الممثل سليم علاء الدين: لا حياة لي خارج الفنّ

صدى وادي التيم – فن وثقافة/

الطبخ بالنسبة له كان مجرّد هواية، لكنّه بات اليوم مهنة ومورد رزق. الممثّل والشاعر سليم علاء الدين أطلق منذ فترة مبادرة “أكل سليم”، التي يقدّم فيها أطباقاً يومية وصحية، حيث لاقت تفاعلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي. في المقابل، يؤكّد سليم على أنّ كل ذلك لا يعني أنه ترك التمثيل والمسرح والشعر، ويشدّد على أن لا حياة له خارج الفنّ، “لكن في هذا البلد علينا أن نعمل في ميادين مختلفة لكي نستمرّ”. ويشير الى أنّه يغنّي أثناء تحضير الطعام، ويطهو بحبّ وفنّ.

بعد أن انتهى من تصوير مسلسل “الهيبة الردّ” الذي أدّى فيه شخصية “الأسمر”، فكّر سليم علاء الدين في الخطوة المقبلة في ظلّ الأوضاع الصعبة التي نمرّ بها في لبنان، بخاصة أنّ القطاع الفنّي يتأثّر كثيراً بالوضع الإقتصادي.

وإذ كان على يقين بأنّ المرحلة المقبلة ستكون سيّئة جداً، لمعت في باله فكرة انطلقت بالصدفة، حين كان ذات يوم يحضّر الطعام لأصدقائه الذين يكرّرون أمامه أنّ “نَفَسه طيّب على الأكل”. وكان يشاهد إحدى القنوات المتخصّصة بتقديم برامج عن الطبخ، فنشر تدوينة صغيرة على حسابه على موقع فيسبوك أعلن فيها عن أطباق يومية سيبدأ بتحضيرها، ولم يكن قد اتّخذ بعد قراره النهائي في هذا الخصوص.

في اليوم التالي، كان الخبر قد انتشر بسرعة البرق، ولاقى تفاعلاً كبيراً من أصدقائه وروّاد مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أنّ أحد المواقع الإلكترونية نشر الخبر تحت عنوان “ممثل وفنان يريد أن يتّجه الى الطبخ”. بعد ذلك اتّصل به صديقه الذي يملك مطعماً في منطقة الصفير، وعرض عليه أن يستخدم المكان لمشروعه من دون أيّ مقابل. ويضيف أنّ الفكرة في البداية اقتصرت فقط على تحضير الأكل النباتي، إلا أنّه اتجه بعدها الى الطعام الجنوبي واللبناني. ولفت الى أنّه يراعي موضوع الأسعار كي تكون مقبولة وتناسب الجميع.

“متل أكلات إمي”

نجح سليم علاء الدين في الحصول على تغطية إعلامية جيدة لمشروعه، بحكم أنه فنان، الأمر الذي ساهم في التسويق بقوّة لمبادرة “أكل سليم”. ويوضح في هذا الإطار: “اعتبر البعض أنّ المبادرة التي أطلقتُها هي موقف من أجل الحياة، أو موقف في وجه الموت والبشاعة المحيطة بنا. وهذا الأمر رفع كثيراً من منسوب التفاعل معي”، وتابع: “إضافة الى ذلك، كلّنا يعلم أنّ قسماً كبيراً من الذين يعملون في بيروت يلجأون الى الطعام الجاهز لضيق الوقت. وهؤلاء اشتاقوا الى الطبخ”.

ويصرّح بأنّ أجمل تعليق تلقّاه كان عبارة: “متل أكلات أمي” أو “متل أكلات البيت”، مضيفاً أنّ هذه التعليقات تسعده، حيث يشعر بأنّه يعوّض قليلاً على هؤلاء الأشخاص بُعدهم عن أمّهاتهم بفعل ظروف الحياة.

تقدّم الى وظيفة عامل نظافة… فرفضوه

يكشف سليم عن حادثة طريفة حصلت معه قبل أن يطلق مشروع “أكل سليم”. ويشير الى أنه سمع ذات مرة أنّ إحدى البلديات تحتاج الى عمّال تنظيف، فاتّصل بهم لكي يتقدّم الى الوظيفة. وحين طلبوا منه أن يزوّدهم ببعض التفاصيل عن تحصيله العلمي، أخبرهم أنه يحمل ماجيستير في إعداد الممثل من معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية. فسألوه عندها إن كان هو نفسه سليم علاء الدين الشاعر، فردّ بالإيجاب. حينها اعتذروا عن قبوله لكونه شخصاً معروفاً وقالوا له: “منعتذر منك ما فينا نحملها”. فحاول إقناعهم بأنه بحاجة الى وظيفة كي لا يمدّ يده الى أحد، لكنهم رفضوه.

المونة البلدية: غلّيت وما غشّيت

الى جانب الأطباق اليومية، خصّص سليم اهتماماً كبيراً بالمونة البلدية. وكونه إبن الجنوب، من قرية على حدود لبنان مشهورة بالتين والزيتون، فهو معتاد على تحضير المونة التي تشمل التين وزيت الزيتون وغيرها من الأصناف.

ويؤكّد على أنّ المونة التي يبيعها هي “باب أول، وإن كانت الأسعار في بعض الأحيان مرتفعة قليلاً. فكلّ ما أقدّمه هو من الأرض وطبيعي. وأفضّل أن يقول الناس أنني “غلّيت” ولا يقولون “غشّيت”، حسب قوله.

ليس كل مشهور فنّان والعكس صحيح

من جهة أخرى، يعتبر سليم أنّ الدخلاء على الفنّ يفوق عددهم عدد الفنانين الحقيقيين. واعترف بأنّه لا يجيد إدارة أموره كفنّان، لكنّه راضٍ على مسيرته الفنية رغم أنّه لم يأخذ جزءاً من حقّه في الإنتشار، وأوضح: “علاقاتي بالمنتجين والمخرجين ضعيفة، الأمر الذي لعب دوراً أساسياً في غيابي عن الأعمال الفنية”.

وإذ اعتبر أنّ الشهرة هي التي تجلب المال، استطرد بالقول: “لكن ليس كل مشهور فنان، والعكس صحيح”. وتابع: “منذ البداية لو قُدّر لي أن أعيش من المسرح وحده لما لجأتُ الى أيّ مكان آخر. ففي فترة من الفترات نجحت، لكني قررتُ فجأة أن أذهب الى القرية، وكان هدفي أن أخلق حركة ثقافية في الأرياف، إنما اصطدمتُ بخيبة الأمل مجدداً. فالمسؤولون في لبنان لا يعيرون الفنّ الاهتمام الكافي”.

دوري في “الهيبة الردّ” خطّ درامي بحدّ ذاته

تجدر الإشارة الى أنّ سليم علاء الدين هو في الأساس ممثل مسرحي، وكان قد شارك أيضاً في عدد من الأفلام والمسلسلات. وبعد انقطاع دام حوالى أربع سنوات عن الدراما، عاد وأطلّ في مسلسل “الهيبة الردّ” بشخصية “الأسمر”، حيث أدّى دوراً صعباً ومركّباً. وفي هذا الإطار أشار الى أنه لا يقيس حجم الأدوار سواء كانت صغيرة أم كبيرة. ودور “الأسمر” في الهيبة يجسّد ما يعيشه اليوم عدد كبير من الشباب. وشدّد على أهمية هذا الدور واصفاً إياه بأنّه خطّ دراميّ بحدّ ذاته، وقال: “أغرمتُ بهذه الشخصية وشعرتُ أنني أستطيع أن أجسّدها بنجاح. وهذا العمل بدوره قدّم لي الكثير، وأعتبر أنّ عودتي من خلال “الهيبة الردّ” كانت موفّقة”.

المصدر : نداء الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!