كواليس زيارة قائد الجيش الى البقاع… “لا تجربونا”

صدى وادي التيم – لبنانيات :

هو من يقرر متى يجول في البقاع، وهو من يقرر توقيت عمليات مكافحة ارهاب المخدرات، قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون زار البقاع واجرى جولة على العسكريين وعلى منزل الشهيد الرقيب زين العابدين شمص.

وصل بواسطة طوافة عسكرية وتنقل في المنطقة بواسطة موكب عسكري من آليات للجيش شاركت في العمليات ضد تجار المخدرات.. كانت الرسالة واضحة بأن الجيش يمكنه ان يكون في اي مكان وفي اي زمان وحيث ما يشاء وبأنه لا يخاف شيئا ولا يأبه بتهديد.

في فرع مخابرات منطقة البقاع في أبلح حيث التقى عون الضباط والعسكريين قال لهم في وجوههم السمراء التي احترقت من اشعة الشمس في خلال عمليات الاقتصاص من تجار المخدرات “يا ليتني استطيع تقبيل رؤسكم فردا فردا”، وهو كان متاثرا اثناء الحديث اليهم. العسكريون بالمقابل كانوا ايضا يبادلونه التأثر وعبارات المحبة والفرح، وهم تأثروا ايضا بالزيارة التي لم يتوقعوها للتهنئة والتي نزلت عليهم “جرعة معنويات قوية”، لأن فرع مخابرات البقاع كان رأس حربة في العمليات.

مواقف قائد الجيش كانت موجهة وحاسمة، فهو قال للجميع على الملأ ان الدماء التي سقطت في آخر مهمّة لن تذهب هدراً، وقال: “التضحية قدر وليست خيارا”.

واعتبر أن آفة المخدرات هي أخطر من ‏الإرهاب لا بل إنها تغذي الإرهاب وتضرب المجتمع، مشيراً إلى أن “مهمة مكافحة المخدرات ليست أساساً مهمة الجيش، ولكن لا يمكن أن نسمح بأن يغزو هذا السم عائلاتنا وشبابنا ومجتمعنا. أصبحت هذه المهمة أولويتنا، انطلاقاً من إيماننا بوطننا وحرصنا على شعبنا”.

ونوّه العماد عون بالمهنية والحرفية العالية التي يتحلّى بها العسكريون أثناء تنفيذ مهماتهم، وبخاصة المهمة الأخيرة لتوقيف المطلوب علي منذر زعيتر في بعلبك، والتي استشهد خلالها الرقيب زين العابدين شمص وجرح خمسة عسكريين آخرين، وقد عملوا على الا يصاب أي من النساء والأطفال الذين احتمى خلفهم المطلوبون، فغُدر بهم وسالت دمائهم فداء للوطن.

في هذه المحطة، شدّد قائد الجيش على أن توقيت تنفيذ أي مهمة أو عملية أمنية مرتبط بدواع أمنية مبنية على معلومات وتحليلات، وليس وفقاً لأي أجندة. أكّد بما لا يقبل الشك أن الجيش لا ينتظر أي غطاء لتنفيذ مهماته، إنما يقوم بها انطلاقا من قسمه. حزب الجيش الوحيد هو لبنان وطائفته هي البزّة العسكرية.

في بلدة بوداي قدم قائد الجيش واجب العزاء لعائلة الش هيد الرقيب زين العابدين شمص. العائلة تشربت روجح المؤسسة العسكرية. بالنسبة لها الجيش روح تضحية من أجل الآخرين ومن أجل غد افضل للابناء. بدا ذلك واضحا من استقبال العائلة للقائد ومن الحديث الذي جرى. بدا ايضا واضحا من ولد الش هيد، الذي حرصت والدته على ان يرتدي وشقيقته البزة العسكرية. صحيح ان التضحية بالفلذ كبرى وان لا الم يضاهي الم الفقدان انما الاقتناع كان جليا بجدوى العملية العسكرية التي استشهد فيها شمص.

في العزاء اقتربت احدى السيدات من قائد الجيش. قالت له ان اولادها باتوا في خارج لبنان، وهي تريدهم في لبنان، وهم لم يكونوا يجرؤون على الخروج ليلا في المنطقة بسبب تجار المخدرات. قالت له ايضا ان الجيش هو الامان والضمانة، وطلبت من عون اكمال الطريق وتكثيف الاجراءات والعمليات الامنية.

لم يأت حديث السيدة من عدم. فالأمور تغيّرت في المنطقة بعد بدء عمليات الجيش.

امر لافت حصل في بعلبك وبلداتها. المخلون بالقانون اختفوا، وقسم منهم بات يلتزم بالقانون. في المنطقة لم تعد تشاهد سيارة من دون لوحات او سيارة بزجاج داكن، فهذه العملية بعثت روحا من الامن والأمان واخافت المخلين بالامن وارهابيي المخدرات.

اما الجيش، فلن يتراجع بالرغم من كل التهديدات وما يقال، وهذه دلالة زيارة القائد الى المنطقة.

قائد الجيس وجه كلاما حاسما ويحمل العديد من الرسائل، بان الجيش لا ينتظر اذنا من احد لتنفيذ المهمات، والجيش نفذها في توقيته، وموضوع المخدرات بات اولوية ، وان العملية لم تتوقف فالحرب طويلة على المخدرات.

لهجة قائد الجيش كانت قوية في كل المحطات البقاعية. في مقابل لهجة القائد، كانت لهجة عائلة الشهيد على الموجة نفسها من الوطنية: ” قدمنا شهيدا من اجل لبنان من اجل الاطفال والجيال الصاعدة.. المخدرات اخطر من الارهاب”.

“الجيش طائفته هي البزة العسكرة وحزبه هو لبنان،” رسالة من عون حملت سهاما حادة تجاه كل من يحمي تجار المخدرات ويأويهم، فلا تفرقة ولا طوائف امام الحرب على المخدرات.

جوزاف عون سار على طرقات تجار المخدرات وداخل عقر دارهم بقوة وحزم، ووجه لهم رسالة حاسمة بانه والجيش هنا حاضر بقوة لا يخاف احدا ولا ينتظر ساعة من احد، لا يسأل عن انتقادات ولا عن تهدديات من اي فريق. اما من يتهمه بانه يسعى الى منصب رفيع، فلا يهتم باتهاماته بقدر عدم اهتمامه بالمنصب، جلّ همّه حماية المؤسسة العسكرية والمجتمع اللبناني، وقال للجميع بوضوح “لا تجربونا”.

عيون قائد الجيش اغرورقت بالدموع عندما رأى ولد الش هيد شمص وابنته ينتظرانه امام الباب بالبزة العسكرية. القائد القوي في مكان الحزم يكون جارحا وفي مكان العاطفة اكبر الشاعرين بوقع بالشهادة ووجع اهل الشهداء واولادهم وعائلاتهم. هذا الجرح في قلبه كبير، فهو فقد العديد من العناصر في الحرب على المخدرات، ولكنه لن يتوقف ولن يكل ولم يمل.

وفي منزل الش هيد شمص، قال قائد الجيش وهو يجلس الى جانب اهل الشهيد عبارات حازمة، بان “حربنا مع المخدرات طويلة من نقوم به بالمنطقة لم يفعله احد، والشهيد لا يموت وابنكم هو ابننا وليس ابن آل شمص وهو ابن عشيرة المؤسسة العسكرية، وانتم اصحاب اخلاق ولا مشكلة لدينا مع اي عشيرة في لنبان، ومشكلتنا هي مع كل شخص خارج عن القانون لاي طائفة انتمى، ولاي جهة سياسة انتمى”. قال ايضا: “كل شخص يمد يده على عسكري سأقطعها، وقلتها سابقا لا تجربونا، ووعد لكل ارهابي بانه سيدفع الثمن”.

للعائلة اضاف: “ابنكم سقط ش هيدا دفاعا عن النساء والاولاد وهو ضحى بنفسه لحمياتهم، وهم اعترضوا على عمارة هدمناها؟ هي عمارة الموت وهي لادارة عمليات المخدرات، وبدل ان يحزنوا على الش هيد وعلى المواطنين الذين يموتون بالخدرات ومن تفككت بيئتهم بسبب المحخدرات حزنوا على مبنى فيه غرفة عمليات مخدرات”.

في بعلبك وقف القائد عون مقابل قلعة بعلبك في قيادة اللواء السادس ووجه رسالة من هناك امام عناصر الجيش في المنطقة، ورسالته كانت بان الامن خط احمر ولن يسمح لأحد بزعزعته على ابواب الموسم السياحي، وكانت عينه على قلعة بعلبك من جهة وعينه الاخرى على عناصر عسكرية مجبولين بالشرف والتضحية والوفاء.

في ختام الجولة قال العسكريون لقائدهم رسالة مستوحاة من رسالته لهم: “نفتخر بأنك قائد لأبطال امثالنا”.

المصدر:vdl

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!