” ميدال” 18 سنة من الاصرار على التنمية المجتمعيّة الجنوبيّة والبقاعيّة

 

صدى وادي التيم – ثقافة /

يدرك الناشطون في التنمية المجتمعيّة المهنية والنفسية والحقوقية في المناطق الريفية، أو الأطراف، ومنها المناطق الجنوبية، مدى الصعوبات التي تعانيها الجمعيات الناشطة في هذا الإطار لأسباب عديدة، أولها رفض القوى والأحزاب ذات النفوذ السياسي والأمني البارز، وكذلك بعض البلديات الموجَّهة حزبياً وسياسياً معيناً، للشراكة مع الغير في إدارة أمور المجتمع المحيط، ليس من الناحية السياسية فحسب، بل من النواحي الاجتماعية والمعيشية والإنسانية والتدريب المواطني على الحقوق والواجبات، كي لا تفرض القوى والجمعيّات “البديلة” أو الناشطة، حضورها في هذه المجتمعات وانتشارها وتنامي شعبيتها وتعاظم شأنها. وثانياً التردد غير المنطقي للقوى الحزبية والبلدية هذه، تجاه المشاريع الممولة من الاتحادات الدولية والأممية والدول المانحة، في الوقت الذي تتقبّل هذه الجهات والبلديات الأموال والمشاريع الآتية إليها من ذلك “الغرب” على قاعدة “عيني فيها، وتفوه عليها”.

60 شاباً وصبيّة

منذ أيام قليلة اختتمت جمعية “ميدال” أحد مشاريعها المجتمعيّة في جنوب لبنان، بالشراكة مع “أكتد” و”جمعية العناية الصحية”، الذي يدور حول قضايا المساواة بين الجميع، الذكور والإناث والفئات المختلفة، ومنع التحرّش والعنف والتنمّر ضد الفئات المهمّشة، شارك فيه على مدى شهر ونصف الشّهر نحو 60 شاباً وصبيّة تدربوا على مهارات حقوق الإنسان والتنوّع وتقبّل الآخر وتقنيّات المناصرة، وعلى صحافة المواطن والمناطق وصناعتها، التي تجعلهم ضمن الأطر القانونيّة والأخلاقية مراقبين لقضايا العنف والتهميش والتمييز، ومدللين عليها، وتوجيه الرأي العام لمناهضتها ونشرها على أوسع إطار، وتسليط الضوء عليها. وقد تدربوا في هذا الإطار على التصوير والبثّ والكتابة وصناعة الفيديوهات وكتابة المقالات والتقارير المصوّرة، مثلما تدرّبوا على تعزيز ثقافة تقبّل الآخر واحترام حقوقه وهويّته الجنسيّة وميوله وكرامته الشّخصيّة وحرية تفكيره ومعتقده، وحقّه في العمل واعتبار الإنسان قيمة إنسانية، وأن الاختلاف لا يؤدي إلى الخلاف.

لم يكن هذا المشروع الذي غطّى العديد من أقضية الجنوب ومدنه وبلداته، هو الأول الذي تقوم به جمعية “ميدال” MIDAL Organization (مبادرات متوسطيّة للتنمية والريادة) منذ تأسيسها في العام 2004  (وحصولها على الترخيص القانوني سنة 2005 تحت الرقم 273/أ. د) لتكون فاعلة في المناطق الجنوبية اللبنانية تحديداً، “ولن يكون الأخير”، تقول رئيسة الجمعيّة إيمان طرابلسي، وتشير إلى أنّ “التمويل الخاص للجمعيّة كإدارة وكيان يقوم على عاتق أعضائها الذين صار تعدادهم بالعشرات، أمّا المشاريع فنرسمها وندرسها ونقدّمها إلى جهات مانحة كالأمم المتحدة ومنظمة إنقاذ الطفل ومبادرة الشراكة الشرق أوسطية والاتحاد الأوروبّي ومرسي كور وغيرها من المؤسّسات العالمية والمحلّية لتمويلها وتحقيقها”.

أهداف الجمعية تركّز بشكل أساس على قدرات النساء والشباب وذوي الاحتياجات الخاصّة “في الجنوب أوّلاً ثم في البقاع والمناطق المهمّشة والريفية
المساواة بين الجنسين

أمّا أهداف الجمعية فتركّز بشكل أساس على قدرات النساء والشباب وذوي الاحتياجات الخاصّة “في الجنوب أوّلاً ثم في البقاع والمناطق المهمّشة والريفية. نحن نبادر إلى أيّ نشاط أو مشروع يصبّ في صلب حقوق الإنسان وتقبّل الآخر وتخفيف الصدامات ونشر الوعي المجتمعيّ، من خلال التدريب عليها وتمكين المرأة سياسيّاً واجتماعيّاً وحقوقيّاً ومناهضة العنف تجاهها، وكذلك تدريبها على مهارات القيادة وريادة الأعمال والمساواة مع الرجل والآخرين. لقد كنا أوّل من طرح المساواة بين الجنسين، وبين المهمّشين، واشتغلنا عليه وسط صعوبات جمّة، أقلّها عدم تقبل الآخرين لفكرة المساواة، حتى أنّ هناك رجال دين عارضوا الفكرة والنقاش حولها وكذلك بعض القوى السياسيّة، لذلك أشركنا في مجمل نقاشاتنا ونشاطاتنا خبراء ومتخصّصين ومحامين ومدرّبين محترفين في سبيل وعي تراكميّ يؤدّي إلى الغاية المنشودة” تقول طرابلسي.

فكرة المساواة بين الرجل والمرأة أخذتها الجمعية في وقت لاحق باتجاه الضمان الاجتماعي، والتمييز بينها وبين الرجل في الكثير من الحقوق والتقديمات، إذ أجرت لقاءات وحوارات مفتوحة مع إدارة الضمان الاجتماعي في لبنان “التي كانت متجاوبة مع الفكرة”، ورُفع إليها مشروع تعديل في القوانين شارك في إعداده خبراء وحقوقيّون “وقد بدأت المساعي تعطي ثمارها”.

مجتمع الميم

من العناوين الجريئة التي قطعت جمعيّة ميدال شوطاً متقدّماً فيها هي قضية المهمّشين، على مختلف الصعد، منهم ما يطلق عليهم تسمية “مجتمع الميم” والمثليين وكيفية إشراكهم في الحياة الاجتماعيّة والوظيفيّة بعيداً عن العنف والتنمّر، على أن تشمل نشاطات التوعية والتدريب البيئة الاجتماعيّة والعائليّة التي تدور في فلكهم. ولا تنفي طرابلسي الحذر المجتمعي الجنوبي تجاه هذه الفئة والابتعاد عنها أو التنمّر عليها، بسبب غياب الوعي الذهني وحتّى “الدّيني” والاجتماعي حول فكرة تقبّلها وضرورة دمجها في المجتمع والوظيفة وغيرها.

ومن الأفكار والعناوين التي تطرحها الجمعية وتدرّب عليها حقّ “العابرين والعابرات” في الحصول على أوراق ثبوتيّة تعكس هويتهم “الجندريّة”. ودور المرأة في اعادة بناء الوطن، وتمكين ودعم النساء والشباب خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الجميع.

كامل جابر – مناطق نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى