بالصور: أسعار الحلويات صادمة على أبواب الفصح ورمضان
حاصرت الأزمة أصحاب الباتيسري الذين يصعب تصدير معظم إنتاجهم، في الوقت الذي يبحث فيه أغلب الصناعيين عن سبيل لتأمين العملة الصعبة. من جهة مقابلة، يتطلب الانتقال إلى الخارج أو فتح فرع جديد في دولة أجنبية للحصول على الدولار، نقل جزء من رأسمال المؤسسة إلى الدولة المقصودة، وهذا مستحيل، فالأموال محتجزة في المصارف، والورقة الخضراء غير متوافرة.
لم تسلم محال الحلويات من كورونا. لقد فتحت أخيراً، مع بدء المرحلة الرابعة من فتح البلاد. وكبّدها هذا الإغلاق المزيد من الخسائر بعد أن تراجع الطلب، لأن ديليفري الباتيسري ليس كما الدخول إليها، إذ ستختار أصنافاً متعددة أمام الواجهات، لكنك ستكتفي بصنف واحد في المنزل.
واصطدم فتح القطاع بتحليق الدولار الذي وصل إلى مستويات قياسية وتجاوز في بعض المراحل عتبة الـ15000 ليرة. معظم المواد الأولية في الباتيسري مستوردة. ولا يقبل المورّد إلا بالتقاضي نقداً وبدولار السوق السوداء؛ ما دفع بالقطاع إلى رفع تسعيرة حلوياته، التي صعدت بمتوسط 100 إلى 150 في المئة عن السابق.
وصل سعر كيلوغرام من المعمول، ونحن على مشارف عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي، إلى أكثر من 81000 ليرة لبنانية وأصناف أخرى إلى أكثر من 100000 ليرة. أمّا سعر كيلوغرام الجزرية فإلى 79000 ليرة، والبقلاوة إلى أكثر من 130000 ليرة. سعر قطعة الـ”غاتو” تعدّى الـ15000 ليرة، أمّا “كعكة الكنافة” فوصلت بدورها إلى 15000 ليرة. ما يعني أنّ ترويقة عائلة من 5 أشخاص ستكلف 75000 ليرة لبنانية.
تنهدت إميلي أمام هول #الأسعار قائلة: “كنت أوّد أن أشتري بقلاوة بمناسبة ولادة إبنتي، لكن لائحة الأسعار الجديدة لا تمكنني من ذلك، إن اشتريت البقلاوة لن يبقى معي فلس واحد من الراتب”. أمّا مازن الذي خرج من دون شراء أي شيء أوضح أنّه “لن يشتري المعمول كضيافة لعائلة خطيبته، بل سأعرّفهم على حلويات أمي”. لسان حال كثيرين: “البقلاوة صارت لوكس… لم تعد في متناولنا!”.
وأكّد عضو نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان، وصاحب “بات آ شو”، مكرم ربيز لـ”النهار”، أنّ “مشاكل القطاع تتمثل بعدم القدرة على التسعير بعد ارتفاع الأسعار والتقلبات الحادة لسعر الصرف، وكذلك هجرة الموظفين إلى بلدان الخليج”.
وأوضح ربيز أنّه “يحتاج لفروع (بات آ شو) الثلاثة نحو 100 ألف دولار شهرياً لتسيير الأعمال، لكنه قام بتخفيض هذا الرقم إلى 85 ألف دولار. ويطلب التاجر أمواله نقداً، في حين أموالنا في المصارف، ومعظم الزبائن تدفع بالبطاقات الائتمانية، الأمر الذي يؤدي إلى أزمة سيولة”.
وشرح أنّ “الطلب في المحل ارتفع لكن الصدمة السلبية أتت من غياب المناسبات الكبيرة. ما أدّى إلى تكبدنا خسائر”.
وصل سعر صندوق الزبدة (25 كيلوغراماً) إلى 150 دولاراً أميركياً، كانت تساوي 225000 ليرة أمّا اليوم على دولار 13000 ليرة فالكلفة 1950000 ليرة، أي ارتفعت 766 في المئة. والباتيسري تحتاج ما بين 50 إلى 75 كيلوغراماً من الزبدة يومياً، هذا فضلاً عن الشوكولا. وارتفع سعر علبة الـ”غاتو” (المميزة) من 3000 ليرة إلى 30000 ليرة.
واعتبر ربيز أنّ “الاستمرار في ظروف مماثلة بات مستحيلاً، وصعباً”.
من جهته، قال صاحب حلويات دويهي، سركيس دويهي لـ”النهار” إنّ “أسعار المواد الأولية بالدولار لا تزال على حالها، لكن المشكلة الأساسية تكمن في ارتفاع سعر الدولار، على سبيل المثال كيلوغرام من السمنة كان بـ12000 ليرة، بات اليوم بـ100 ألف ليرة”.
“القطاع على شفير الهاوية”، يقول دويهي الذي بعد يأسه من الأوضاع قرر افتتاح فرع في الخارج، لكنه اصطدم بأزمة المصارف، بحيث لا يمكنه تحريك رأسماله للانطلاق بمشروعه الجديد، الذي كان من شأنه أن يمد فروعه في لبنان بالعملة الصعبة الضرورية للاستمرار في الاستيراد، وتالياً الإنتاج.
وتابع دويهي: “نتكبّد الخسائر، ونقول في أنفسنا إنها مرحلة عابرة، لكن الأزمة طالت واحطياطاتنا استنفدت، الأمر الذي وضعنا أمام أزمة وجودية، فالطلب انخفض ما بين 90 و95 في المئة”.
من جهته، أوضح عضو مجلس إدارة قصر الحلو حلاب، زاهي حلاب أنّ “أبرز المشاكل التي يعاني منها القطاع هو الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، ما جعل من التعاطي مع المورد صعباً جدّاً، بحيث أضحى يطلب ثمن البضاعة لدى استلامها، فالسلسلة الائتمانية بين التجار لم تعد موجودة، والمطلوب الدفع الفوري للتسليم، هذا الواقع المرير يضعنا أمام عدة مشاكل، ومنها صعوبة تأمين الورقة الخضراء من السوق السوداء”.
أمّا عملية تأمين المواد الأولية لتحضير الحلويات خصوصاً في مرحلة الأعياد هذه فمغامرة أخرى، يؤكّد حلاب أنّ “الكميات ليست كافية”. أثّر ذلك على الأسعار لدى قصر الحلو التي ارتفعت تدريجياً، لتغطية كلفة شراء المواد. وارتفعت أسعارها لتلاقي ارتفاع الدولار.
صرخة قطاع الباتيسري تنضم إلى باقي القطاعات، أعمال وعمّال، وعائلات مستقبلهم معلّق على شرط تأليف حكومة تقوم بإنقاذ الوضع، بدورها معلّقة على أجل غير محدد وشروط معلنة وغير معلنة… في طريق الهاوية نسأل: ماذا سيبقى لو انهار الهيكل؟
المصدر: النهار