الامتحانات الرسمية: ستجري في مدارس الطلاب او في مراكز معتمدة؟

 

صدى وادي التيم – لبنانيات/

“يشكو أهالي الطلاب من أن أولادهم غير جاهزين للامتحانات الرسمية، بعدما مر طلاب المدراس الرسمية بسنة كارثية. وفيما تتوالى الأزمات على لبنان، بات الحديث عن رفع الدعم عن المحروقات والأدوية قيد التحقق. وباتت رواتب الأساتذة “بالأرض”، وهناك المئات منهم يهجرون من لبنان. وبقاء الأمور على حالها سيؤدي إلى انهيار القطاع التعليمي بشكل كامل ولن تقوم له قائمة إلى أمد بعيد. لذا، كان لا بد من الاستماع إلى وزارة التربية، لمعرفة رأيها حول الواقع التربوي الحالي ومدى جاهزيتها للامتحانات ورؤيتها للعام المقبل.
وقد كلف وزير التربية، طارق المجذوب، رئيس دائرة التعليم الرسمي، هادي زلزلي، تقديم شرح حول الواقع الحالي والخطوات المستقبلية. وهنا نص المقابلة:

كثر يطالبون بإلغاء شهادة المتوسطة، وتوفير الأموال، ورصدها لشهادة الثانوي. لماذا هذا الإصرار على إجرائها؟

– كنا أمام خيارات متعددة، والسير بأي واحد منها عليه ألا ينسينا أننا في وضع غير طبيعي. نحن في وضع استثنائي وقاهر. السلبيات كثيرة على الوزارة وعلى الأساتذة والأهل والطلاب. ومن الطبيعي أن يعترض البعض على قرار الوزارة في تنظيم الامتحانات.

لكن البعض يعتبر أن الامتحانات المدرسية أفضل من الرسمية. ما رأيكم؟
– هذا رأي ونحترمه. لكن هناك رأياً آخر يقول إن الامتحانات المدرسية في هذه الظروف ستكون متفاوتة وغير متساوية لجميع الطلاب. فهناك مدارس علّمت نصف منهاج وأخرى مناهج كاملة. وقد تتساهل مدارس كثيرة بالامتحانات مع طلابها أو قد تصعّبها. وربما البيئات المحلية تضغط على المدارس. لكن عندما يكون هناك امتحان مركزي متساوٍ للجميع، ولجنة مركزية تضع الأسئلة، مع تصحيح مركزي وإدارة مركزية، تكون الامتحانات أفضل. لذا، قررنا أن تكون الامتحانات بالمدرسة بينما التصحيح مركزي. وهو بمثابة حل وسط بين الامتحان المدرسي والرسمي ومراعاة للأزمة الحالية. التلميذ لن ينتقل لمركز القضاء لتقديم الامتحان، وفي حال كان عدد التلامذة قليلاً في مدرسة ما، سينتقل التلميذ إلى مدرسة قريبة من سكنه. والمراقب سيكون أستاذاً من المدرسة. لكن لن يكون أستاذ الحلقة الثالثة، بل سيكون من أساتذة الحلقتين الأولى والثانية.

ألا يسهل هذا الأمر الغش في المدرسة وتعاطف الأساتذة مع تلامذتهم؟
– لا ليس صحيحاً، لأن الأستاذ من المدرسة، لكنه ليس أستاذ الحلقة المتوسطة. ولن يُسمح لهؤلاء بالتواجد نهائياً في المدرسة. ورئيس المركز سيكون من خارج المدرسة، والمراقبون العامون أيضاً. ونثق بأن المدرسة ستعطي الصورة الأفضل لها حين تمنع الغش.

كان العام الدراسي سيئاً للغاية. أهالي الطلاب يشكون من أن أولادهم غير جاهزين للامتحانات، لأنهم لم يتعلموا كما يجب هذه السنة. فلماذا لا تؤجل إلى ما بعد انتهاء فصل الصيف؟
– في الأساس تأجلت الامتحانات. كانت في حزيران وباتت في تموز. أما التأجيل لأيلول فغير مفيد وستزيد من خوف الطلاب. ولا نضمن إلى أين يتجه البلد. في حال ساء الوضع مثلاً في 12 تموز نستطيع تأجيل الامتحانات أسبوعاً أو أكثر.. أو حتى لشهر. فنحن في فصل الصيف. لكن في أيلول لن نستطيع تأجيلها في حال اضطرب الوضع.

هل ستكون الامتحانات سهلة على الطلاب؟
– بسبب تقليص المناهج لن تكون الامتحانات صعبة على الطلاب، وتأخذ بالاعتبار كل المستويات التي تعلمها الطالب، والفرق بالتعلم بين الطلاب أنفسهم، وبين المدارس الرسمية والخاصة.

لكن كثراً من الطلاب لم يتعلموا شيئاً عن بعد. كيف ستحل هذه المعضلة؟
– لأننا أدركنا هذه المشكلة، أصدرنا قراراً للعودة الحضورية التي امتدت لنحو شهر، لمواكبة التلامذة الذين لم يتمكنوا من التعلم بشكل جيد عن بعد. وعملنا على ترسيخ الكفايات الأساسية عندهم، كي يتمكنوا من تقدمهم للامتحانات.

رغم هذا الشهر الحضوري، نتائج “امتحانات السعي” كانت كارثية كما يؤكد الأساتذة. وهذا ينعكس على الامتحانات الرسمية. ما رأيكم؟
– من الطبيعي أن تكون علامات السعي غير جيدة، والظروف التي أتت فيها تبررها. أتابع كل هذه التفاصيل مع المدارس. ونتائج السعي غير الجيدة سواء في الخاص أو الرسمي مردها إلى صعوبة الأسئلة. فالمدراء يهمهم طرح أسئلة جدية وشاملة على التلامذة، كي يختبروا مستواهم بشكل جيد ويحضّروهم نفسياً للامتحانات الرسمية، ولا يتفاجأون بها في حال كان المستوى أعلى. يفضل المدراء هذه الطريقة عادة لاختبار نقاط الضعف عند التلامذة. كما أن امتحانات السعي أتت بعد فترة قريبة من انتهاء الدروس لم يتمكن الطلاب خلالها من التحضير بشكل جيد، فيما الامتحانات الرسمية ستكون بعد شهر ولدى الطالب الوقت الكافي للدرس والتحضير. وكذلك كثر من الطلاب لم يصدقوا أن الامتحانات قائمة ولم يدرسوا بشكل كافي.

إذاً ما الفائدة من الشهادة إذا كانت نتائج الامتحانات معروفة سلفاً، أي ستكون سهلة كي يتمكن الطلاب الذين لم يتابعوا الدروس من تخطيها؟
– لا ليس صحيحاً. لا يوجد نتائج معروفة سلفاً. نحن بحاجة لتقييم التلامذة ومعرفة ماذا تعلّموا. والامتحانات هي الطريقة الوحيدة لمعرفة الأمر. وعلينا أن لا ننسى أن العام الدراسي السابق كان سيئاً، وتم منح الطلاب الإفادات. وكان وضع التلامذة في الصفوف الانتقالية صعباً جداً بسبب جائحة كورونا. ولا يوجد دولة منحت الطلاب الإفادات في ظل كورونا. ولذا، يجب أن يكون هناك تقييم للطلاب. كنا نتمنى لو أن الظروف طبيعية، وأن تجرى الامتحانات بشكل طبيعي. لكن الواقع يفرض علينا إجراء امتحانات استثنائية في ظروف استثنائية.

هل تأمنت الأموال للامتحانات؟
– وضعنا خيارات كثيرة لتأمين القرطاسية. الإنفاق اليوم بحدوده الدنيا. ونقوم بالأمور الضرورية لتمرير الامتحانات. وفي خصوص التجهيزات المطلوبة في المدارس، نتعاون مع المدارس الخاصة المشارِكة. ونتمنى أن نصل بالامتحانات إلى المكان الصحيح.

في ظل الحديث عن هجرة الأساتذة من القطاعين العام والخاص، يقال إن مئات الأساتذة في التعليم الرسمي وضعوا طلبات استيداع بهدف الهجرة: هل من أرقام دقيقة حول هذا الأمر؟ وكيف ستتحرك لوقف النزيف الحاصل؟
– بعيداً عن الأزمة الحالية للبلد والقطاع التربوي، تعاني الوزارة من أزمة في الموارد البشرية بالتعليم الرسمي، سببها قانونيّ سلسلة الرتب والرواتب، ووقف التوظيف في القطاع العام، ووقف التعاقد. وباتت الوزارة في مأزق لناحية سد الحاجات حيال خروج الكثير من الأساتذة إلى التقاعد (نحو 800 أستاذ سنوياً). وتزامن الأمر مع نزوح كبير لطلاب المدارس الخاصة إلى التعليم الرسمي، ما استدعى فتح المزيد من الشعب باتت بحاجة لأساتذة. هذه هي المشكلة الأساسية. أما هجرة الأساتذة من القطاع العام فليست ذات شأن. هناك بعض الأساتذة يتركون التعليم الرسمي، لكن العدد ليس كبيراً. فطلبات الاستيداع لهذا العام عشر حالات، وليس بالمئات كما يحكى.

في السنوات السابقة كانت تصل طلبات إنهاء الخدمة إلى نحو 250 طلباً، سنوياً، ولا توافق الوزارة على هذه الطلبات حالياً. هناك نحو 15 طلباً لأساتذة بالملاك، قدموا إجازات وذهبوا للعمل في الخارج السنة الفائتة وبقوا هناك. وبعض المتعاقدين ترك التعليم، لكن في المقابل هناك متعاقدون كثر عادوا إلى التعليم بعد انقطاع طويل. حالياً يوجد نحو 250 طلب إجازة طويلة (تصل إلى نحو ستة أشهر). فعادة يذهب الأستاذ للعمل في الخارج، كتجربة ويبقى هناك في حال كانت الظروف مناسبة له. وبما أن العمل بوقف طلبات إنهاء الخدمة سارياً، يفضل الموظف عدم المخاطرة وضياع تعبه طوال السنوات السابقة.

وماذا عن القطاع الخاص، هل من خطوات ستتخذونها بحق المدارس الخاصة للكشف عن ميزانياتها ووقف نزيف الأساتذة؟
– في القطاع الخاص الآلية مختلفة. هناك مدارس تدفع الرواتب بشكل تام والبعض الآخر يدفعها بشكل جزئي. تعمل مصلحة التعليم الخاص مع المدارس على حلها ضمن سقف القانون 515، الذي يعطي الوزارة صلاحيات غير كافية لفرض حلول للمشاكل المالية العالقة بين لجان الأهل والإدارات والأساتذة.

يقول الأساتذة كيف لنا أن نراقب بخمسين ألف ليرة. أو أن نصحح المسابقات بثلاثة آلاف ليرة في الساعة، هل تتوقعون عدم مشاركة الأساتذة بالامتحانات؟

– بعيداً عن الإنشاء، الجواب الحاسم: لا. الأساتذة عندما يشعرون أن تلامذتهم بحاجة يهبّون لمساعدتهم. وهناك أساتذة ما زالوا يحضرون إلى الصفوف لتعليم الطلاب الذين بحاجة لمساعدة. رغم كل الأزمات، الأستاذ يعطي ما يستطيع ويضحي.

لكن يوجد أزمة محروقات خانقة؟
– عالجنا بعض الثغرات، من خلال إجراء الامتحانات في المدارس للشهادة المتوسطة، وإجراء الامتحانات الثانوية في مركز القضاء. وهذا يسهّل عملية انتقال الطلاب والأساتذة في ظل أزمة المحروقات. نعلم أن بدل المراقبة والتصحيح لا قيمة له حالياً، لكن لن ينقل الأساتذة إلى أقضية بعيدة عن سكنهم. وسنعمل على تخفيض عدد المراكز وانتقال الأساتذة بحيز جغرافي حتى ضمن نطاق أقل من قضاء. والتصحيح سيكون في مراكز المحافظات وليس مركزياً. ونتمنى أن يعاد النظر بمسألة الرواتب لكل الموظفين، لأن الجميع يعاني.

الأساتذة يشكون من أن رواتبهم لا تكفي لسد حاجاتهم اليومية. وهناك حديث عن رفع الدعم. هل سيكون في لبنان عام دراسي السنة المقبلة؟
– كلنا معنيون بهذه المسائل. كل الموظفين رواتبهم بالليرة وعلى أساس سعر صرف 1500 ليرة، ولم تعد تكفي لسد الحاجات الأساسية، فكيف بالوصول إلى مكان العمل. نحن نخرج من سنتين صعبتين تضرر المستوى التربوي فيهما، ولا أحد ينكر هذا الأمر. لكن يجب أن نقوم بخطوات خلال فصل الصيف للتحضير للعام المقبل.

حسناً، لكن هل تتوقع أن يبدأ العام الدراسي، أم سنذهب لإضراب عام شامل ودائم؟
– نتمنى أن لا نصل إلى هذه المرحلة. لقد مر لبنان بمشاكل كثيرة وحروب، وكان العام الدراسي يتأثر بلا شك، لكنه كان يُستكمل ويُنجز كما يجب.

هل تعني أننا في حالة حرب؟
– نحن في حالة طوارئ بلا شك. وبعد حرب العام 2006 كانت معظم مدارس الجنوب مدمرة بشكل كامل، لكنها ترممت خلال شهر ونصف شهر، وعدنا نعلّم بها الطلاب. لذا نتمنى أن تتراجع الظروف القاهرة الحالية من اليوم وحتى نهاية فصل الصيف. ربما نصل إلى شهر أيلول ولا يتغير أي شيء في لبنان، لكن علينا أن نتفاءل بالخير.

المصدر: وليد حسين-المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!