قطبة مخفية عند “حزب الله” أفضت للتعجيل بتشكيل الحكومة

 – 
رغم التماهي السياسي بكون تشكيل حكومة العهد الاولى بعد الانتخابات دونها صعوبات وعقبات، إنخرطت مختلف الاطراف وعلى عجل بالنقاش الجدي حول توزيع الحصص والحقائب، ومن دون سابق إنذار إنخفضت السقوف العالية كما برز الى الواجهة تواضع قلّ نظيره عند الطبقة السياسية، ما سمح للاجواء بأن تَشي بإنفراج قريب على جبهة تشكيل الحكومة وتبديد العوائق التي كانت تقف سداً منيعاً وقد تفتح على أزمة مفتوحة .

ووفق مصادر مواكبة لأجواء النقاش الحكومي، فإن خلفيات إقليمية تقف خلف هذه الاندفاعة المفاجئة لإخراج الحكومة أو السعي نحو إنتظام العمل في المؤسسات الرسمية اللبنانية، هي ليست على شكل توجيهات سعودية حصل عليها الرئيس المكلف خلال جولته المكوكية بين الرياض فموسكو ومن ثم الرياض مجددا فباريس كمحطة أساسية كما راجت بعض المعلومات في بيروت، كما لم تأت الاستفاقة بعدما دق الرئيس نبيه بري ناقوس الخطر منبها لضرورة تشكيل الحكومة بأسرع وقت، مهددا بمغادرته نحو إجازة عائلية خاصة بعدما وصلته تحذيرات جدية من بعض السفراء الغربيين من أن الوضع الاقتصادي على شفير الانهيار الكامل .

وأشارت المصادر الى معطى بارز حصل عشية توجه الوزير جبران باسيل الى باريس للقاء الرئيس المكلف يتعلق بموقف أطلقه الرئيس بري عن عدم ممانعة الثنائي الشيعي منح حقيبة وزارية سيادية للقوات اللبنانية، حاول باسيل تجاهله ولكن فوجىء بموقف متشدد عند الرئيس الحريري يفوق موقف بري بأشواط، وهنا تشير المصادر عينها لقطبة مخفية أدت عمليا لفتح الطريق أمام الرئيس الحريري وتحسين شروطه بالنقاش مع رئيس الجمهورية لتجاوز العقبة الاساسية التي تتمثل بحصة القوات اللبنانية وفق حرص سعودي واضح، والانصراف عمليا لاعادة تدوير الزوايا بعدد من النقاط العالقة، وأبرزها تأمين المخارج لعقدة التمثيل الدرزي عبر نيل وليد جنبلاط التمثيل الدرزي كاملا لكن دون كسر الوزير طلال ارسلان، بمقابل التسليم بمطالب الحريري بعدم تمثيل المعارضة السنية وحصر التمثيل السني بتيار المستقبل منفردا دون التنازل عن مقعد واحد، على الرغم من الاجراء الشكلي عبر المبادلة مع رئيس الجمهورية بمقعد مسيحي.

القطبة المخفية تكمن بدور فاعل لعبه حزب الله  لتسهيل ولادة الحكومة دون الغرق بالمطالب والشروط التي سادت منذ الساعات الاولى لتكليف الحريري، خصوصا في ضوء الملفات الداهمة، وزاد منها الاحراج الذي سببه تصريح قائد فيلق القدس قاسم سليماني عن تشكيل حكومة المقاومة بعدما نيل حزب الله 74 مقعدا في المجلس النيابي وهو موقف لا يستطيع تحمل تداعياته داخليا، فتكوين لبنان السياسي يختلف جوهريا عن العراق وسوريا واليمن، ما دفع حزب الله للتحرك سريعا عبر جبهتين، الاولى إسناد مهمة المخارج لساحر السياسة في لبنان الرئيس نبيه بري والتي تتضمن قبعته الكثير من الارانب التي تظهر تباعا، أما الجبهة الاخرى والتي لا تقل صعوبة فهي كيفية إقناع التيار الوطني الحر بضرورة كبح جماح مسؤوليه وتأمين مشاركة جميع القوى والحؤول دون إقصاء أي طرف لاجل إنجاح العهد الرئاسي بالدرجة الاولى .

هذا لا يعني بمطلق الاحوال بأن جميع العوائق قد جرى تجاوزها بعدما بات مسلماً به إرتفاع حصة القوات ونيلها وزارة سيادية أو نيابة رئاسة الحكومة، ما سيعتبره باسيل إنتكاسة من الصعب تجاهلها وستنعكس حكماً على مراكز القوى داخل التيار الوطني الحر، غير أن المعلومات المتقاطعة تشير الى أن التجاذب حاليا يحصل حول توزيع المقاعد التي تتطلب معادلات رياضية معقدة تفوقها تعقيداً الحسابات السياسية الخاصة في لبنان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى