عين عطا تأبن المغترب”محمد خضر” المتوفي في المهجر

صدى وادي التيم – أخبار وادي التيم /

أقيمت في بلدة عين عطا في قضاء راشيا الوادي مراسم تأبين المغترب محمد خضر المتوفي في المهجر، في مقام الشيخ الفاضل، بحضور عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب وائل ابو فاعور، ممثل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز  عضو المجلس المذهبي الدرزي علي فايق، ممثل رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان عضو المجلس السياسي خالد مسعود، النائب السابق انطوان سعد ولفيف من القضاة والمشايخ ورجال الدين  ومسؤولي أحزاب وتيارات  سياسية في قضاءي راشيا والبقاع الغربي  وحاصبيا  والفعاليات والاهالي.
وألقى أبو فاعور كلمة قال فيها: “بسم الله الرحمن الرحيم، من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمن هم قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا. صدق الله العظيم.
في وداع العم أبو حسن نستحضر ذكره الطيب، ونستحضر قامته ومسيرته بما هو اختصار لمسيرة هذه البلاد ولأهل هذه البلاد، فالعم أبو حسن رحمه الله يمثل هذه البلاد بأصالتها وجهادها وسعيها نحو الأفضل، وفي رغبتها الدائمة بالبحث عن الخير والاعمال الطيبة.
العم أبو حسن يختصر المئات لا بل الألاف من ابناء هذه الارض الذين خاضوا غمار المخاض وخاضوا غمار البحر، بحثاً عن الرزق والعمل وخلاصاً من الفقر الذي ظلل هذه البلاد لسنوات وسنوات. منهم من عاد كما كان نصيب العم ابو حسن إلى أهله وبيئته ومجتمعه، ومنهم من التهمت أعماره الغربة، فمات في المنفى وفي الحالتين كانوا نموذجاً للصبر والكفاح”.
واضاف “يختصر العم أبو حسن مسيرة الأصالة في هذه البلاد، وهو الذي بر بأهله ومجتمعه، وهو تغرّب وما اغترب، سافر وما هاجر، غاب وما تغيّب، بقيت هذه البلاد حاضرةً في قلبه وعقله ووجدانه وفي رغبة العطاء في شخصيته، فعاد اليها محملاً بالخير والعطاء وراغباً في الوقوف الى جانبها، فكان يداً بيضاء وظلاً أخضراً، تتذكره عين عطا ووادي التيم ولبنان وأبناء الاغتراب وابناء طائفة الموحدين الدروز، في لبنان وفي الاغتراب، في خيره وعمله ورغبته الدائمة في الوقوف الى جانب ابناء مجتمعه.
كان العم ابو حسن يمثل هذه البلاد، هذه الأرض، بأنسه وطيبته ومحبته وبحثه الدائم عن فعل الخير، فما رد طالباً، لا بل ما احتاج أن يسأل في أمر، بل كان يبادر من تلقاء نفسه وعين عطا وكل هذه المنطقة كما الكثيرين من اللبنانيين في لبنان والاغتراب، يتذكرونه علماً كبيراً من أعلام الاغتراب اللبناني، يتذكرونه محسنا كبيرا من المحسنين، ويتذكرونه بأنه في البرازيل كان -المولد- والملجأ والمرجع لقسم كبير من اللبنانيين”.
وتابع “نتذكر العم أبو حسن ونودعه اليوم بحسرة وبغصة رضينا بقضاء الله وبقدره، ولكن في الوقت نفسه بأسى على تلك القامة التي غمرت مجتمعنا وارست الخير في مجتمعنا.
في يوم وداع العم أبو حسن، سيبقى طيب ذكراه، وستبقى اعماله الخيرة ومحبته الصادقة حاضرةً بين ابناء هذا التيم وابناء جبل لبنان من عين عطا الى مجدلبعنا وما بينهما من اعمال خيرة”.
وقال أبو فاعور: “في يوم العم أبو حسن أستحضر قول الامام علي بن ابي طالب، “احمد ربي على خصالٍ خص بها سادة الرجال لزوم صبر وخلع كبر وصون عرض وبذل مال” وهو الذي بذل من قبله قبل أن يبذل من ماله لأجل مجتمعه ووطنه وعشيرته وأهله وابناء قريبته وانا ارى اليوم هذا الحزن والتهيّب والتقدير على وجوه كل الحاضرين.
في يوم العم ابو حسن، إذ أكرر استحضار الالاف من اللبنانيين الذين هاجروا هربا من الفقر والذين قفزوا في موج البحر وموج المغامرة، واتمنى أن يعين الله اللبنانيين وأن يعين المسؤولين في لبنان ممن هم في موقع الحل والربط وموقع المسؤولية وموقع القرار، أن يعينهم على إخراج لبنان من الأزمة التي نعيش بها، ولم يعد مقبولا كل كلام او نقاش حول الصلاحيات أو حول النفوذ او حول المواقع والمكاسب، معيشة المواطن اللبناني أهم من الصلاحيات وكرامة المواطن اللبناني فوق الصلاحيات ودواء المواطن اللبناني قبل الصلاحيات، صراع الصلاحيات من عمر لبنان ونشأة صراع الصلاحيات من نشأة لبنان. كان قبل الطائف واستمر بعده، كان قبل هذه الحكومة، وسيستمر بعدها، هو صراع من عمر الوطن وعمر الدستور ويمكن لهذا النقاش ان يستمر وسيستمر لسنوات وسنوات ولكن لا يجوز ان يصبح هذا النقاش هو اليوم حاجزا امام كرامة ومعيشة وبقاء المواطن اللبناني”.
وختم قائلا: “باسم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وباسم رئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط وباسم الحزب التقدمي الاشتراكي وباسم وادي التيم، كل هذا الوادي الحزين اليوم لوداع العم ابو حسن، اتقدم بالتعزية إلى أهلنا آل خضر المحترمين، أهالي عين عطا ومجدلبعنا، كل أهالي هذا التيم، اتقدم بالتعزية والرحمة لروح العم ابو حسن والبقاء لكم جميعها، عظم الله أجوركم”.
من جهته، القى علي فايق كلمة شيخ العقل، قفال:
في غيابِ الكبار، تقف الكلمة وَجلى إزاءَ وقارِ الرحيل، فيُضحي التعبيرُ في مشهديّةِ الوداع عاجزًا عن مواكبةِ الصورة وتجلّياتِها وانعكاساتِها الجميلةِ الزاهية.
محمد حسن خضر المهاجرُ اللبنانيُ الذي دفعَه طموحُه لتجاوزِ مُعاناتِ جيلِه ووطنِه في حقبةٍ من حقباتِ البؤس، وما أكثرها. لقد حملَ واحتفظَ في تلافيفِ عقله، وأغشيةِ قلبه، بقيَم هذه البلاد، فظلَّ حافظًا للأمانة، وهاجسُه العودةُ إلى المنابت الأولى، عَلَّهُ يسقيها ممّا كسِبت يداه من خيرِ الأرضِ الجديدة، وممّا أكسبتهُ التجربةُ المُرّة من أبعادٍ إنسانيّةٍ انعكست في شخصيتِه، فرجِعَ إلى عين عطا يفيضُ وجهه على المكان أُنسًا وحبّا وفرحًا وعطاءَ روحٍ وألقَ حضور.
وفي البرازيل، التي قدّمت للعالم نموذجًا للميدانِ المؤَنسَن والبعيدُ كلُّ البعد عن أيّ شكلٍ من أشكالِ العنصرية، كانت تجربةُ العمّ أبو حسن مثالًا للتفوقِ اللبناني وللطموحِ النازعِ نحو اللامحدود من الإنجازات، لكأنَّ رسالتَهُ في الحياة هي النجاح وقد كان دليلُه إلى ذلك حدسُه العميق، وقد صَدَقَته العزيمةُ ولم يخنهُ القدرُ في بلوغِ ما أراد لدرجةِ أنه كان يقول: “لو سُمِح ليَ أن أعيش حياتي مرةً أخرى فلن أغيّرَ فيها فاصلةً واحدة”. هي قمّةُ الرضا بقَدرِ ما هي قمّةُ التصالحِ مع الذات فكأنهُ يلتمسُ منها شيئًا آخرَ هو الإيمان، كيف لا وهو الذي وُلِد على سفوح الجبل الشيخ، هذه الأرض المثقلةِ بعبقِ الروح، وتزوّدَ من بلدتِه الرابضةِ على التلال بركةُ الشيخ الفاضل قدّسَ الله سرَّه وتشمّمَ من ندى وادي التيم رائحةَ التراب، فخفقَ قلبُهُ بروح الأرض، يرافقهُ الحنينُ إليها على مدى الدروب والأيام، وأمّا عن الإيمان تعلّم محمد خضر من طفولتِه التواضعَ التي هي ملَكَةٌ إنسانيّةٌ يبحث عنها الرجالُ طوالَ حياتهم وهي أيضا عنوانٌ للإمتياز والتفوق والسيادة، ولا يكون الاعتدالُ والانضباطُ إلا حيثما يربتط التواضعُ بأمر العقل، فالتواضع نوعٌ من تقييم النفس بشكلٍ يتجاوب مع الحقيقة. حيث كان يقول: “إن الأكثر أهميّة ليست الخريطة بل المسيرة، فلم أكن إلا سائرًا مُجدًّا خائفا من الضياع، وكان الله يلهمني أن أعطي ما في يدي اليمنى ليعود إليّ باليد اليسرى”. فمن قرّر السير تنفتح له الطريق على خطى المتصوّفين الكبار.
محمد خضر مدرسةٌ لبنانيةٌ كبُرت وتشعّبت في أقاصي الأرض وقد غادرنا إلى جنان الرحمن ليبقى عنوانًا من عناوين الكرامةِ والنبل والأصالة، تتطلّع اليه الأجيال منارةً تضيء الدروب وتكشف عتمة الطريق.
باسم سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، الذي كلّفني وشرّفني بتمثيله وإلقاء كلمته في حفل التأبين هذا، وباسم المجلس المذهبي وباسمي أتقدّم من أهلنا في عين عطا بخالص العزاء، ومن أسرته في الوطن والمهجر بالمواساة بهذه الخسارة الوطنية.
رحم الله محمد خضر وعزّز في قلوبنا نعمة الصبر والرضا والتسليم، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون”.
وكان قدم مراسم حفل التأبين حمود عبد الحق، وكانت كلمة لأهالي ومشايخ بلدة عين عطا ألقاها الشيخ طليع ريدان، كلمة اهالي وعائلة آل عبد الخالق مجدلبعنا ألقاها الاستاذ حسين عبد الخالق، كلمة آل خضر ألقاها الاستاذ محمود خضرحيث ركزت الكلمات  على مسيرة الراحل وعطاءاته في الوطن والاغتراب وفي بلدته ومنطقته ودوره الكبير في عمل الخير والبر وتقديماته السخية  في الشأن العام وفي سبيل الفقراء  وذوي الحاجة كما تناولت موقعه الاجتماعي الفاعل والمؤثر في المهجر  وفي بلده.
كما ألقيت قصيدة لفريق العطاء الرياضي سامر غازي وقصيدة للشاعر سليمان غزالي.

راشيا  عارف مغامس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!