هل تنوي الفاتيكان ازاحة البطريرك الراعي؟

صدى وادي التيم – لبنانيات/

أخذ النداء الشهير الذي أطلقه البطريرك الراعي في الخامس من تمّوز الماضي داعياً إلى حياد لبنان عن صراعات المنطقة وتطبيق قرارات الشرعيتين العربية والدولية وفكّ أسر الشرعية اللبنانية… في الترسّخ بعد أن تحوّل النداء إلى حضور وطني يجذب اهتمام الخارج والداخل ممّن يؤيدون مواقف سيّد بكركي المرتكزة أساساً على المنطلقات التي عبّر عنها في ندائه المذكور.

أحدث علامات هذا الاهتمام كان أنّ وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان دعا البطريرك الراعي لزيارة أبو ظبي. دعوة نقلها إليه السفير الإماراتي حمد سعيد الشامسي خلال زيارته الوداعية لسيّد بكركي لمناسبة انتهاء مهامه الديبلوماسية في لبنان، التي تولّاها على مدى ستّ سنوات.

السفير الشامسي كان قد كشف إثر اللقاء مضمون الرسالة – الدعوة – التي نقلها من وزير خارجية بلاده إلى البطريرك الماروني، والمرتكزة على عنوانين رئيسيين: الأوّل هو “مناقشة وثيقة الأخوة الإنسانية وكل ما يتعلق بموضوع الالتقاء والحوار والتسامح والعيش المشترك”، والثاني هو “تقدير الإمارات لمواقف البطريرك”، وهو ما يمكن الاستدلال عليه من قول الشامسي إنّ “الإمارات تحترم غبطة البطريرك، وترى فيه دائما الدور الوطني الإيجابي”.

في السياق عينه تؤكّد أوساط الصرح البطريركي لـ”أساس” على علاقة الراعي المميزة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ومع سائر دول الخليج العربي: “زار البطريرك الراعي خلال ولايته كلاً من المملكة العربية السعودية في الثالث عشر من تشرين الثاني 2017، وكانت الزيارة الأولى لرجل دين مسيحي بهذا المستوى إلى المملكة وبدعوة رسمية من العاهل السعودي، وزار الإمارات للمشاركة في فعاليات توقيع البابا فرنسيس وشيخ الأزهر أحمد أبو الطيب على وثيقة الأخوّة الإنسانية في 4 شباط 2019، وزار قطر في نيسان 2018”.

تضيف هذه الأوساط أنّ “الإمارتيين يقدّرون مواقف البطريرك الراعي خصوصاً بالنسبة لحياد لبنان، لكن أيضاً بالنسبة لمبادرته المتواصلة لتأليف حكومة في لبنان تكون قادرة على استعادة الثقة العربية والدولية بلبنان… ولذلك ارتأوا أن يوجّهوا إليه دعوة لزيارة إمارة أبو ظبي ليتحدّثوا معه في كلّ هذه المواضيع، في إشارة واضحة إلى تأييد الإمارات لحياد لبنان وللقول إنّ الإمارات تعتبر لبنان بلداً صديقاً وهي على علاقة طيّبة مع الأفرقاء اللبنانيين الذين لا يتدخلون في شؤون الدول الأخرى”.

كذلك تشير الأوساط عينها إلى أنّ “زيارة البطريرك الراعي إلى الإمارات ستكون أيضاً، وكما عبّر عن ذلك السفير الشامسي، بمثابة تتمّة للدور الذي تلعبه الإمارات على صعيد حوار الأديان”، لافتة إلى أنّ “كلّ هذه الملفّات المهمّة، دفعت وليّ عهد إمارة أبو ظبي الشيح محمد بن زايد آل نهيان إلى الطلب من شقيقه وزير الخارجية عبدالله بن زايد أن ينقل الدعوة إلى البطريرك لزيارة أبو ظبي”. كما أكدّت أنّ “دوائر بكركي عكفت على التحضير لهذه الزيارة استعداداً لتحديد موعدها قريباً”.

إلى ذلك تتقاطع أوساط عليمة عند نفي ما تردّد اعلامياً عن نية فاتيكانية لإجراء تبديل في رأس الكنيسة المارونية. وقد نفى مصدر قريب من بكركي هذا الكلام مشدّداً على أن لا أساس له من الصحة. وتفنّد أوساط أخرى متابعة لـ”حراك البطريرك” أسباب عدم أخذها لهذا الكلام على محمل الجدّ: “روما ليست في وارد أن تفتح ورشة من هذا النوع وفي هذه الظروف بالذات لأنّها تعلم جيّدا أنّ أمراً كهذا سيصبح عنوناً صراعياً إضافياً بين القوى المسيحية، خصوصاً في ظلّ وجود الرئيس ميشال عون في الحكم الذي سيسعى لكي يُنتخب مطرانٌ قريبٌ منه”.

لكن الأهمّ بالنسبه لهذه الأوساط أنّه “ليس هناك مشروع فاتيكاني واضح لبطريرك جديد، بل إنّ الاتّكال الفاتيكاني الأكبر هو على المبادرة الفرنسية، ولذلك تسعى دوائر الفاتيكان لترتيب تكامل بين هذه المبادرة وبين السياسة الأميركية تجاه لبنان في مطلع ولاية الإدارة الأميركية الجديدة”.

فالمعلومات الواردة من روما تشير، بحسب هذه الأوساط عينها، إلى أنّ “الفاتيكان بصدد تزخيم المبادرة الفرنسية، خصوصاً أنّ وزير الخارجية الأميركي الجديد أنتوني بلينكن لديه “جذور” فرنسية قوية، فهو درس في فرنسا، كما أنّ زوج أمّه فرنسي ومعروف من قبل دوائر الإليزيه، ثمّ إنّ أخته غير الشقيقة تدير مؤسسة اجتماعية وثقافية مهمّة في فرنسا، وكل ذلك قد يساعد في إرساء تكامل أميركي – فرنسي بشأن الأزمة اللبنانية”.

وكان رأس الكنيسة الكاثوليكية قد أبدى رغبته زيارة لبنان خلال رسالته إلى اللبنانين عشية عيد الميلاد التي تلاها البطريرك الراعي، من دون أن تصدر عن الفاتيكان أي إشارة إلى موعدها. وتلفت الأوساط عينها إلى أنّ “مساعيَ بُذلت لتكون للبابا محطّة ولو لساعات في لبنان قبل وصوله إلى العراق الذي سيزوره من 5 إلى 8 آذار المقبل، وذلك على غرار محطّة البابا بولس السادس في بيروت في طريقه إلى الهند في 2 كانون الأوّل 1964”.

وتكشف هذه الأوساط أنّ “دوائر رئاسة الجمهورية لم تهتمّ كثيراً لمتابعة هذه المساعي، ربمّا لأنّه ليس هناك مشروع قابل للتنفيذ من ورائها، وربما لا يكون عن سوء نيّة عدم الاهتمام هذا، بل سببه حالة اللامبالاة الآخذة في التوسّع ضمن دوائر الدولة الرئيسية، التي تعكس تحلّل مفهوم الدولة وتقهقر بناها، ولذلك لا متابعة لمثل هذه المسائل المهمة”.

المصدر: أساس ميديا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!