زيتون الجنوب لم يفِ بوعوده هذا العام.. وتنكة الزيت بـ 1،600،000 ألف ليرة

صدى وادي التيم- إقتصاد/

موسم الزيتون في الجنوب أتى مخيباً للآمال هذا العام، وهو ما كان متوقعاً منذ بداية الصيف من خلال الحب الشحيح الذي حملته الأشجار، وبعضها لم يحمل أبداً. المظاهر التي ترافق عادة البدء بموسم قطاف الزيتون خجولة أيضاً، وهو ما لاحظناه في جولة على بعض القرى مثل البابلية، الكوثرية، الغسانية، الدوير وأنصار حيث ورش القطاف صغيرة وغالباً ما تنجز أعمالها بسرعة نتيجة ضعف الموسم الذي لا يتعدى ال 30 % نسبة للعام الماضي حسب صاحب معصرة الجنوب في بلدة البابلية طارق مخدر الذي قال لـ “مناطق” إن الذي اختلف هذا العام هو أن كل تنكة زيت زنة 15 كيلوغرام تحتاج إلى عصر حوالى 55 كيلو زيتون، بينما كانت في العام الماضي تحتاج إلى 70 كيلو. وأوضح مخدر أن هذه الأرقام تقريبية إذ أنها تختلف بين منطقة وأخرى حيث تلعب عوامل العناية بالشجرة وقربها من المنازل دوراً في ذلك.

معصرة زيتون في بلدة البابلية
“سنة خل وسنة حمل”

الزيتون مواسم.. هذا ما يحتسبه الجنوبيون ويعملون وفقه من أنه إذا كان وفيراً في عام فإنه سيكون شحيحاً في العام الذي يليه. وبينما تتباين وجهات النظر حول ذلك يقول المهندس الزراعي ابراهيم الراعي إن السبب في شح الموسم هذا العام يعود إلى موجة الحر العالية التي ضربت المنطقة أثناء انعقاد الزهر مما أثر على حمل الشجر وبالتالي على الموسم. لكن بحسب مخدر فإن ذلك يعود إلى طريقة القطاف الخاطئة والتي غالباً ما تكون مؤذية للشجر وغير علمية، حيث تقوم غالبية الناس بتصفيق الشجرة بالعصي مما يؤدي إلى تكسر غصونها الصغيرة التي تحتاج إلى وقت لتنمو وتحمل من جديد.

يختلف قطاف الزيتون بين منطقة وأخرى من حيث التوقيت وذلك تبعاً لارتفاعات المناطق. ففي حين تبدأ البلدات القريبة من الساحل بعملية القطاف باكراً، تتأخر البلدات الأكثر ارتفاعاً في ذلك. وفي هذا الإطار يقول مخدر إن موسم القطاف والعصر يستغرق حوالى الشهر ونصف في المناطق القريبة من الساحل، حيث يبدأ في الأسبوع الأخير من أيلول ويستمر حتى أوائل تشرين الثاني، بيما يتأخر الموسم في المناطق الأكثر ارتفاعاً.

تحضير الزيتون للعصر
ارتفاع الأسعار

لم يبقَ موسم قطاف الزيتون وعصره وأسعار تنكة الزيت بمنأى عن الأزمة الاقتصادية، فارتفع كل ما يتعلق به، بدءاً من أجور العاملين في القطاف وصولاً لأسعار العصر وتنكة الزيت. عن هذا يقول مخدر إن سعر عصر كيلو الزيت ارتفع إلى 10000 ليرة هذا العام بعدما كان 3500 ليرة العام الماضي أي بزيادة ثلاثة أضعاف. في حين ارتفع سعر تنكة الزيت إلى حوالى 1600000 ليرة وكيلو الزيتون إلى 20000. ويعزو المهندس الراعي ارتفاع سعر تنكة الزيت التي تباع بحوالى المئة دولار إلى ارتفاع المواد الزراعية وهي بالدولار وأيضاً أجور العمال وأسعار المعاصر.

وأشار الراعي إلى أن معظم كروم الزيتون في المنطقة الساحلية الجنوبية هي عائلية وليست تجارية، حيث تلجأ معظم الأسر إلى تضمينها بالحصة، أو استئجار عمال سوريين لجني المحصول. وأردف قائلاً “اللبناني ما بيشتغل بحواش الزيتون”.

في جولة على ورش القطاف في كروم الزيتون بدا المشهد خجولاً، حيث قال أحد القيمين على إحدى الورش في بلدة أنصار إن الكرم الذي يقوم بقطافه ويضم حوالى ال20 شجرة زيتون لن يتجاوز محصوله أكثر من 100 كيلو ولن يستغرق العمل فيه سوى يوم واحد، بينما من المفترض أن يتجاوز إنتاجه ال 500 كيلو ومن الممكن أن يصل إلى الطن في حال كان الموسم واعداً.

في إحدى ورش قطاف الزيتون
فوارق في الأجور

أزمة جديدة تواجه موسم الزيتون في البلدات والقرى الجنوبية وتتمثل في ندرة اليد العاملة وخصوصاً السورية منها حيث اعتاد الجنوبيون الاعتماد عليها منذ سنين طويلة. لكن المفارقة هذا العام تمثلت بالفارق في الأجور بين العاملين من الرجال والنساء، حيث يتراوح أجر العامل اليومي ما بين 100 و125 ألف بينما تتقاضى العاملة في القطاف ما بين ال 85 و60 ألف. الفوارق في الأجور أثارت جدلاً في أوساط الجمعيات الحقوقية.

من جهته برّر هشام فياض الذي يتعهد العديد من كروم الزيتون سنوياً الفوارق في الأجور، معللاً ذلك بالمخاطر التي قد تتعرض لها العاملة في حال صعودها إلى أعلى الشجرة مما يحتم منعها من ذلك، في حين يتولى الرجل تلك المهمة حيث يبذل جهوداً مضاعفة تحتم إعطاءه ذلك الفارق في الأجر. وأشار فياض إلى ندرة اليد العاملة هذا الموسم وتحديداً السورية منها حيث لجأ العديد من العمال السوريون إلى العمل في مجالات أخرى يتقاضون من خلالها أجوراً أعلى. ونوّه فياض بالأنشطة السنوية التي تقوم بها بلدية أنصار لجهة ورش العمل التوعوية الموجهة للمزارعين.

الفارق في الأجور بين الذكور والإناث تفاعل إثر إعلان بلدية الصالحية قرب صيدا في بيان صادر عنها عن تحديد أجور كل من الذكور والإناث حيت حددت أجر الذكر بـ 80000 ألف ليرة في حين حددت أجر الأنثى بـ 60000 ألف. القرار لاقى موجة استنكار واسعة حيث نددت العديد من المنظمات الحقوقية بالقرار معتبرة أنه إجحاف بحق المرأة، حيث دعت إلى مساواتها بالرجل.

دور البلديات

من جهته اعتبر عضو مجلس بلدية أنصار الدكتور نذير شعبان أن مسألة أجور العمالة في البلدة لا تتدخل بها البلدية وإن كانت تملك الصلاحية في ذلك. وقال إن مسألة العمالة خاضعة للعرض والطلب، مشيراً في الوقت عينه أنه إذا حصل أي غبن فإن البلدية ستتدخل من أجل تصحيحه. واستنكر د. شعبان أي تمييز في الأجر بين الرجال والنساء معتبراً أن المسألة هي حقوقية بامتياز وأنها ترقى إلى التمييز العنصري.

موسم الزيتون جنوباً لم يفِ بوعوده هذا العام ترافق ذلك مع ندرة اليد العاملة وارتفاع أكلاف العصر وتحليق أسعار الزيت. ضعف الموسم سينعكس على العائلات الفقيرة التي لا تملك كروماً واعتادت شراء مونتها من الزيت والزيتون من الأسواق، فكيف ستتدبر تلك العائلات أمورها في ظل أزمة اقتصادية خانقة لم تترك قطاعاً واحداً إلا وأنهكته.

زيت الزيتون بعد عصرهالمصدر : زهير الدبس

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!