لا تنخدعوا بالغاز والنفط: “لبنان ليسَ جزيرة” ومخاطر ماليّة في الأفق!

نشر موقع Modern diplomacy مقالاً أعدّته أنطونيا ديمو، وهي رئيسة وحدة الشرق الأوسط في معهد تحليل قضايا الأمن والدفاع في اليونان وباحثة في مركز تنمية الشرق الأوسط في جامعة كاليفورنيا، قالت فيه “يستمر النفط والغاز في تأجيج الصراع في سوريا على الرغم من تقلص الأراضي التي يسيطر عليها داعش، واستعادة الحكومة السورية السيطرة على أجزاء من البلاد”، وتطرّقت في المقابل إلى قطاع النفط وتأثيره في مستقبل لبنان.

وأوضحت الباحثة أنّ اللاعبين المحليين والجهات الفاعلة الخارجية تكافح من أجل السيطرة وامتلاك موارد النفط والغاز السورية، مشيرةً إلى أنّ البنية التحتية للطاقة في سوريا دُمّرت إلى حد كبير من قبل المقاتلين المعارضين والجماعات الإرهابية والجيش السوري أيضًا الذي كان يسعى إلى إعادة فرض السيطرة على هذه المناطق الغنية.
وأشارت الى أنّه بسبب الخسائر التي مُنيَ بها التنظيم، ركزت استراتيجية “داعش” بشكل خاص ليس على عدم التنازل عن منشآت النفط والغاز التي كان يسيطر عليها في السابق، ولكن على تدمير البنى التحتية للطاقة مثل حقول غاز حيّان التي تقع على بعد 40 كلم غرب تدمر والتي تم تفجيرها. وأضافت أنّ تركيز “داعش” حول منطقة تدمر يرجع إلى أنّ المدينة هي نقطة الوصل بين نقل إنتاج الغاز السوري ومحطات الطاقة التي تزود الكهرباء والغاز إلى معظم أنحاء سوريا.

النفط .. ومستقبل سوريا 
وبحسب التقرير، فقد كان “داعش” مستوليًا على عدد كبير من حقول النفط والغاز منذ عام 2014، وبشكل رئيسي في وسط وشرق سوريا مثل منشأة غاز “الأكرم” بين تدمر والرقة، التي أنتجت موارد طبيعية قابلة للتسويق ووفرت له نفوذاً على الحكومة السورية. علمًا أنّ إنتاج النفط في سوريا انخفض من  250-380 ألف برميل يوميًا في فترة ما قبل  2011 إلى 8000 برميل يوميًا فقط عندما سيطرت الجماعات الإرهابية بما فيها “داعش” على تلك الحقول.
توازيًا، تساهم شركات روسية مثل “غازبروم” في تأهيل البنية التحتيّة المدمّرة وتحديث مصفاة بانياس الواقعة في غرب سوريا وفيما ترأس الشركات الروسية الاستثمار لإنعاش قطاع النفط والغاز  في سوريا، إلا أنّ العقوبات الأميركية والأوروبية، تقف سدًا منيعًا أمام دمشق لكي تجد شركاء يشترون صادراتها من النفط الخام.
من جانبها، تسيطر الولايات المتحدة على نسبة من النفط والغاز السوري عبر “قوات سوريا الديمقراطية”،  وتشير التقديرات إلى أن هذا النفوذ على احتياطيات الطاقة والبنى التحتية السورية يمكن أن يُستخدم كقوة مساومة في المفاوضات المقبلة مع النظام السوري من أجل المستقبل السياسي لسوريا.

لبنان ليس جزيرة!
ولفتت الكاتبة إلى أنّ لبنان وقّع في مستهلّ العام 2018 أوّل إتفاق للتنقيب عن النفط والغاز  وإنتاجه في  اثنين من أصل عشرة “بلوكات” بحرية مع كونسورتيوم مكوّن من شركة “توتال” الفرنسية و”إيني” الإيطالية و”نوفاتيك” الروسية، ومن المتوقع أن يبدأ الحفر في عام 2019.
وقالت الباحثة إنّ لبنان بدأ يعاني بالفعل من “لعنة ما قبل الموارد”، أي تراكم الديون بانتظار عائدات النفط والغاز غير المؤكدة، لافتةً الى أنّ هذا الأمر  يمثّل مخاطر مالية إذا لم تكن احتياطات الغاز مرتفعة كما هو متوقع، وهناك خطر آخر  يكمن بأنّ الشركات الدولية مترددة في الاستثمار في البلوكات البحرية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل. ورأت الكاتبة أنّه وبالنظر إلى أن قطاع الطاقة في لبنانوإطاره التنظيمي لا يزالان غير متطوّرين بعد، فإنه يجب سنّ قوانين إضافية مثل قانون إدارة الأصول النفطية وقانون صندوق الثروة السيادي وقانون الاستكشاف البري لتعزيز الثقة في إستثمار النفط اللبناني وضمان الشفافية.
وبحسب الكاتبة، فمن أجل التطوير السريع لقطاع النفط والغاز في لبنان، يجب على الحكومة اللبنانية أن ترفع مستوى الشفافيّة وأن تتوقّف عن صياغة سياسات تعكس وكأنّ لبنان هو “جزيرة طاقة” . ولفتت الكاتبة الى أنّه يتوجّب أيضًا على الوسطاء الأميركيين والأوروبيين الإستمرار بالتوسّط حول المنطقة البحرية المتنازع عليها والتي تبلغ 854 كلم مربع بين لبنان و”إسرائيل”. وأشارت الى أنّ تمويل الجامعات ومراكز البحوث اللبنانية من عائدات الطاقة، أمرٌ مهم لزيادة الوعي العام بتنمية الطاقة.
وختمت الباحثة تقريرها بالقول إنّه من الواضح أنّ هناك تحديات وآفاقًا جديدة تواجه لبنان وسوريا. ويمكن أن يؤدّي التعاون بين البلدين إلى المساهمة في تطوير قطاعات الطاقة وجذب الاستثمار الأجنبي.

المصدر: moderndiplomacy

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى