رقم صادم.. لتكلفة قضاء يوم على الثلج؟!
بعد عامين غير اعتياديين، عانى خلالهما هذا القطاع من جائحة كورونا من جهة والأزمة الإقتصادية من جهة أخرى التي وقفت حاجزاً أمام ارتياد الزائرين الذين يهمّون لممارسة هوايتهم، ها هو موسم التزلّج 2021-2022 يفتتح أبوابه على مصراعيها في لبنان.
صبغ كانون الأوّل جبال لبنان بلون الشيب، غطّى الثلج بوشاحه أكتاف التلال اللّبنانية، فبسط كالملائكة البيضاء أجنحته ليغمر أعالي القمم مُعلناً افتتاح موسم الشتاء، واعداً بالسلام… رجل الثلج يقف أيضاً هذا العام ينتظر الزّوار والأطفال لإعادة إحيائه، في وطن يعاني من ذوبان اقتصادي، يُلوّث مجاري القطاعات اللّبنانية كافة، فماذا عن موسم التزلّج وهو القطاع الموسمي الذي ينتظره مُحبّو هذه الرياضة في كلّ موسم كما ينتظره أصحاب المؤسسات والمتاجر من عام لآخر؟
يوم الأحد 26 كانون الأوّل أعلنت ساحات رياضة التزلّج افتتاح الموسم لهذا العام بعد المنخفضات الجويّة التي نثرت الثلوج في الجبال.
جورج س، صاحب متجر تأجير لوازم خاصّة برياضة التزلّج في منطقة اللقلوق يقول ل «الدّيار: «الحركة مقبولة مع بداية الأسبوع عالأوّل، إلّا أنّ النوعية اقتصرت على المقتدرين أو من يتقاضون رواتبهم بالدولار، فبطبيعة الحال الأسعار ارتفعت لتتراوح بين 650,000 ليرة و 1,200,000 ليرة باختلاف المناطق بعدارتفاع أسعار المازوت والصيانة، كما أنّ أسعار الأمتعة الخاصّة بهذه الرياضة ارتفعت نتيجة غلاء سعرها في الأسواق».
ويضيف: «نلاحظ أنّ أغلبية الزوّار يصلون بعد الساعة الثانية عشرة ظهراً لتقليص التكاليف بحيث أنّه يُعتبر نصف دوام، والعائلات التي اعتدنا أن تزورنا مع بداية كلّ موسم، قصد قسم من أفرادها المركز وليس جميعها».
الحال يتبدّل هذا العام خاصّة من الناحية الإقتصادية، بعد الإنهيار المالي الذي يشهده لبنان، والعجلة الإقتصادية المفرملة!أصحاب المطاعم والمقاهي يشتكون أيضاً من الأزمة الإقتصادية وتردّداتها على موسم التزّلج هذا العام، تماماً كما يشتكي الزوّار من ارتفاع أسعار المأكولات.
«زياد» مواطن يزور كلّ عام مراكز التزلّج مع زوجته وأولاده يوم الإثنين لتمضية النّهار وقضاء وقت ممتع على الثلج، يقول ل «الديار»: «في العادة، كنّا نزور المنطقة كنوع من الرحلة لاولادنا على الجبال البيضاء، يلهون ويلعبون ويتعلّمون رياضة مفيدة بالإضافة الى وجبة الغداء… اليوم زرت مع عائلتي المنطقة، أشياء كثيرة تبدّلت علينا، لم يمارس أولادي هوايتهم في التزلّج نظراً لارتفاع إجارات الألبسة والمستلزمات، كما ارتفاع أسعار الإشتراكات، إنّما ما صدمني أنّ وجبة الطعام ظهراً كلّفتنا 1,350,000 ل.ل وهو رقم صادم لأربعة أشخاص بينهم طفلين…! فهل بات مشوار الثلج حكراً على الطبقة الغنية التي باتت أصلاً شبه منقرضة في لبنان»؟
في الجهة المقابلة، تشرح إيلينا، وهي صاحبة مطعم يُقدّم الوجبات السريعة في المنطقة، ل «الدّيار»الوضع وتقول : « يظنّ البعض بأنّ الأسعار في المطاعم هنا تزيد عن حدّها الطبيعي، فلا يُدركون ربّما أنّ أسعار السلع الإستهلاكية والمواد الأوليّة مرتفعة كثيراً من مازوت وطحين وصلصة البندورة، ناهيك عن أسعار اللّحوم والدّجاج، بالإضافة الى خدمة توصيل هذه المنتجات إلينا، فالشركات تضيف كلفة التوصيل الى الجبال بنسبة أعلى من التوصيل الى المناطق الداخلية أو الساحلية! بالإضافة الى رواتب العاملين التي فرض الوضع الإقتصاديّ علينا أن نرفعها بما يتماشى مع الأسواق وبطريقة تؤمن حقوق العامل وتحفظها»
وعن الحركة في الأسبوع الأوّل من افتتاح الموسم تقول: « الحركة بالإجمال في عداد المقبولة حتّى الآن، نلاحظ أنّ الأطباق الأقلّ كلفة عن غيرها هي التي تلق رواجاً، وهي بالطّبع بعيدة عن اللّحوم، تدور في فلك الدجاج والبطاطا وبعض السلطات، نأمل أن تزيد الحزمة مع مرور الأيّام، لأنّ الجميع ينتظر هذا الموسم للإستفادة وللمردود المالي، كونه فترة بسيطة من العام وتمضي، علّها تمضي بسلام وزحمة وبحبوحة!»
حتّى ما تُقدّمه الطبيعة مجاناً، يدفع ثمنه المواطن في لبنان، فمشوار الثلج يقتصر أصلاً على السيارات الرباعية الدفع التي بحاجة لأكثر من صفيحتيّ بنزين كي تصل من بيروت الى فاريا أو اللّقلوق مثلاً وأكثر منها للوصول الى الشمال الى حلبة التزلّج في الأرز، فهل يُضاف الثلج الى لائحة النشاطات التي شطبها اللبنانيّ من حياته في العامين الفائتين؟
باميلا كشكوريان السحمراني – الديار