إبنة راشيا سمر أبو حجيلي.. من الحفر على الخشب الى التصوير مواهب متعددة

التصوير الفوتوغرافي فن مستقل برز بشكل كبير نتيجةً لتطور التكنولوجيا، هو كغيره من الفنون وليس كما يبدو بأنه آلة يتم التقاط صورة من خلالها،لا بد أن يكون المصور فناناً، يعلم ويحمل الموهبة التي يقوم بتقديمها، فيجعل من ينظر إلى صوره ينبهر.

وفي واحتنا ” إبداعات بقاعية”، كان لنا لقاء مع مصورة مبدعة من بلدة تتكأ على سفح جبل الشيخ في محافظة البقاع…

“سمر أبو حجيلي” إبنة “راشيا الوادي – قضاء راشيا البقاع”

من الجغرافيا للحفر على الخشب والرسم إلى التصوير الفوتوغرافي، هكذا يمكننا عنونة مسيرة “سمر”، المتواضعة الموهوبة، حيث إستطعنا تلقف سلامها الداخلي من بين ثنايا أجوبتها، الأجوبة اللطيفة الصادقة.

ابنة راشيا قدمت لنا نموذج عن شخصية المبدع الحر المثقف المتألق من غير ضجيج.

بعد إتمامها إختصاص الجغرافيا على مقاعد الجامعة اللبنانية – كلية الآداب والانسانيات، عملت سمر في وزارة الشؤون الاجتماعية لعدة سنوات،كل تلك الفترة لم يخطر لسمر فن التصوير : ” لم أكن أفكر بيومٍ من الأيام أن أصبح مصورة أو أن أنخرط في هذا المجال، لكن الأمر أتى من تلقاء نفسه”. هكذا عبرت سمر عن ذلك.

يُقال أن الميول هي التي تدفع بنا نحو أمر معين دون سواه، وهنا أضافت سمر ما يؤكد ذلك: ” كان لميولي الفنية في الرسم والحفر على الخشب ربما قاعدة ساعدتني، فأنا كنت أحفر بيوت القرميد على الخشب وأرسمها قبل أن أصورها…”

حسناً الفن راسخ لدى سمر، ولم يعد مستغربًا أن نشعر بلمسة فنية خاصة في صورها.ولكن لا بد أن يبذل الفرد جهداً ليتطور في أي مجالٍ كان، فمع كاميرا الهاتف المحمول بدأت سمر أول خطوة نحو اكتشاف الموهبة :” في البداية كنت اصور بكاميرا التلفون دون أن أنشر الصور، منذ سنتان ونصف تقريباً بدأت بنشر صوري على حسابي الخاص على الفايسبوك، وكان لتفاعل أصدقائي مع الصور ورغبتهم في إعادة نشرها على صفحاتهم في بعض الأحيان، بمثابة حافز لي لأستمر في التصوير وهنا بدأ شغفي… فبدأت بالبحث عن كاميرا احترافية، لم يكن الأمر سهلاً، فأنا لا اعرف شيئاً عن الكاميرات ولا عن كيفية عملها، ولكن اليوم بوجود الانترنت كل ما تريد تعلمه متوفر وكل يوم أتعلم شيئاً جديداً فالتصوير عالم واسع جداً “، التوكيد على التعلّم واكتساب المعرفة كان واضحاً في حديث ضيفتنا، وهي علامة على قدرتها على النجاح وعلى أصالة الموهبة فيها :” قرأت كتب عن التصوير واطلع دائماً على أعمال كبار المصورين واعتبر نفسي بأنني في بداية الطريق”.

 

ولأن الموهبة تحتاج إلى خطوات محسوبة ومتوازنة لتظهر بإطار يليق بها، تقول سمر : ” التصوير هواية بالنسبة لي في الوقت الحالي، جاءتني العديد من العروض للعمل وانا ادرس خطواتي …أخطط لجلسات التصوير بإختيار المكان والوقت والطقس المناسب أيضاً، مع العلم أن العديد من الصور حصلت عليها عن طريق الصدفة”…

وعند سؤالنا لها عن ما تفضله حول نوعية الكاميرا و تصوير الأماكن والأشخاص، اجابت :”كاميرا Nikon ، وهذا لا يعني أن باقي الماركات ليست جيدة… Sony و Canon ، ولكن هي ثقة بجودة هذه الكاميرا وحُسن أدوئها خاصةً في مجال التصوير الليلي والفلكي. “

” أفضل تصوير الطبيعة أكثر من تصوير الاشخاص، هذا لا يمنع بأن أصور أشخاصأ… ولكن حتى تصوير الأشخاص أرغب أن يكون في إطار مشهد طبيعي… “

نستنتج أن سمر تعمل على قاعدة أن الطبيعة هي غذاء للروح، وفيها تتألق موهبتها، فلونها المفضل هو الأخضر وتعتبره رمزًا للراحة النفسية والسلام الداخلي والحرية، وعن حب إنتماءها لبلدتها راشيا، راشيا الثرية بالمعالم الطبيعية الخلابة، قالت :” أحب راشيا كونها المكان الذي ولدت فيه وعشت فيه”، كما اعربت عن حبها لمختلف المناطق البقاعية خصوصاً واللبنانية عموماً (زحلة ، عميق تعنايل) وبحسب قولها:” في كل منطقة هنالك ميزة خاصة وجمال خاص.”

وصاحبة الذوق الرفيع، طبعاً هي محبة للموسيقى : ” اسمع Hauser، Yanni، والأغاني القديمة (وردة، عبد الحليم، فيروز، كاظم الساهر وغيرهم..)” ، إذ أن الموسيقى إحدى هواياتها بالإضافة إلى المطالعة والرسم والحفر على الخشب والخط العربي.

وبالعودة إلى التصوير، استوضحنا منها حول بعض الاشكالات والتحديات في هذا المجال.

اولاً ،الأزمات التي تمر على لبنان ومدى تأثيرها على مجال التصوير عموماً وعليها خصوصاً، فأجابت : ” لا شك بأن الازمة السياسية والاقتصادية انعكست على كل شيء بشكل سلبي، وأزمة البنزين كان لها أثراً كبيراً في منع أو تقليل إمكانية التنقل”.

ثانياً ،انتشار فن التصوير وامتهان الكثيرين والغير مؤهلين للتصوير ،اجابت بثقة وتسامح : ” الطبائع والاذواق تختلف وكل انسان له موقعه ووجوده وان وجود غيري لا يلغي وجودي والعكس صحيح، بالنسبة لي لا أرى نفسي بمواجهة احد، ان التحدي الوحيد الذي اخوضه هو تخدي نفسي بالدرجة الأولى. لا يستطيع أحد أن يقف بوجه انسان مصر على تحقيق هدفٍ ما.” وأكملت : “… فبإمكان أي انسان المحاولة في اي مجال، فشله أو نجاحه يأتي من خلال تقبل الناس لأعماله…”

احتلت العديد من صور سمر المراكز الأولى في أكثر من موقع لبناني ونالت جائزة افضل صورة لعام ٢٠٢٠ من حساب الانستغرام @live_the_moment_with_fady
فيما سبق ذكرنا تواضع سمر، الذي بدا جلياً حين سؤالنا لها عن نصائح للمصورين الجدد، وعن تطلعاتها حول معرض خاص لها، أكدت لنا انها في بداية الطريق وانه لا يحق لها اعطاء النصائح لأحد :” مسيرتي التي لا تتعدى السنتين لا تسمح لي بأن اقدم نصائح، من يعطي النصائح يجب أن يكون لديه خبرة وتاريخ في هذا المجال…”
وقد أشارت فقط للمبالغة في التعديل على الصور لتصبح بعيدة عن الواقع.

أما بالنسبة للمعرض، أخبرتنا عن مشاركات لها في معارض الحفر على الخشب وربما استطاعت في المستقبل الجمع بين معرض يضم التصوير والحفر على الخشب.

وختمت :” أنا لازلت في بداية الطريق وأسعى في المستقبل أن اتعمق اكتر في مجال التصوير الليلي والفلكي”.

بالخلاصة ، نجد أن سمر استطاعت جمع نوعين من الفن في شخص واحد، وأعطت كل فن فرادة واطار خاص به وكان لذلك أثر كبير في مجال التصوير الفوتوغرافي.

حاورتها: نرجس البواري – موقع بقاعنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى