واشنطن للبنان: 100 يوم للترسيم.. وإلّا
صدى وادي التيم – لبنانيات
عشية بدء مفاوضات ترسيم الحدود التي ستجمع الوفدين اللبناني والإسرائيلي بوساطة أميركية ممثّلة بمساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد شينكر، بحسب ما أُعلن، في مقرّ قوات اليونيفل في الناقورة، تستمرّ الجهود المبذولة لإنجاح هذه الجلسة وغيرها، حيث إنّه من المتوقّع أن تكون المفاوضات شاقّة كون لبنان قد أعطى توجيهات للوفد الذي سيمثّله بالتفاوض على أساس الخط الذي يبدأ من نقطة رأس الناقورة من البرّ اللبناني، ويمتدّ عبر البحر وفقاً لتقنية «خط الوسط»، من دون أيّ احتساب لتأثير الجزر الكامنة في الجانب الفلسطيني من مياه البحر الأبيض المتوسط مثل جزيرة “تل لخت” أو ما يُعرف بـ”تخيلت”.
التوجيه اللبناني للوفد المُفاوض يعني دفع خط الحدود بشكل إضافي عن الخط المعلن من قبل الدولة اللبنانية، ويؤدي ذلك إلى إضافة ما يُقارب 840 كلم مربع إلى المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية، لتضاف إلى مساحة الـ 860 كيلومتراً مربعاً «المتنازع عليها» في الأصل بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي. ومع الإضافة، يُصبح إجمالي المنطقة «المتنازع على ملكيتها» نحو 1700 كيلومتر مربع، وهذا بحال احتُسب من بعد “خط هوف”. أمّا في الحقيقة وبالاحتساب من بعد اقتراح هوف، فإنّ المنطقة التي تُصبح محلّ نزاعٍ في المفاوضات هي 2200 كلم مربّعًا، تضمّ مجموع المساحة المعلنة من آخر خطّ مقترح من الجانب اللبناني إلى آخر خطّ مقترح من قبل الجانب الإسرائيلي.
مصادر مُطّلعة على ملف الترسيم كشفت لـ”أساس” أنّ دفع الخط الحدودي جنوبًا يهدف في الأصل إلى إبعاد المطالبة الإسرائيلية بالمنطقة المحاذية والمتداخلة مع البلوكات الجنوبية 8، 9، و10، حيث إنّ لبنان اعتمد في خطوته على عدم الاعتراف بأنّ “صخرة تخيلت” هي جزيرة. وعليه يختلف أمر الترسيم بالنسبة لقانون البحار. وبهذا، يكون لبنان قد رفع مطالبه لتطال الحدود التي يُطالب بها قسمًا لا بأس به من حقل “كاريش” للغاز، والذي يقول الجانب الإسرائيلي إنه يدخل ضمن حدوده الطبيعية، ويضمّ ثروة تُقدّر بـ 1.8 ترليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.
وأكّد المصدر، أنّ الجانب اللبناني تعمّد رفع سقف مطالبه في محاولة جديّة للتفاوض بعيدًا عن حقول الغاز والنّفط المُفترضة للبنان في المياه الجنوبية، ويسير في هذه المفاوضات على قاعدة “رفع المطالب لتحسين الموقف”، إذ إنّ الجانب الإسرائيلي لن يقبل على الإطلاق بالمقترح اللبناني هذا، بالإضافة إلى أنّ الإسرائيليين قد يتمسّكون بآخر خطّ مُعلن من قبلهم الذي يطالب بـ850 كلم مربعًا من الأراضي اللبنانية، وهي مجموع الـ 500 كلم اللبنانية و350 الإسرائيلية (بحسب خطّ هوف). ولفت المصدر إلى ضرورة أن يتيقّن الجانب اللبناني من أنّ خطّ هوف هو مُجرّد اقتراح، وليس معاهدة مُلزمة تمامًا، كما يعتبره الجانب الإسرائيلي. وعلى هذا الأساس، يكون الموقف المُعلن من قبل الجيش اللبناني هو الموقف الرّسمي في المفاوضات.
كرّر المصدر نفسه تذكير الجانب اللبناني بحاجته إلى النفط والغاز الكامن ضمن البلوكات الجنوبية. وعليه، فإنّه ليس مصلحة لبنان التأخير والمماطلة في هذه المفاوضات التي يتوقّع الأميركيون أن يكون الجانب اللبناني سلسًا فيها كما كان الحال قبل إعلان “اتفاق الإطار” بشكل رسمي
وعلى التوازي، قال مصدر في وزارة الخارجية الأميركية لـ”أساس” إنّ مفاوضات الترسيم هي “الفرصة الأخيرة” للبنان في حال كان قادته السياسيون صادقين في التحرّك نحو إنقاذ بلادهم اقتصاديًا، كما أنّ الإدارة الأميركية تترقّب إنجاز هذا الملف خلال فترة لا تتعدّى 100 يوم كحدّ أقصى، وإلا فإنّ لبنان يكون قد ضيّع أهم فرص الإنقاذ الاقتصادي.
وكرّر المصدر نفسه تذكير الجانب اللبناني بحاجته إلى النفط والغاز الكامن ضمن البلوكات الجنوبية. وعليه، فإنّه ليس مصلحة لبنان التأخير والمماطلة في هذه المفاوضات التي يتوقّع الأميركيون أن يكون الجانب اللبناني سلسًا فيها كما كان الحال قبل إعلان “اتفاق الإطار” بشكل رسمي.
كما أكّد المصدر الأميركي الجدّي لـ “أساس” أنّ الأولوية للبنان اليوم، هي إنجاز المفاوضات وترسيم الحدود مع الجانب الإسرائيلي، وإجراء الإصلاحات التي تأخر بها كثيرًا دون أيّ مبرّرات، وقال المصدر: “لن تذهب أيّ شركة عالمية للتنقيب عن النفط والغاز، في حال أنجز الترسيم، داخل بلد منهك بالفساد وسوء الإدارة ما لم يقم بأيّ إصلاحات جديّة”. وتابع المصدر: “إجراء الإصلاحات أمر في غاية الضرورة، إذ إنّه لن يكون مقبولًا أن ينقّب لبنان عن النفط والغاز ويستخرجهما مع احتمال حصول حزب الله على هذه الأموال، علمًا أنّ الإدارة الأميركية لن تتوقف عن سياسة العقوبات تجاه الحزب لمنعه، أو من معه، من الاستفادة من هذه الأموال، إن سارت المفاوضات على النحو الذي يُنجز الأمر ويقود إلى ترسيم الحدود بشكل رسمي”.
ابراهيم ريحان -أساس ميديا