جنبلاط: أين الدروز؟
أوضح رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط أنه “كان إلتقى الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن في لبنان، كما إلتقاه عدة مرات في الولايات المتحدة، وربطته به صداقة”، مشيراً الى أن “أمامه مشكلات كبيرة ضخمة، وهي كيف سيعالج ما خلفه الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب من خراب على أميركا لجهة الوحدة الداخلية، ومن خروج أميركا من المعاهدات الدولية، الأونيسكو، إتفاق باريس، وغيرها، وأيضا هدد ترمب بالخروج من ما تبقى من معاهدة الحد من الأسلحة مع روسيا، وإلى أن يأتي إلى لبنان المشوار طويل، لكنني كنت واضحا الأمس عندما هنأته، بأن يتذكر القضية الفلسطينية، حل الدولتين، وفق الإتفاقات الدولية، والقرار 242، ولاحقا إتفاق أوسلو”.
وأضاف :” اما في لبنان، فنحن نريد أيضا أن يهتم بلبنان، في محاولة تحييده عن المحاور، فمن جهة إسرائيل تحتل أرضنا، ومن جهة ثانية، إيران لها وجود طاغ في لبنان، وإذا عاد بايدن إلى الإتفاق النووي الذي بدأه أوباما، نريد أن لا يكون هذا على حساب لبنان”.
وقال جنبلاط في حديث الى قناة “روسيا اليوم”، حول بقاء ترمب في سدة الحكم بإعتبار أنه تعهد بتحجيم دور إيران، : “كلا أبدا، كنت واضحا في ما يتعلق بالعقوبات على إيران، وبالتالي على ا ل ح ز ب ، ولدي تصريحات واضحة، بأن تلك العقوبات لن تضعف حا ل ح ز ب ، بل ستضعف الإقتصاد اللبناني، الذي هو أساسا بحاجة إلى إعادة هيكلة، وفق المبادرة الفرنسية، علينا أن نتخذ خطوات جديدة، لا نستطيع أن نعيش على أحلام إقتصاد الخدمات، الإقتصاد الريعي، لكن لم أدافع أبدا عن ترمب”.
وأردف: “أنظروا إلى فلسطين، كيف أهدى القدس والجولان إلى الإسرائيليين، لم أكن من المدافعين عن سياسة ترامب، وهو برأيي، إذا ما بقي، وهو تقريبا إنتهى، يُشكل خطرا على الأمن العالمي”.
ولفت جنبلاط إلى أنه “ينطلق من الحيثية، بأن جمهورية إيران الإسلامية ممتدة من العراق إلى سوريا الى لبنان، فهل يستطيع بايدن أن يفعل شيئا لجهة التوازن، بأن يحافظ على حرية لبنان وإستقلاله، وأن يرسي سياسة منطقية مع إيران، بحيث أن نعود إلى الإتفاق النووي؟”، مشيرا إلى أن “الإتفاق النووي نص على أن لا تتوصل إيران إلى صنع القنبلة الذرية، إلى أمد معين، قالوا آنذاك 12 سنة”.
وأكد جنبلاط أنه “لا نريد تفاوضا على حساب هذا البلد الصغير الممزق الذي إسمه لبنان، ثم أن سوريا تستحق الرعاية، لأن الشعب السوري نتيجة الوجود الإيراني والتدخل الروسي دفع كثيرا، ولا بد من صيغة جديدة للنظام في سوريا”.
ورأى أن “ا ل ح ز ب يتمتع في لبنان بنفوذ كبير، وبالأمس أحد الذين أصيبوا بالعقوبات، السيد باسيل، قال إنه أصيب بهذه العقوبات لأنه متحالف مع ا ل ح ز ب ”.
وأضاف: “إذا الموقف الآخر سيزداد تصلبا في عملية تشكيل الحكومة، وهذه عقدة إضافية أمام الرئيس المكلف سعد الحريري، ولا أرى أن هذه العقوبات ستؤثر كثيرا، بل ستنعكس سلبا على تشكيل الحكومة”.
وإعتبر جنبلاط أنه “في الأساس، الثنائي الشيعي، ا ل ح ز ب وحركة أمل، إحتفظ لنفسه بوزارة المالية، وسقط كل ما يسمى بالمداورة وعدنا إلى المحاصصة، عندما إكتشفنا بأن التيار الوطني الحر (حزب جبران باسيل وميشال عون) يريد كل شيء تقريبا، من وزارة الطاقة، وهي محور الخلاف لأنها مصدر الهدر الأكبر في الموازنة اللبنانية، إلى وزارات الدفاع والخارجية وحتى الداخلية، ولست أدري لماذا الحريري يريد التخلي عن وزارة الداخلية، فماذا بقي، وزارة البيئة، أو الزراعة أو الصناعة؟ هذا منطق غريب، وحتى مبدأ الإختصاصيين سقط عندما دخلنا في المحاصصة؟”.
وحول العقوبات التي فرضت على باسيل، قال جنبلاط: “لست أدري، آخر همي، الغريب أن جبران باسيل يدافع عن نفسه بأنه ملاك على الارض، أو جبرائيل على الأرض “بعد شوي”، هذا أمر غريب وبدل أن نعطى دروسا من الخارج في أن الطبقة السياسية فاسدة، يجب أن نصل في لبنان إلى القضاء المستقل الذي يحاسب، وحتى هذه اللحظة، إدارة ميشال عون عطلت كل التشكيلات القضائية، التي كان من الممكن أن تخرج في الحد الأدنى من الإستقلالية عن القرار السياسي، وأن تحاسب السياسيين وفق معايير موضوعية”.
في سياق آخر، قال جنبلاط: “لم يطرح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أفكارا بعيدة عن التحقيق، ماكرون قال: “لا بد من إصلاح ضريبي، ولا بد من إعادة النظر بهذا العدد الهائل من المصارف اللبنانية، كما طالب في الإصلاح في قطاعات مهمة بالهدر وخاصة قطاع الكهرباء، الرئيس الفرنسي طالب بالشيء الممكن تحقيقه، لم يطالب بالسيطرة على الحدود، بل قال ان كميات النيترات في مرفأ بيروت انفجرت عرضيا، وهنا لا أوافقه، لكن لا أملك معلومات، لكن كيف تنفجر عرضيا؟ ولم يقل انه وسيط في الخلاف الأميركي – الايراني، بل توجه الى الممكن تحقيقه في لبنان، لكن اضعنا الفرصة”.
وعما إذا كان “التقدمي” يطالب بحصة في الحكومة، قال: “الكل يدعي العفة، والكل يقول لن نشارك، وبالأساس كلهم حجزوا مقاعد فيها، لذلك، يحق لي كممثل لهذا الحزب، وكممثّل للطائفة الدرزية العربية، يحق لي أن أسأل، أين الدروز من كل هذا الأمر، لماذا نحن نُعتبر “نكرة”، ويجب استبعادنا، أو إعطاءنا مناصب وزارية ثانوية. لماذا؟”.
وعن وجود من ينافسه في قيادة الدروز، قال جنبلاط: “نحن نقبل بالديمقراطية. لكن في الوزارة السابقة لهذا أقول بأننا لم نكن نتمثّل. المفارقة اليوم هي أن حا ل ح ز ب ، والوطني الحر، وهؤلاء لم يسموا سعد الحريري. نحن سمينا الحريري، وهم يملكون القرار المركزي. هذا غريب عجيب. هذا فن جديد في الديمقراطية يجب أن يُعلَّم في الجامعات”.
وحول ما إذا كانت الحياة السياسية اللبنانية ستبقى تتجاذبها المحاصصات، ونفوذ الدول الإقليمية والعالمية، قال: “كان لبنان يتمتع بالاستقرار وإذا صح التعبير باستقلال نتيجة التوازنات العربية.وعندما نعود إلى فترة عبد الناصر نرى أنه احترم الاستقلال اللبناني، وآنذاك عندما انضمّت سوريا إلى مصر في الوحدة مع عبد الناصر، احترم الاستقلال وكانت نصيحة كمال جنبلاط أن لبنان حاجة للعالم العربي في تنوّعه الثقافي، والسياسي، والأكاديمي، والجامعي، فاحترم عبد الناصر هذا الشيء”.
وأضاف: “لكن الأمور اليوم تغيّرت لأن العالم العربي سقط. لم يعد هناك عالم عربي، سقط باجتياح العراق عام 2003، من قِبل الأميركيين وعندها فُتحت البوابة الكبرى للتأثير والنفوذ الإيرانيَّين. والتخلي عن طموحات الشعب السوري من قِبَل المجتمع الدولي جعل من إيران وروسيا عاملَين أساسيين على حساب العرب والمملكة العربية السعودية دخلت في حربٍ لم تنتهِ، وكنت من أوائل الأشخاص الذين دعوا للخروج من اليمن”.
واعتبر أن “ما من أحد دخل إلى اليمن في التاريخ إلّا وسقط”، مشيراً إلى أن “الاستعمار الإنكليزي سيطر على عدن، لكن لم يدخل إلى عمق اليمن والأتراك أيضاً وأخيراً، الوزن العربي، مصر وسوريا هم الأساس، مصر أُبعدَت منذ اتفاقيات “كامب ديفيد”، والنظام الحالي، أي بشار، دمّر سوريا واليوم هناك تقاسم للأدوار في سوريا بين الأتراك والإيرانيين وبين الروس، أين سوريا اليوم؟ لا أدري!”.
المصدر: روسيا اليوم