رفيف عواضة تخط لوحاتها ممزوجة بإحساسها المرحف

صدى وادي التيم- فن/

جبل عامل، قطب من أقطاب الثقافة والأدب والفنون، منطقة من جنوب لبنان مليئة بالقدارت المميزة في شتى الميادين، تلك الناحية الجنوبية من لبنان، ينقصها الكثير الكثير من مستلزمات وإمكانيات المواكبة الجدية لتعلن عن نفسها بأنها منارة إبداع للتفوق بالفطرة وبالدراسة والتعليم، هذه المنطقة المعطاءة لها خصوصياتها بالرغم من الإجحاف بحقها، لكنها تتميز( ليست لوحدها عنوة عن سائر المناطق اللبنانية)، بالمبادرة والجهد الشخصي وشغف المعرفة في شتى مجالات الأدب والفن.
كثر من الكثيرين من ابنائها وطئت معرفتهم موطىء التمييز والمقدرة، الراحل “وجيه نحلة”، والمقتدر المبدع الخلاّق موسى طيبا والفنان المقتدر الإستثنائي “حسين ماضي” والعديد من قبلهم حفرت أقدامهم دروب مسالك الفن والعطاء، وكان أميرهم الفنان زعل سلوم، كانوا جميعاً من بيئة متواضعة تعتمد على موهبتها الفطرية للتمركز في مقدمة الصفوف في شتى الميادين، ومن منا لا يذكر اليافطات بخط صبحي بدرالدين، وياسر بدر الدين، ونزيه شعيتاني، ومنذر قديح، وعلي بدر الدين. ومن بعدها حقبة زمنية توارت فيها عن الوجود الموهبة “حل محلها الطباعة على الورق”، لأن روادها تحولوا إلى مجالات معطاءة أهم مما كانت عليه بداياتهم، منهم من أبدع بالشعر ومنهم من أبدع في الطب ومنهم من كان يكتفي لنفسه إرضاء شغفه بالرسم والفنون، إضافة إلى مشاغله اليومية، إن كان من النبطية أو حبوش وغيرهم من كافة البلدات الجنوبية، ومنها النبطية الفوقا بماهرها وأنَسها.
أعتذر من الكبار الآخرين، ولكن التقدير لهم قد ورد سابقاٌ في مجموعة “زرع أخرج شطاءه” قمت بنشره منذ سنوات، واتوجه بالتحية والتقدير للدكتور عادل قديح والسيدة الفنانة المبدعة “ديانا زين الدين”، و”نسرين قاسم”، والسيدة دنيا جابر فخر الدين، والذين من أمثالهم ترونقت المعارض العالمية في العديد من أنحاء المعمورة، بإبداعاتهم المتميزة…….
رفيف عواضة!، أدهشتني ( ليس لغاية في نفس يعقوب، بل لأن والدها كان رفيق طفولتي وصديقي)، فما أثار عندي الدهشة تواضعها وصراحتها في سيريتها الذاتية، حيث قالت:
( في البداية كنت اقلد الرساميين العالميين برسم نماذج من رسوماتهم )، وبينما كنت استعرض ممن نقلت عنهم الرسوم من كبار الرساميين القدامى، توقفت ملياً أم لوحة منقولة للرسام الهولندي ( (Johannes Vermeerفي الفترة الباروكية، ويعتبر من أكبر فناني القرن الـ17 الميلادي في أوروبا. كان متخصصًا في رسم المشاهد الداخلية المنزلية لحياة الطبقة الوسطى.
(بالصدفة لدي لوحة من لوحاته في منزلي، مشتراة بالمزاد العلني بثمن متواضع).
رحت أقارن بمعية صديق رسام وخريج كلية الفنون في فرنسا! بعض الفوارق ظهرت، وليست بذي بال، ولكن الروحية في اللوحة ولمسات الريشة متقاربة بإتقان وشفافية مع ما رسمته رفيف عواضة. في سيرتها الذاتية قالت “صاحبة الخصب وحسنُ الأخلاق، الساعية لخدمة الآخرين، الكريمة، العطوفة، المرتاحة” رفيف: (بعد أن أنهيت دراستي في الثانوية، أردت أن أتابع تخصصي في الرسم في كلية الفنون الجميلة و لكن بعد رفض الأهل، أكملت دراستي الجامعية في الجامعة اللبنانية و نلت إجازة في اللغة الفرنسية و آدابها عام 2005 .
و في شباط منه، و أثناء مشاركة للجامعة اللبنانية في مؤتمر فرانكوفوني في القاهرة نلت الميدالية الفضية في سباق حول الأهرامات للطلاب المشاركين في المؤتمر. ثم حصلت على ديبلوم معمق في علم اللغة عام 2006 بدرجة جيد جدا و لكن الظروف التي نشأت نتيجة الحرب و حب البقاء في الوطن كانوا سببا قويا لمنعي من إستكمال الدكتوراه أو السفر للخارج. منذ نعومة أظافري و انا أحب الألوان و كان والدي يساعدني في بعض الرسومات التي كنا نتخيلها سويا لكل قصيدة نتعلم إلقاءها و حفظها في المدرسة في اللغتين العربية و الفرنسية. وفي المرحلة الثانوية كنت أرسم لوحدي بعض الرسومات بالألوان الخشبية و المائية. و بعدها استمرت المعارض السنوية في المركز لعدة سنوات، و قد برزت في رسم التراث الذي أعتبره شغفا لي. كنت أبحث عن صور لمزارع او جدة، لحاملة الحطب او التي تجرش، للصاج و الخبازة… كل ذلك الماضي الجميل كان يحدثني و يحثني لأرسمه. في عام 2005 بدأت تدريس اللغة الفرنسية في مدرسة متوسطة و في العام 2006 انتقلت لتدريسها في معهد النبطية الفني إضافة لمواد عدة منها طرائق التدريس و طرائق العمل….. كان مجلس الخدمة المدنية يقوم بامتحانات على صعيد الوطن لتوظيف الشباب في إدارات الدولة في عام 2009 رغم رفضي المبدئي للموضوع و لكن تشجيع والدي جعلني أتقدم لوظيفة محرر و هي تتطلب فقط الشهادة الثانوية. رغم صعوبة الإمتحان و خاصة لإحتوائه على مادة الموازنة العامة التي لم أكن أعرف عنها شيئا، دخلت الإمتحانات ضمن 8500 شخص تقدموا لها و حصلت على المركز 38 و دخلت وزارة المالية و لا زلت موظفة فيها منذ العام 2010……………… و استمرت المعارض السنوية في المركز لعدة سنوات و قد برزت في رسم التراث الذي أعتبره شغفا لي. كنت أبحث عن صور لمزارع او جدة، لحاملة الحطب او التي تجرش، للصاج و الخبازة… كل ذلك الماضي الجميل كان يحدثني و يحثني لأرسمه…… حبي للرسم و طبيعة عملي المكتبي جعلاني أبتعد فترة عن هواياتي الأخرى كالرياضة و السباحة و غيرها. و هكذا كنت أحاول أن أكتشف ما أحب في الرسم و تبين لي مع الوقت أنني أهوى الرسم الكلاسيكي و أتقنه، أحب البيوت القديمة و النوافذ البالية و عيون العجائز بتجاعيدها و أصحاب المهن الكادحة و الطبيعة بكل فصولها. فتركت الدورات التي كنت أشارك فيها و فضلت أن أرسم وحدي مع الموسيقى الهادئة أو أغاني السبعينات التي أهواها. و هكذا وجدت عالمي الخاص بعيدا عن ضجيج الخارج و تطورت قدراتي لوحدها بينما كنت أمضي ساعات متتالية أمام لوحتي و كنت أعشق الألوان الزيتية الفرنسية. لم يكن هدفي تجاريا البته و أحيانا كنت أمضي أشهرا عدة لأنهي لوحة واحدة).
مسار “رفيف” متوج بشهادات تقدير ومشاركة فعالة، بالإضافة إلى العديد من اللوحات الرائعة، تلك هي رفيف علاء عواضة…………………
لطفي فران

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى