قصة لين الكاملة : هلّق صار وقت إنتو تسمعو وأنا إحكي

 

أنا لين. كل شي كنت بعرفو هو انو كان في علاج عم بخضعلو، وكنت زور المركز من وقت لوقت وإنو في عين إصطناعية عم غيّرها كل فترة ونضّفها كل يوم. بليلة راس السنة بستغلّ انو الكل ملتهي وبفتح الملف عن وضعي لأول مرة. كان عمري ٧ سنين. وكانت أول مرة بقرا

كلمة سرطان. برمت فيي الدني.
دخلت على المركز بالـ ٢٠٠٢ بعيد ميلادي السنتين.
كنت أول حالة سرطان عين بالمركز (Retinoblastoma)
خضعت لـ ٢٩ جلسة شعاعية على فترة سنة.”

أم لين: “كنت شوف الورم بالعين المجردة. ما كان حدا يفهم عليي شو عم شوف. كانو يقولولي بسيطة، كل الولاد هيك. وصلت لمرحلة عينها تضوّي بالليل. كان عيد ميلادها السنتين. صورناها، بس ظهرنا الصور بيّن شي كتير واضح.”

لين: “كانت العملية عملية استئصال دغري. كان الخطر كبير وكان ممكن ما إطلع من تحت العملية. السرعة يلي كِبِر فيا المرض كان شي ما بطمن.”

أبو لين: “هون الشكر الخاص للفريق الطبي وفريق المركز. ناس مش طبيعيين. مأساة على وجع على شغل على أمل… كل ممرضة هي أم! كان في ممرضة اسمها كاتيا، كانت لين تسميها تاكيا”.

لين: “مش مذكرة الوجع. كنت مبسوطة بال “نيو لوك” بلا شعر. كنت ضلّ بغرفة الألعاب (playroom) وما روح على غرفتي إلا لآخد العلاج. كان كل شي منيح.

بس كل الوجع يلي ما حسيت فيه أنا وصغيرة عوّضته على كَبَر. من سِن المراهقة لهلّق. وجع المشاعر. وجع من المجتمع. المجتمع يلي ما بيعرف شو صاير بالماضي. بس بيعرف أنا وين هلّق وبيحكم. المجتمع يلي ما بيقدّر.

الفاجعة كانت لما أول حكيم تجميل طلب صور لوجهي. اكتشفت إنو وجهي في ميلة منو نازلة نزول وإنو نفس الميلة ما بتتحرّك. بالمراية ما كانو يبيّنو متل بالصور. كانت أول مرة بشوف وجهي هيك. صرت صوّر حالي فيديو وأعمل تعابير بوجهي وإكتشف حالي شوي شوي: العين ما بتغمّض وبدا كتير للتحرّك. بسبب العلاج الشعاعي ميلة الشمال كلها ما بتنمى وتكبر متل باقي الوجه. بهالفترة شكوني ٢١٩٠ إبرة هورمون النمو على مدة ٦ سنين. كل إبرة مع وجعها الخاص. تعذبت كتير. ومع هيك العالم بتطلّع فيي بنظرة: هيدي شو بها؟!

هون بلّش التحدّي. تحدّي الكلّ. صرت إتحدّى حالي. وإتحدّى الوجع. وإتحدّى العالم والوجع يلّي عم يقدمولي ياه العالم لأقدر كفّي. لإنو إذا بيّنت إنو أنا ضعيفة بياكلوني. بياكلوني بحكياتن. صار في تنمّر. كل أنواع التنمّر. بالأول من الأصحاب بالمدرسة، بوقتها كان في حدا إشتكيلو. بس بالضّيعة المجتمع مجذوب للجهل. وهون أعلنت الحرب!

سمعت كتير كلمات متل:
– يا ماما ما تقرّب عليها بتصير متلها.
– انتبه بتعديك.
– ما بدي جوز إبني غير لوحدة حلوة.
– بتقشعي بعينك؟
– شدي حالك.
او مثلا بالسوبرماركت كان في مرا حامل، قالولها: ما تتطلعي فيا أحلى ما تتوحمي عليها.
كل يوم بسمع متل هيك حكي.

آخر قصة صارت معي بالباص. كان في محل حدي فاضي وفي بنات واقفين. قالتلن المعلمة قعدو حدها وتنايناتهن رفضو. بعدين قالتلها المعلمة لوحدة منهن: لكن قعدي بعيد وما تتطلعي فيا. حطّيت السماعات وسمعت موسيقى وكفيت حياتي عادي. هني بيعرفو إنو انا قويّة. بس ما بيعرفو شو بيصير فيي بس صير بغرفتي وحدي باللّيل.

السؤال مش غلط. طريقة السؤال فيها تكون غلط.
النظرة مش غلط. بس في طريقة بالنظرة غلط.

أنا لين.
اليوم عمري ٢٠ سنة وأنا راضية بحالي.
بس اليوم انا عندي صرخة:

السرطان بطّل إسمو هيداك المرض. إسمو سرطان.
هو مرض خبيث، أكيد. بس بلا دراما.
واجهوا السرطان بالوعي.
ووقفوا تنمّر!
مريض السرطان ما ضروري ينعزل ويتخبّى لأنو السرطان ما بيعدي.

صحيح السرطان عالم كتير كبير بس علّمني كتير. علّمني الإنسانية والمحبة ومراعاة المشاعر.
صار وقت قول لكل الناس انو أنا ما كنت عند حسن ظنن. ما كنت متل ما هني بدن. بس مش يعني ما رح إنجح. وما رح أوصل لكل شي بدي ياه. تعبت لأوصل. اليوم عم حقّق هدفي بعد سنين كتير. هدفي بتوعية الناس.
من جرحي أنتجت ٤٥ لوحة رسمتن بأيدي. وكتير كتابات.
كتير ناس بتنتقد شو بعمل، كتير ناس بتوافق. بدي كفى بكل الاحوال!

بالمستقبل بدي صير معلّمة.
رسالتي لتلاميذي هي انو الإنسانية والمحبة ما بتتعلم بالكتب.
بدي علمن يحترمو بعضن ويقدّرو بعضن ويفتّشو عن الأسباب قبل ما يحكمو ويكون عندن إنسانية عالية.”

—————-

شو عم نعمل ببعضنا!؟ شو عم نعمل بأطفالنا!؟
مش طبيعي إنو يكون الوجع من المجتمع أكبر من الوجع من السرطان. مش طبيعي إنو لين تكتب هول الكلمات: “رغم أن العلاج الكيميائي هجرني منذ مدة طويلة ومات معه الإحساس بالحريق، عاد الحريق الى روحي بسبب كلامهم المؤلم.”
مش طبيعي إنو الطفل يتعرض لكل أنواع الحكي والتنمّر وهو بطل وأقوى منّا كلّنا.

مش عينها للين هي المش طبيعية. نظرة الناس مش طبيعية. لين، نحن منعتذر منك كمركز عن كل كلمة سمعتيها. منعتذر منك كلبنانيين عن كل نظرة تعرضتي الها. ومنعتذر منك كبشر لأنك لهلق لازم تعملي جهد أكبر منّا كلّنا لتكوني مقبولة بالمجتمع أو بوظيفة بينما الأبطال يلي متلك لازم يكونو بالصفوف الأمامية. لين، نحن منوعدك انو رح نكثّف حملات التوعية لأنو كل يلي عم تتعرضيلو هو نتيجة جهل. ومنحيي جهودك لتكوني راس حربه بالتوعية عن سرطان العين حتى لو بمجتمعك الصغير.
خلينا كلنا ندعم لين بتوعية أنفسنا بالأول وتوعية الناس بمحيطنا لنصير نتعامل بإنسانية أكتر. لين قويّة كفاية لتواجه وتحارب الكل مع انو في دمعة بعينها. بس يمكن في أطفال عندن نفس الحالة بس ما عندهن هالقوة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى