أرقام «الهجرة» من لبنان تُثير خوف الفاتيكان على المسيحيين في الشرق
صدى وادي التيم – لبنانيات/
لم تكن زيارة البابا فرنسيس إلى لبنان مقررة ضمن أجندته لهذا العام، ولكنه أراد تقديم دفعة قويّة للمسؤولين اللبنانيين لحثّهم على تشكيل الحكومة بعد أن استشعر خطراً كبيراً يُحيط ببلد «الرسالة»، علماً أن «الوعد بالزيارة» لم يكن الأمر الوحيد الذي قرر البابا القيام به.
«لبنان لا يمكنه أن يفقد هويته ولا تجربة العيش الأخوي معاً، التي جعلت منه رسالة إلى العالم بأسره، وأصلّي على نيّة اللبنانيين لكي يحافظوا على الشجاعة والرجاء في المحنة التي يجتازونها، وأدعو الله لكي يساعد الرئيس ميشال عون والمسؤولين السياسيين، ليعملوا من دون هوادة من أجل الخير العام في بلاد الأرز». بهذه الكلمات توجّه بابا روما إلى لبنان واللبنانيين، في رسالة، تجدها مصادر سياسية بارزة، دليلاً على حجم الإهتمام الذي يوليه البابا لبلدنا.
خلال زيارة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلى الفاتيكان، كان لافتاً العمل الكبير الذي قام به السكرتير الكاردينالي للفاتيكان، أو ما يعرف برئيس وزراء الفاتيكان، بيترو بارولين في الملف اللبناني، إذ تبيّن أنه على اطّلاع واسع وشامل لتفاصيل الأزمة السياسية اللبنانية، وهو ما عكس شعوراً بأن الفاتيكان يولي الملف اللبناني مكانة خاصة.
إن هذه المكانة، بحسب المصادر، جعلت الفاتيكان يتحرّك مؤخّراً لإنقاذ لبنان، مشيرة إلى أنه سيكون لاعباً أساسياً في حراك دولي ديبلوماسي سيولد قريباً في بيروت لمحاولة تسهيل تشكيل الحكومة. وتضيف المصادر عبر «الديار»: «اقتنع الفاتيكان بأن انهيار لبنان يعني انتهاء الدور المسيحي فيه، وانتهاء هذا الدور يعني فقدان الهوية المسيحية بالشرق، خاصّة أن لبنان هو المكان الاخير في هذه المنطقة الذي لا يزال محافظاً على المسيحيين فيه، بعد ما حصل في سوريا والعراق من عمليات تهجير مبرمجة بحق أبناء هذه الديانة».
إذاً هي مسألة «وجود» بالنسبة للفاتيكان، ولا يمكن التهاون معها، وأرقام الهجرة من لبنان في الأشهر الأخيرة تجعل الخوف مبرّراً، علماً أن انهيار لبنان سينعكس سلباً على كل لبناني بغض النظر عن ديانته، ولكن ليس سرّاً على أحد أن هجرة المسيحيين أكبر بسبب التسهيلات الممنوحة لهم في هذا الإطار.
وتكشف المصادر أن الراغبين بالهجرة من لبنان من المسيحيين الشباب يزداد عددهم عن مئة ألف بالحدّ الأدنى، وهؤلاء لا يفكّرون بالعودة، وهم ينتظرون تبدّل أحوال الدول التي لا تزال تعاني من جائحة كورونا لأجل المغادرة، مشيرة إلى أن تحذيرات غربية رفيعة المستوى وصلت للمرجعيات الدينية المسيحية في بيروت تحذّر من موجات هجرة قادمة قد تغيّر وجه لبنان الذي نعرفه اليوم.
هذا وكانت «الشركة الدولية للمعلومات» قد أشارت في دراسة إلى أن عدد اللبنانيين الذين سافروا في عام 2019 ولم يعودوا وصل إلى 61,924 لبنانياً مقارنة مع 41,766 لبنانياً خلال الفترة ذاتها من عام 2018، وأنه في بداية 2020 وحتى نهاية شهر آب، تزايدت حركة المغادرين فارتفع متوسط عددهم بنسبة 36 بالمئة.
كل هذه الأرقام تؤكد «المؤكد» بالنسبة للمرجعية المسيحية الأولى في العالم، وهذا ما جعلها تتحرّك باتّجاه العواصم الغربية المؤثرة، لتوصل رسالة واحدة وهي «ممنوع سقوط لبنان»، فهل تنجح؟
محمد عاوش-الديار