المغتربون ينقذون قطاع تأجير السيارات… نسبة التشغيل 80% هذا الصيف
صدى وادي التيم – لبنانيات /
انطلق الموسم السياحي اللبناني ووصل المغتربون، فبلغت نسبة التشغيل لدى شركات تأجير السيارات إلى 80 في المئة، إلّا أنّ هذا الرقم الظاهري يخفي خلفه بدء تصفية للقطاع.
لا يمكن تجاهل تفاؤل أصحاب الشركات المؤجّرة للسيارات حيال موسم الصيف، إلا أنّ ملاحظاتهم على العقبات التي تواجههم عديدة وتنذر بالأسوأ، بحيث بلغ تراجع عدد السيارات المعدّة للإيجار السياحي نسبة 35 في المئة مع بداية العام 2021، بحسب رئيس نقابة أصحاب وكالات تأجير السيارات السياحية الخصوصية محمد دقدوق. فكيف بدت حركة تأجير السيارات وما أبرز المعوقات التي تواجهها؟
تأمين السيارات بالدولار: ميزة تختلف بين الشركات
طرحت أسعار الصرف المتعددة مشكلة أساسية بالنسبة لأصحاب السيارات عموماً وشركات تأجير السيارات خصوصاً تمثلت بتعدد طرق تغطية الحوادث من قبل شركات التأمين حسب عملة تسديد بوليصة التأمين التي تدفعها الشركات المؤجرة للسيارات.
شرح مدير المبيعات في إحدى شركات تأجير السيارات شادي يونس: “نضطر إلى إجراء عقد التأمين بالدولار النقدي، لأنّ تغطية الحوادث تكون حسب طريقة الدفع”.
من جهته أوضح دقدوق “ثمة صعوبة بالنسبة لعدد كبير من الشركات في توقيع عقد التأمين بالدولار، وإذا كنّا نستبعد خيار التأمين بالليرة كونه غير مجدٍ، فالخيار الآخر هو تسديد البوليصة بشيك مصرفي على أساس سعر صرف 3900 ليرة، لكننا نعاني رفض المستشفيات التعامل مع هكذا نوع تأمين”.
نسبة التشغيل تجاوزت الـ80 في المئة
يرى القيمون على القطاع بالموسم الحالي فرصة ذهبية لتحصيل المداخيل اللازمة لسداد ديونهم، من بدلات إيجار ورواتب وقروض مصرفية، وغيرها العديد. وأدخلت الشركات بعض الأموال المسيلة إلى أصولها عبر بيع جزء من أسطولها.
وأوضح دقدوق أنّ “أسطول السيارات المعدّة للإيجار تراجع مع بداية العام 2021 من نحو 19600 سيارة إلى ما يقارب 13 ألفاً”. وشدد يونس على أنّ “المبيعات في شركتهم تركزت على السيارات الفاخرة التي يرتبط الطلب عليها بالظرف الأمني الذي تمرّ به البلاد، لذلك تراجع أسطولنا من 1200 سيارة إلى 1150 سيارة”.
وتابع دقدوق: “نكاد نفقد السيارات الكبيرة في الأسطول، فأغلب الشركات باعتها لتغطية المصاريف، لأنّ بيع السيارات الكبيرة أجدى من بيع عدد أكبر من السيارات الصغيرة. هذا بالإضافة إلى غياب مستأجر لها في ظلّ هذه الظروف”.
تطابقت نسبة التشغيل مع السنوات التي سبقت العام 2019، إذ تجاوزت النسبة الـ80 في المئة هذا الموسم، والأمر سيان في الشركة التي يعمل فيها يونس، فلفت الأخير إلى أنّ “نسبة التشغيل ارتفعت في تموز عن الـ80 في المئة”. إلا أنّ دقدوق اعتبر أنّه “إذا احتسبنا نسبة التشغيل على أساس عدد السيارات الإجمالي كما كان قائماً قبل البدء ببيع أجزاء مهمة من الأسطول، يتبيّن أنّ النسبة أقل من ذلك بكثير”. ونلاحظ أنّ نسبة التشغيل بناءً على عدد 19600 سيارة ستكون نحو 53 في المئة (أي أقل من نسبة 80 في المئة التي تعود لعدد السيارات الفعلي). لكن يجد القيمون على القطاع بالحجوزات هذا الموسم متنفساً إيجابياً أخرجهم من دوّامة بيع السيارات، وأدخل إلى ميزانياتهم أصولاً جديدة.
أمّا نسبة التشغيل بداية العام فكانت 30 في المئة لغاية رمضان، وبعد رمضان بدأ السوق يتحرّك ووصلت النسبة إلى 70 في المئة، بحسب دقدوق. يُذكر أن الأشهر الأولى من هذا العام شهدت إقفالات متعددة بسبب كورونا، الأمر الذي قيّد حركة السياح والمغتربين. ويأمل القطاع أن تصل نسبة التشغيل إلى 90 في المئة خلال شهر آب، لأنّ انطلاقة هذا الموسم أتت إيجابية.
تكاليف الشركات في مستويات قياسية
من جهة ثانية، ارتفعت كلفة صيانة السيارة وباتت ضخمة في موازنات هذه الشركات، كونها تعتمد على قطع صيانة مستوردة، وحتى ضمانها أصبح بالعملة الصعبة، يضاف إلى الموازنة كلفة اهتلاك السيارة (أي تراجع قيمتها السنوية)، وتالياً أصبح القطاع أمام تكاليف كبيرة بالدولار، وللنجاح بهذه المهمة يكون الارتكاز على الإغتراب اللبناني والسياح الأجانب. وفي هذا الإطار قال دقدوق إنّ “4 في المئة من الطلب في قطاع تأجير السيارات محلي، و96 في المئة من الطلب يعود لأجانب ومغتربين لبنانييين، لكن منذ ما يقارب الـ3 سنوات لا وجود لأجنبي بالشكل المطلوب”.
بدلات الإيجار من الأقل في الإقليم
عن تعرفة إيجار السيارات أوضح دقدوق أنّ ” أقل كلفة هي 20 دولاراً، لذلك إيجارنا من أرخص السيارات في الإقليم”، مضيفاً أنّ المستأجر “يدفع بدل الإيجار بالدولار أو بالليرة اللبنانية على سعر صرف السوق”.
وقال يونس إنّ ” الكلفة الوسطية لاستئجار السيارة هو نحو 95 دولاراً، ومقارنة مع السنوات السابقة، فإنّ السيارة التي كنا نؤجرها بـ50 دولاراً باتت اليوم بـ30 دولاراً”.
القطاع يصفّي نفسه “أزمته وجودية”
رأى دقدوق أنّ ثمة مشكلة بدأت معالمها تظهر الآن وستكون ناتجة عن غياب القروض المصرفية لشراء سيارات جديدة، الأمر الذي قد يؤدي إلى خلو صالات عرض الشركات من السيارات، فحتى لو توافرت القروض لن نتمكن من شراء سيارات جديدة وتعزيز الأسطول”. وإذا أضفنا على ذلك خطوة الشركات المتمثلة إمّا بالإغلاق أو ببيع سيارات تابعة لها لسداد الديون وتقليل حدّة الخسائر، يكون قطاع تأجير السيارات كغيره من القطاعات أمام أزمة وجودية.