نزيف الأطباء ينذر بالأسوا.. كارثة صحيّة في طريقها إلينا
صدى وادي التيم – لبنانيات :
يتفاقم الوضع المعيشي يوماً بعد يوم بحيث بات اللبناني يُذلّ، في كلّ شيء تقريباً. ولكن أكثر ما يؤلم ويثقل كاهل كثيرين هو الهمّ الصحّي الذي يُلاحق اللبناني من كلّ حدبٍ وصوب.
ما يحصل في القطاع الطبّي والتمريضي يُنذر بالأسوأ، إذ يأسف نقيب الأطباء، البروفِسور يوسف بخاش، للنّزيف الذي يحصل في الطاقم الطبّي، ويحذّر، عبر “الأنباء” الإلكترونيّة، من كارثة مستقبليّة في حال استمرّ الوضع في البلد على ما هو عليه.
يعتبر بخاش أنّ، “هجرة الأطباء والكوادر الطبية يمكن تقسيمها إلى 3 أجزاء: أوّلاً، الذين هاجروا مع بداية الأزمة وقد ساعدتهم في ذلك علاقاتهم مع الخليج والغرب وأوروبا، وسهّلت عليهم الانتقال فوراً. وثانياً، الهجرة جرّاء الأزمات المتلاحقة التي تعصف بلبنان، تحديداً بعد انفجار المرفأ الذي تبعته هجرة كبيرة لأطباء فقدوا الأمل بالبلد. أمّا ثالثاً، فالهجرة المستمرّة جرّاء الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي الذي يزداد تعقيداً”، كاشفاً هنا عن أنّ بعض الأطباء يفكّرون بالهجرة اليوم لأنّ الوضع النقدي شديد الصّعوبة، “فالمصارف تضع شروطاً تعجيزيّة على المستشفيات والأطباء واللجان الطبية”، وفق ما يقول.
ويرى بخاش أنّ الأسوأ من هذه الأجزاء الثلاثة هو ما قد ينتظرنا مستقبلاً، إذ “حوالي 60 إلى 70 في المئة من طلاب الاختصاص تركوا البلد وهاجروا ليتخصّصوا ويعملوا في الخارج. فهؤلاء مستقبل الطبّ في لبنان، ومع الأسف سينخرطون في المجتمعات والجامعات في الخارج وسيتأقلمون، كما أنّه ستُفتح لهم مجالات للعمل حيث يتواجدون”، لافتاً إلى أنّه “إذا لم تُحلّ الأزمات في البلد في غضون 3 أو 4 سنوات من الصعب أن يعودوا مجدداً، ما يعني أنّنا سنخسرهم بشكلٍ نهائي”.
ويُتابع بخاش في ما يخصّ الطلاب أيضاً، قائلاً: “مَن أنهوا الطبّ العام ويريدون العمل في المستشفيات اللبنانية، أو التخصّص في كلّيات الطب لا تكفيهم الرواتب التي يتقاضونها بالليرة اللبنانية، إضافةً إلى مشاكل التنقّل والسكن، وكلفة الاتصالات نتيجة ارتفاع الأسعار”.
كلّ تلك العوامل لا تبشّر بالخير، وتُبعد كثيراً عن لبنان لقب “مستشفى الشرق”. فكم يُكلّفنا ذلك؟ وكيف سيؤثّر على الوضع الصحّي في البلد؟
يُجيب الأخير: “في الوقت الحاضر، وبالنسبة إلى الخدمات الصحية، فهي ما زالت جميعها متوفّرة، رغم أنّه في بعض الاختصاصات قلّ عدد الاختصاصيين، ولكنّ الخدمات تُقدّم للمرضى بشكل طبيعيّ. أمّا الاختصاصات الدقيقة فقد لا تكون موجودة في بعض المناطق، ولكنها متوفّرة في العاصمة. لكنّ التأثير كان جلياً على الاقتصاد، إذ انعكست هجرة الأطباء سلباً على الدخل القومي اللبناني، وهذا يُقلّص ويهدم الصورة التي بُنيت عن لبنان أنّه مستشفى الشرق الأوسط”.
وعن التأثير الطويل الأمد، يقول: “إذا طالت الأزمة سيتكرّر سيناريو سوريا والعراق، ما يعني أنّنا قد نشهد، “هجرة كلّ الكوادر الطبية من لبنان”، “وساعتها رح يفضى البلد”.. قد لا نصل إلى كارثة صحية، ولكن المستوى العلاجي الطبي والفكري في لبنان سيتراجع بشكلٍ ملحوظ”.
بات الموت يلاحقنا في بلدنا، وللمفارقة أنّه قد ينتظرنا على باب مستشفى… وبدل الموت مرّة، نموت ألف مرّة