هل تقرع طبول الحرب في اوكرانيا وتدفع الثمن بسلخ اقليم دونباس؟
صدى وادي التيم- من الصحافة العالمية/
مع تصاعد التوتر على حدود اوكرانيا مع روسيا واتخاذ السلطات الروسية تدابير واجراءات تدفع باتجاه المواجهة لحسم الموضوع في اوكرانيا، تتخوف اوساط دبلوماسية غربية من امكان نشوب حرب بين البلدين في حين تضع اوساط سياسية مراقبة الخطوة التي تقوم بها روسيا في سياق استدراج عروض للجانبين الاميركي والاوروبي لفتح حوار وانهاء التوتر القائم بين البلدين منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم الى الاراضي الروسية. فهل تقرع طبول الحرب بينهما؟
العميد المتقاعد انطوان مراد يقول: “تتمتع أوكرانيا بموقع استراتيجي في شرق ووسط أوروبا، ما جعلها منذ استقلالها عن الاتحاد السوفياتي في العام 1991، منطقة تجاذب بين روسيا الطامحة إلى المحافظة على أكبر قدر ممكن من ممتلكات الاتحاد السوفياتي وبين الدول الأوروبية التي تعتبرها بوابتها الشرقية والممر الرئيسي لأنابيب النفط والغاز الروسي إلى أوروبا الغربية. وكذلك الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي الطامح إلى التوسع على مساحة العالم وقد استفاد من تفكك الاتحاد السوفياتي وبدأ يضم إليه الدول المنفصلة لكسب ميزة استراتيجة على روسيا بالوصول إلى أبوابها وتهديدها في عقر دارها”.
ويلفت مراد الى ان “الأزمة الأوكرانية بدأت مع بداية مفاوضاتها للإنضمام للاتحاد الأوروبى فرأت روسيا فى ذلك تهديداً مباشراً لها، حيث ستكون بذلك عضواً فى اتفاقية الدفاع المشترك الآوروبى، ما يعني وجود قوات ناتو وقوات أوروبية على الحدود الروسية فبدأت الاضطرابات الداخلية. وقامت روسيا بتحريك الجماعات الانفصالية في المناطق الأوكرانية الشرقية التي بدأت تطالب بالانفصال عن أوكرانيا والانضمام إلى روسيا، ووصل الأمر إلى قيام روسيا بالتدخل العسكري المباشر وضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية في العام 2014 ومن حينها تسود أوكرانيا الاضطرابات والصدامات مع القوات الانفصالية المدعومة من روسيا”.
ويعتبر مراد ان “الولايات المتّحدة استغلت هذا الأمر لسحب أوكرانيا من أحضان روسيا ووضعها في أحضانها ففرضت عقوبات اقتصادية قاسية على روسيا تسبّبت بخسارة الأخيرة ما يزيد عن 150 مليار دولار من رساميلها التي هربت إلى خارج البلاد، كما بدأت الولايات المتحدة بتعزيز الجيش الأوكراني وتزويده بالأسلحة الحديثة”، مشيراً الى ان “مؤخرًا زادت أوكرانيا مساعيها للانضمام إلى “الناتو” وقد لاقت دعمًا أميركيًا واسعًا، واعتبرتها روسيا محاولة من الولايات المتحدة لإقحام أوكرانيا في مخططاتها الجيوسياسية، فبدأت بحشد قوات كبيرة إلى حدودها مع أوكرانيا”.
ويرى مراد ان “الوضع في أوكرانيا عبارة عن تجاذب استراتيجي بين روسيا من جهة والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو من جهة أخرى، فهل تقع الحرب وتدفع أوكرانيا الثمن بخسارة إقليم دونباس كما خسرت القرم في العام 2014؟ يبدو أن الولايات المتّحدة وروسيا ماضيتان في مخطّطاتهما الاستراتيجية التي تتخذ من أوكرانيا مسرحًا لها في هذه الفترة. فالولايات المتّحدة تعتبر أن من حق أوكرانيا تقرير انضمامها إلى حلف الأطلسي ولا يمكن لروسيا التدخل في هذا الشأن. في المقابل، ترى روسيا أن انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو ونشر أسلحة فتاكة على حدودها يشكّل خطرًا كبيرًا على أمنها، بالاضافة إلى أن حلف الناتو قد يستفيد من المادة الخامسة من معاهدة شمال الأطلسي للتدخّل العسكري ضد روسيا بحجة الدفاع عن أوكرانيا بعد أن تصبح عضوًا فيه”. ولكن في أية حالة يمكن أن تُقدم روسيا على مهاجمة أوكرانيا؟ يجيب مراد: “ستقوم بذلك في حال فشل تهديداتها باستخدام القوة ومتابعة الأميركيين تمدّدهم في أوكرانيا، وفي حال تأكّدها بما لا يقبل الشك من عدم استعداد الولايات المتّحدة للدخول في عمل عسكري ضدها وأن ردّ فعلها لن يكون مختلفا عن تصرّفها حيال الحرب الروسية على جورجيا في العام 2008 وضمها لجزيرة القرم في العام 2014 بالاضافة إلى تصرّفها حيال التدخل العسكري الروسي في سوريا في العام 2015 وضم أذربجيان إقليم كاراباخ في العام 2020 وصولاً إلى الانسحاب الأميركي من أفغانستان هذا العام. عند تأكدها من توافر هذين الأمرين، قد تقدم روسيا على مهاجمة إقليم دونباس وضمه إلى بلادها لخلق مساحة عازلة تساعدها في إبعاد خطر أسلحة الناتو عنها كما تساعدها على إجبار الولايات المتّحدة للدخول معها في مفاوضات تحقّق من خلالها بعض مصالحها الاستراتيجية”.
ويتابع: “ولكن هل ستكون الحسابات دقيقة من قبل الجانبين؟ في الحقيقة كلاهما يخشى الوقوع في خطأ الحسابات ويتهيّب الدخول في عمل عسكري واسع. من هنا كانت الدعوة إلى عقد لقاء قمّة عبر الفيديو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي جو بايدن هذا الأسبوع. فهل سيتصرفان بعقلانية ويجنّبان أوكرانيا وأوروبا كأس الحرب؟ أم أن الولايات المتّحدة ستمضي في تهديداتها وتدفع روسيا إل ضم إقليم دونباس فتدفع أوكرانيا ثمن خياراتها الاسترتيجية كما دفعته أرمينيا وخسرت إقليم ناغورنو كاراباخ؟”.
يختم مراد: “في الحقيقة، كل المعطيات المتوافرة تُشير إلى أن إقليم دونباس أصبح بحكم الساقط في يد روسيا وأن ضمّه إلى أراضيها أصبح مسألة وقت بانتظار اللحظة الدولية المناسبة”.
وكالات