كيف نميز بين عوارض الانفلونزا وكورونا ؟

صدى وادي التيم – طب وصحة

 

لم يدرك الإنسان أن الصحة هي الثروة الحقيقية على هذه الأرض وليس المال أو الذهب، إلا عندما هدد فيروس كورونا أمن البشرية وسلامتها، التي كان غافلا عنها أنه من الممكن أن يشغل الكون فيروس صغير ويوقف قطار الحياة إلى أجل غير مسمى.

من كان يتوقع حلول هذه الكارثة، على الرغم من التطور العلمي والإنجازات العظيمة في عصرنا؟ من كان يخطر في باله أننا لن نتمكن من معانقة أحبائنا وتقبيل أهلنا خوفا عليهم ومن أجل حمايتهم؟ من يصدق أن البشرية جمعاء، عبر كل القارات توحدت للمرة الأولى في هم واحد، وهو البحث عن الأمان ومكافحة هذا الوباء للمحافظة على الصحة التي إن زالت زال معها كل شيء؟.

الصحة هي شغلنا الشاغل اليوم، وتحديدا في وطننا لبنان الذي باتت الضائقة الاقتصادية فيه تؤثر على المستشفيات وصمودها، سعر الأدوية وتوفرها في الأسواق، استيراد اللقاحات الأساسية وبخاصة مع حلول فصل الخريف الذي يحمل معه الزائر المعتاد في كل موسم…وها الإنفلونزا على عتبة الباب.

فهل سيتمكن اللبناني من مواجهة الكورونا والإنفلونزا معا؟ وكيف يتم توزيع اللقاح مع استيراد كميات محدودة بسبب النقص العالمي وعدم توفر اللازم؟

خليفة

في حديث لـ “الوكالة الوطنية للإعلام” كشفت الدكتورة ماري كلود فدعوس خليفة، أخصائية أطفال وحديثي الولادة ورئيسة قسم الاطفال في مستشفى سيدة المعونات الجامعي- جبيل ومتخصصة في علم اللقاح، أنه “بالنسبة إلى الاكاديمية الاميركية لطب الاطفال التي تنظم مؤتمرا سنويا وقد انعقد في أوائل الشهر الحالي، حيث تطرقت الأكاديمية هذه السنة إلى موضوع لقاح الإنفلونزا وأكدت في مؤتمرها ضرورة أن يتلقى كل من تخطى الستة أشهر لقاح الإنفلونزا الموسمي، لأن نسبة الخطورة عالية عند الأطفال إذا أصيبوا به في فصل الشتاء وهم يلعبون دورا هاما في نقل المرض إلى عائلاتهم”.

تابعت: “إن لقاح الإنفلونزا هو لقاح يجدد سنويا، لأن هناك تغييرات أنتيجينية (Antigène) تحصل ويتضاءل عيار الفيروسات المنتشرة، مما يستوجب إعادة تركيبه سنويًا. فتكوين اللقاح لهذا العام مدروس بحسب تطورات الكوفيد -19، إذ يخفف من نسبة الإصابة. إن اللقاح الأفضل لهذا الموسم هو اللقاح الرباعي التكافؤ (Quadrivalent) الذي ما زلنا ننتظر توفره في لبنان، وهو يحتوي على نوعين “ألف” من فيروس الإنفلونزا ونوعين “باء” منه وبذلك يغطي اللقاح أخطر أنواع الفيروسات. تحفظ كلها في حقنة واحدة أي جرعة واحدة، تحقن في العضل ما عدا صنف واحد يعطى في الأنف وهو غير متوفر في بلادنا ولا يعطى للأطفال الذين لم يبلغوا عمر السنتين”.

وعن عدد الجرعات، أوضحت خليفة أن “المسألة تتعلق بعمر المتلقي، فالطفل البالغ ستة أشهر حتى ثماني سنوات يحصل على جرعة واحدة إذا كان تلقى اللقاح سابقا، وإذا لم يقم به يحصل على جرعتين يفصل بينهما أربعة أسابيع. أما بالنسبة إلى الأطفال الذين بلغوا التسع سنوات وما فوق، فتكفيهم جرعة واحدة فقط سنويا حط وكذلك نتبع البروتوكول نفسه مع البالغين والمسنين”.

كيف نميز بين الكورونا والانفلونزا؟

ليس من السهل التمييز بين الإنفلونزا والكورونا، كما أكدت خليفة “لأن الاعراض تتشابه كثيرا لدرجة أنه قد يصعب على الطبيب أحيانا أن يميز بينهما إلا بعد إجراء المريض الفحوص اللازمة. فأعراض الكورونا والإنفلونزا الأولية تختلف من مريض إلى آخر وتظهر على شكل حرارة مرتفعة ونحول في الجسم، ضيق في التنفس وسيلان في الأنف، وجع قوي في الرأس وإسهال وفقدان الشهية. ولكن ما يميز الكورونا عنها أن المصاب يفقد حاسة الشم والتذوق وتزداد أعراضه بدءا من اليوم الخامس من إصابته حتى اليوم العاشر”.

وقالت:” الإنفلونزا بحد ذاتها ليست خطرة إلا على الأطفال الذين لم يبلغوا الخمس سنوات وبعض الحالات الخاصة حيث تتطور بشكل سريع. لذلك طلبنا من المواطنين إجراء لقاح الإنفلونزا هذه السنة للحد من الإصابة به، لأن مريض الإنفلونزا من الطبيعي أن يعاني نقصا في المناعة مما يجعله أكثر عرضة للإصابة بفيروس الكورونا. وهنا قد تكون حالة المريض دقيقة إذا أصيب بالإنفلونزا والكورونا معا. فاللبناني أمام تحديات كثيرة هذا الموسم، بين إمكان عدم توفر اللقاح للجميع والقيام بالفحوص المخبرية للتأكد من حالته الصحية ومتابعة إرشادات الطبيب. الفحوص التي ترهق كلفتها المريض بخاصة في ظل الضائقة الإقتصادية وارتفاع الأسعار في المختبرات والمستشفيات”.

وختمت خليفة بنصيحة: “يمكننا أخذ العبرة من سكان نصف الكرة الجنوبي الذي ينتهي شتاؤه قريبا، وهي أن الوقاية بالابتعاد عن بعض جسديا والحفاظ على المسافة الآمنة ووضع الكمامة، وتكثيف النظافة وغسل اليدين والبقاء في المنزل، بذلك فقط نخفف كثيرا من انتقال الإنفلونزا هذه السنة”.

وزير الصحة وآلية استخدام لقاح الإنفلونزا

في إطار الجهود التي تقوم بها وزارة الصحة العامة في مواجهة الكوفيد-19 ومع اقتراب موسم الإنفلونزا في لبنان وتزامنه هذه السنة مع جائحة الكورونا، وحيث أن الإنفلونزا والكوفيد- 19 يشتركان في الكثير من العوارض المرضية، صدر عن وزير الصحة العامة الدكتور حمد حسن مذكرة أوضح خلالها كيفية تسليم اللقاح من قبل المستورد وصرفه عند الصيدلي وآلية تلقيح العاملين الصحيين في المستشفيات، وتحدد فيها الأفراد الأكثر عرضة للمضاعفات الواجب حصولهم على لقاح الإنفلونزا الموسمية للعام 2020 – 2021.

وجاء في نص المذكرة: “إن الفئات الأكثر عرضة للمضاعفات هي: الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وخمس سنوات، الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم الستين عاما، الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة لا سيما الأمراض الرئوية المزمنة بما في ذلك الربو أو أمراض القلب والأوعية الدموية، وقصور الكلى والكبد أو مرض السكري، كذلك الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة والأمراض السرطانية والنساء الحوامل والعاملون في القطاع الصحي”.

وعن كيفية صرف اللقاح أوضح الوزير حسن أنه “سيتم صرفه من قبل الصيدلي بعد أخذ المعلومات عن الشخص المنوي تلقيحه مع عمره ورقم هاتفه الشخصي وإذا كان يعاني أمراضا مزمنة. وكما سيسمح للمستورد تسليم لقاح الإنفلونزا الموسمية للصيدليات والمستشفيات العاملة في لبنان، المدنية منها والعسكرية، شرط أن يتم صرف هذا اللقاح وفق الآلية المحددة من قبل وزارة الصحة”.

وبحسب المذكرة الصادرة “ستقوم المستشفيات التي استلمت هذا اللقاح بتلقيح العاملين الصحيين لديها حصرا وتلتزم بالتعرفة الرسمية المحددة تحت طائلة الملاحقة القانونية، لأنه لا يحق لها بيع اللقاح. وتلتزم المستشفيات إعداد لائحة بالأشخاص الملقحين تتضمن إسم الشخص وعمره، رقم هاتفه والصفة الوظيفية”.

وفي الختام، أكدت وزارة الصحة العامة أن “التفتيش الصيدلي سيتولى مراقبة حسن تطبيق هذه المذكرة في الصيدليات والمستشفيات”.

درهم وقاية خير من قنطار علاج، مثل راسخ في أذهاننا منذ قديم الزمان، حيث كان أجدادنا يلجأون الى تحصين حياتهم اليومية خوفا من أي مضاعفات مجهولة. في زمننا اليوم، لا خيار أمامنا إلا الوقاية الشخصية على خطى الأجداد التي هي الطريقة الأمثل للرعاية الأولية لصحتنا وصحة عائلاتنا.

المصدر: الوكالة الوطنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى