته أعظم حدث في تاريخ البشرية كما قال الدكتور شارل مالك…
ليست السيدة العذراء مريم غريبة عن منطقتنا وسواء زارتنا ام لا كما كتب الباحث الاستاذ نبيل بو نقول إلا ان الاكيد انها شربت من مياه حرمون وطبخت بزيت زيتونه، واكلت من قمح بلادنا وخيراتها وعلمت ابنها الوحيد اللغة الارامية التي تحدث بها إلى اهل البلاد الأصليين في تجوالهما معا في صور وصيدا وقانا ومغدوشة وكل تلك الربوع…. ورفع نصب سيدة حرمون على أعلى تلال كوكبا هو تكريم ما فوقه تكريم لهذه العلاقة الروحانية ما بين أرض الجنوب وكل معاني القداسة….
بيار عطالله