بعد ١٧ عاماً لا يزال السؤال حيّاً: لماذا إغتالوا رفيق الحريري؟

صدى وادي التيم – لبنانيات /

بعد ١٧ عاماً لا يزال السؤال حيّاً: لماذا إغتالوا رفيق الحريري؟

لقد شهد لبنان بلا شك شخصيات كبيرة كان لها أثرها في كتابة تاريخه. ولكن هناك علامة فارقة وإضافية تتعلق برفيق الحريري، وهي أنه شق للبلد طريقاً للسلم والبناء وسط غابات الحرب والدمار .

ظهور رفيق الحريري عنى آنذاك للداخل والخارج أن لبنان طوى صفحة الحرب وبدأ يكتب فوق صفحة السلم والبناء.

ومنذ بدء حياته السياسية حتّى إستشهاده، فإن وجود رفيق الحريري في السياسة اللبنانية، صار له معنى داخلي للبنان، وهو الإعمار والإزدهار، ومعنى خارجي للبنان، وهو الإستقرار في لبنان، ودعم العالم لهذا الإستقرار..

خلال الجمهورية الأولى كان هناك شبه إجماع على أن ميزة بيار الجميل مؤسس الكتائب، مقارنة بزعماء الموارنة الآخرين، تكمن في أنه زعيم يقود الشارع المسيحي، بينما القادة المسيحيون الآخرون هم زعماء يقودهم الشارع المسيحي.

ورفيق الحريري، ووفق المقارنة التي تنطلق من التشابه بين الميزات وليس الشخصيات، كان خلال جمهورية الطائف زعيماً يقود ليس الشارع السُّني فقط، بل أيضاً كان يقود مناخ لبنان المحلي والإقليمي والدولي، في حين أن كل زعماء لبنان الآخرين – بغض النظر عن علاقتهم بطوائفهم – كان المناخ العام الخارجي يقودهم ويجرهم وراءه إلى مواقف وصفقات.

إن أكثر ما ميز رفيق الحريري هو أنه كان يضع قرار لبنان ويسوقه فوق طاولات القرار الإقليمي والدولي، ولم يكن يضع قرار الخارج أو يفرضه على طاولة القرار اللبناني.

إن علاقات رفيق الحريري العربية والدولية كانت من أجل لبنان، من أجل كل طوائف لبنان، ومن أجل دفن زمن الحرب إلى غير رجعة.

وكان رفيق الحريري يملك من الثقة الداخلية والخارجية به ما يجعله حينما يتحدث بإسم مصالح لبنان في العالم، يصدقه العالم ويسير معه، وأيضاً حينما يتحدث داخل لبنان عن رؤيته حول كيف يمكن للبنان أن يتعاطى مع العالم وأن يكسب العالم إلى جانب قضاياه ومصالحه، كان اللبنانيون يصدقون رؤيته ويراهنون عليها.

لقد نجح لبنان في تحقيق إنجازات في فترة إعادة البناء بعد الحرب، من خلال رهانه على معطًى واحداً وغاية في الفرادة، وهو قوة الصدقية التي يتمتع بها رفيق الحريري على مستوى الخارج والداخل.

ولذلك، فإنه من بين آلاف التعليقات التي عقبت على حدث إغتيال الحريري، كان واحداً بينها الأكثر قرباً للصواب، وهو ذاك التعليق الذي قال أن هدف إغتيال الحريري هو إغتيال لبنان، وليس له أي هدف آخر أو أي هدف أصغر من ذلك.

واليوم تثبت الأحداث أن إغتيال الحريري فتح طريقاً واسعاً لتوالي أحداث كثيرة منذ العام ٢٠٠٥ وحتّى العام ٢٠٢٢، وهي جميعها أحداث يُربط بينها أنها تؤدي إلى تراكم نتائج أمنية وسياسية ودستورية وقضائية واقتصادية، توصل إلى إنهيار لبنان، وتوصل إلى اللحظة التي يوجد لبنان فيها اليوم.

شكّل إغتيال رفيق الحريري ما يشبه بنتائج حرب كبرى على لبنان.

وإذا كان إغتيال رياض الصلح شكل سهماً أصاب قداسة إستقلال لبنان، وإذا كان إغتيال زعماء لبنانيين مرموقين آخرين أصاب بالخسائر معنى مهماً من معاني لبنان ومن قيمه، فإن إغتيال رفيق الحريري أراد إنهاء وطن و أراد قتل إرادة شعب وأراد جعل لبنان طوائف بلا دولة، وأرض بلا وطن…

إن ما حدث يوم ١٤ شباط ٢٠٠٥ هو جريمة سيظل لبنان يعاني من خسائره منها لعقود، لأن من قتل رفيق الحريري يعلمون أن إغتياله هو”مشروع طويل المدى” ضد معنى لبنان، وليس فقط مهمة أمنية سيئة.

المصدر: الهديل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى