مستشفيات لبنان تبحث عن “الفريش دولار”… الإستشفاء للأغنياء حصراً؟

 

صدى وادي التيم – إقتصاد /

ما عاد لبنان “مستشفى الشرق”، بعد أن انهار قطاعه الطبي وملأت أخبار الهجرة الجماعية للأطباء فيه الصحف، لا بل بات هو نفسه بحاجة لوضعه في “عناية مركزة” تبقيه على قيد الحياة، بعد أن بات عاجزاً عن معالجة أزماته المستعصية جراء أداء حكامه.

ولم يعد الحديث عن تراجع مستوى الخدمات الصحية في لبنان “مبالغاً فيه”، سواء لناحية نقص المسلتزمات الطبية، او هجرة الأطباء والممرضين، او فقدان ادوية من السوق ورفع كلفة الاستشفاء …وسط غياب حلول جذرية على مستوى دولة مفلسة، عاجزة حتى عن تأمين استشفاء رسمي لائق.

والقطاع الاستشفائي بجناحيه العام والخاص دق جرس الإنذار منذ سنوات عدة، وذلك منذ أن بات اللبنانيون يسمعون بحالات موت لمرضى عند “عتبة مستشفى”،  عدا الحالات التي وجدت لها نائباً “يسعف” المريض عند “آخر لحظة”، سيما وأن وظيفة النواب في لبنان باتت “خدماتية”! اما في زمن الإفلاس، فحتى هذه الخدمة باتت “غير متوفرة حالياً”!

ويبدو أن القطاع الاستشفائي في البلاد ينحدر حتى على المستوى الأخلاقي، ليسأل اللبناني نفسه “هل بات الاستشفاء حكراً على الأغنياء؟”، ومن قال ان المرض لا يزور الفقراء ومتوسطي الحال، ومن قال ان حياتهم لا قيمة لها، في بلاد لا قيمة لها اليوم سوى للدولار، ووفق سعر السوق السوداء؟

ليس الجامعة الأميركية وحدها

وآخر فصول السقوط كان رفض مستشفى الجامعة الأميركية القبول بتعرفة التأمين لمرضاه، ليصبح المرضى أمام حل واحد وهو دفع تكاليف العلاج “كاش” ودونما تغطية من التأمين”،  اي الدفع بالفريش دولار (أو بالليرة وفق تسعيرة السوق السوداء)، ليصبح الاشتراك ببوليصة التامين لا قيمة له، تماما كما حياة المريض في مستشفيات لبنان.

وبعد تلقي vdlnews  عدة شكاوى من مرضى لم يأخذ المستشفى بتعرفة تأمينهم لدى الدفع بدل الخدمات الاستشفائية، قمنا بالتواصل مع احدى شركات التأمين المتعاقدة مع المستشفى، ليتبين لنا ان المشكلة اعمق من شكاوى فردية. وهي لا تقتصر على شركة تأمين واحدة.

في السياق، تقول السيدة نورما السماك، من شركة “فيدليتي للتأمين”، أن “عدداً كبيراً من المستشفيات الخاصة لديه نية برفع اسعاره الاستشفائية كأوتيل ديو ومستشفى الروم وليس الجامعة الأميركية وحدها”.

وتضيف “مستشفى الجامعة طلبت من شركات التأمين السير معها بسياسة رفع تعرفة الاستشفاء، وهي تطلب نسبة مرتفعة جداً لا نستطيع السير بها، والجامعة هي من رفضت العمل مع شركات التأمين لا العكس، وهي سبق ان رفعت كلفة الاستشفاء إلى تسعيرة الـ3900 ليرة للدولار، ومستمرة برفع تسعيرتها”.

من هنا كان ايقاف التعاقد مع الجامعة، فالبلد “في أزمة”، لكن سماك تؤكد في المقابل لعملاء الشركة “نحن بصدد محاولة استئناف العمل مع المستشفى مجددا، ونطلب من عملائنا تقديم فواتريهم لندفع وفق تعرفتنا المعتمدة والمتفق عليها مع المستفشى سابقا”.

“زعرنة بزعرنة”

يصف أحد العاملين في مجال التأمين المشهدية بالقول “المستشفيات class A و B لم تعد تعترف لا بتعرفة الضمان الاجتماعي ولا بتغطية وزارة الصحة ولا التأمين”، وهي “تريد استيفاء فواتيرها بالدولار الكاش، أو وفقاً لسعر السوق السوداء”.

ويلفت إلى أنه “تم رفع  بوالص التأمين في غالبية شركات التأمين نتيجة الأزمة الحالية، لتلبية تعرفة المستشفيات التي ارتفعت بدورها، وبعض الشركات باتت تحصل على نصف قيمة البوليصة بالدولار والنصف الآخر بالليرة  وفق سعر الصرف الرسمي أي 1515 ليرة، لكن المستشفيات تريد المزيد”.

ويسأل “هل من امكانية للبنانيين ان يدفعوا بالفريش دولار نقدا قيمة بوالص التأمين لنستطيع بدورنا تلبية طلبات المستشفيات لناحية رفع التسعيرة الاستشفائية في عقودنا معها؟”، وامام هذا الواقع، معتبرا أن ” قطاع التأمين انهار”.

ويلفت إلى أن “مصاريف هذه المستشفيات بمعظمها هي نفسها تدفع وبالليرة كفواتير الكهرباء ورواتب الموظفين، وحتى المستلزمات الطبية مدعومة  من مصرف لبنان -أقله حتى يومنا هذا- فلماذا إذا يريدون أن يقبضوا بالدولار”، مستطردا “ما إلن حق”.

وإذ يعتبر أن البحث بهذه الطريقة عن الدولار هو  “زعرنة بزعرنة”، يعتبر ان المستشفيات الخاصة في لبنان “ماشية ع سكة لحالا.

ويشير الى ان احد قريباته من مرضى السرطان يغطي الضمان استشفاءها بنسبة  90% ، لكن احد المستشفيات رفض تأمين دواء علاجها على نفقة الوزارة، طالبا دفع جزء من المبلغ بالدولار لتأمينه”.ويسأل “اين وزارة الصحة من كل هذا”؟ ، معتبرا أن “ما نشهده فلتان اخلاقي غير مسبوق على حساب صحة المواطن “.

وتبقى صرخة احد اهالي المرضى الأكثر قدرة على وصف المنحدر الصحي الذي دخله لبنان، إذ يقول “ندفع 10 الاف دولار في السنة للتأمين وعاجزون عن تغطية علاج ابنتي، ندفع للتأمين ولا نستفيد منه!”.

وفي بلد تسنتزف فيه اموال اللبنانيين وصحتهم الجسدية والنفسية والعقلية من هول ما يعيشون، يسأل اللبناني نفسه عن معنى كلمة “تأمين”، ليكتشف أنه تمت تعريته من كل اشكال التأمين في بلد لا قيمة فيه سوى للدولار، فيما الأرواح بخسة!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى