هل الحرب بين إسرائيل و”الحزب” حتميةّ؟

صدى وادي التيم – أمن وقضاء /

هل تستطيع الإدارة الأميركية منع التوتر الحدودي من التحوّل إلى حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله؟ ومن يُنقذ لبنان “المخطوف من حزب الله لصالح إيران” من حرب مُدمِّرة؟

 

الخبيران الأميركيان ديفيد شنكر وعباس داهوك، ناقشا هذا الموضوع في برنامج “عاصمة القرار” من “الحرّة”. ديفيد شنكر هو مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأدنى، كبير الباحثين في “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”. وعباس داهوك هو مستشار عسكري سابق في وزارة الخارجية الأميركية. كما كانت هناك مداخلة من بيروت مع سام منسّى، الكاتب اللبناني في شؤون السياسة الخارجية الأميركية. ومن تل أبيب مع عكيفا ألدار، الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي.

يعتقد عباس داهوك أن امورا كثيره تغيرت بعد السابع من تشرين الثاني، خاصة مع انضمام حزب الله لدعم حماس في اليوم التالي. وطبعاً هذه “المواجهات لن تتوقف حتى التوصل إلى أمن كامل على الحدود الإسرائيلية. فإسرائيل رسمياً في حالة حرب، وعليها ان تستعيد الردع، ليس فقط في غزه والضفة الغربية وسوريا والعراق واليمن، ولكن كذلك شمالاً مع لبنان ومع إيران. ونتنياهو ملتزم باستعادة الردع، وأن السابع من تشرين الثاني لن يتكرر لا في غزة ولا في الحدود الشمالية”، كما يقول عباس داهوك.


يوافق ديفيد شنكر على توصيف زميله، ويضيف: “إسرائيل تعرف أن حزب الله يخطط لتكرار ما حدث في السابع من تشرين الثاني مع حماس. بمعنى، لدى هذا الحزب القوات الخاصة، قوات الرضوان على الحدود، وسيطلقون الصواريخ. إذاً لا يوجد أمن على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وإسرائيل لا يمكن أن تقبل بوجود ثمانين ألف جندي على حدودها. لذا يجب أن يتغير الوضع القائم، خاصة أن حزب الله نشط جداً في الهجوم على إسرائيل، منذ أن دخل الحرب ضدها في الثامن من تشرين الثاني.

وإسرائيل نشطة أيضاً في استهداف مواقع حزب الله، لأبعاده عن الحدود، وتطهير الحدود من حزب الله. ويجب أن نصل إلى ترتيبات جديدة هناك، سواء عبر إبعاد قوات هذا الحزب إلى أكثر من سبعة كيلومترات إلى الشمال، أو تنفيذ جزئي لقرار مجلس الأمن 1701 بغض النظر عن الصيغة. هذا يعني إرسال 15000 جندي لبناني إلى الجنوب. فالأمور لن تعود إلى السادس من تشرين الثاني، واسرائيل حالياً ربما مستعدة لخوض حرب حقيقيه لمنع ذلك”، على حد تعبير مساعد وزير الخارجية السابق.

يعتقد الإعلامي الأميركي، جون الآن غاي، أنه “من غير المرجح أن تقبل إسرائيل الوضع الراهن على حدودها مع لبنان. وأن الهجوم الصاعق الذي شنوه في المنطقة الحدودية، هو جزء من محاولة لتغيير الوضع الراهن دون غزو واسع النطاق للبنان”.

ويتساءل مارك دوبويتز، عما إذا كان “حزب الله سوف يأخذ العبرة من مصير حليفته حماس، فيقلص خسائره، ويتراجع قبل أن يلقى الشعب اللبناني عموماً مصيراً أسوأ كثيراً. خاصةً أن القوات الإسرائيلية حققت مكاسب ملحوظة في ساحة المعركة في لبنان، ومن خلال استخدام الذخائر الموجهة بدقة؟”، حسب تعبير رئيس مجلس إدارة “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”.

تتساءل، مهى يحيَ، في فورين أفيرز: ما هي جبهة إسرائيل التالية؟. خاصة مع تسارع الأحداث بين إسرائيل وحزب الله منذ بدء الشهر الجاري، بعد عملية دمشق وما تبعها من ردود إيرانية وإسرائيلية.

وتضيف أنه رغم عدم رغبة إيران في خسارة حزب الله، والوساطة الأميركية التي يقودها آموس هوكستين، إلا أن التصعيد يتنامى، تغذيه رغبة المتشددين في إيران من جهة، وتصميم الحكومة الإسرائيلية على الانتقال من الدفاع إلى الهجوم من جهة أخرى. وتختم يحيَ بالقول: إن رؤية نتنياهو بتغيير وضع الردع الإسرائيلي من خلال تدمير حماس وحزب الله يجعل الهجوم الإسرائيلي على لبنان مسألة وقت.

ويتخوف إيفان إيلند من أنه “لا يزال بإمكان إسرائيل جر الولايات المتحدة إلى الحرب مع إيران”. ويجادل الكاتب أن “حسابات نتنياهو واليمين المتطرف الحاكم في إسرائيل، قد تُجبر الولايات المتحدة على الدخول في نزاع إقليمي مع إيران. وبعد أن احتفلت واشنطن مؤخراً بمنع حرب مباشرة بين إسرائيل وإيران. فإن توجيه ضربة ضخمة إلى حزب الله المدعوم من إيران على الحدود الشمالية لإسرائيل، سيجعل كرة التصعيد تكبر”.

وهذا ما يريده نتانياهو وفريقه – برأي إيفان إيلند – “لا سيما أن نسبة مرتفعة من الإسرائيليين تؤيد ضرب حزب الله. ويختم الكاتب، بأنه “أمام هذا الواقع لا بد لبايدن من تهديد إسرائيل بقطع المساعدت العسكرية عنها، إن أقدمت حكومة نتنياهو المتطرفة على توسيع حرب غزة لتشمل إيران، لكن بايدن لن يفعل ذلك”.

في مجلة تابليت، يدعو أميد كوهين إسرائيل إلى “تحقيق نصر حاسم على حزب الله، لتكون هذه هي الحرب الأخيرة في لبنان، وتتحرر إسرائيل من التهديدات الوجودية، لأن حزب الله هو امتداد للجيش الإيراني”.

ويضيف الكاتب أنه من أجل تحقيق ذلك، على “إسرائيل جعل نهر الليطاني بمثابة الحدود الجديدة لها في الشمال. وهذا يعني أن حزب الله لن يكون قادراً على العمل بحرية جنوب نهر الليطاني.لانه لن يتم ردع حزب الله إلا عندما يعاني من فقدان الأراضي مع أمل ضئيل في استعادتها نتيجة ضرب قوته العسكرية”. وهذا ما يوفر لإسرائيل –برأي أميد كوهين- حلاً استراتيجياً وحدوداً يمكن الدفاع عنها.

ويقول الباحث الأميركي، حسين إبش، إن الخطر الكبير الذي شهدته الأشهر الأخيرة، ليس على المنطقة فحسب، بل على سياسة الولايات المتحدة أيضاً، يتمثل في “الفرصة التي كان يسعى إليها القادة في إسرائيل لتحقيق النصر المريح على حزب الله” في لبنان.

تقول مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف: “نحن ملتزمون بشدّة بحل المشكلة بين إسرائيل ولبنان دبلوماسياً. وقد استثمرنا في ذلك طاقات وجهود المبعوث آموس هوكستين. هناك درجة مزعجة للغاية من عدم الاستقرار على الحدود بين لبنان وإسرائيل. وإن احتمالات التصعيد حادة، لذا علينا الحذر. لقد دعونا إسرائيل إلى ضرورة توخي الحذر في الطريقة التي ترد بها على هجمات حزب الله”.

وتابعت “عبر شركاء آخرين لنا، حذرنا حزب الله من الدخول في معركة توسيع الصراع. لذا، نعم، هناك بالتأكيد احتمال لخفض التصعيد، ومن ثم الانتقال إلى جهد دبلوماسي لترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان” .

وتشدد مهى يحي على أنه من “الضروري جداً استمرار الوساطة الأميركية لمنع الحرب بين إسرائيل وحزب الله”.

من جهته، يقول السِناتور الديمقراطي، تيم كاين “يجب أن يتوقف التصعيد بين إيران وإسرائيل، خاصة اطلاق حزب الله النار على إسرائيل من لبنان. ما نحتاج إلى رؤيته هو وقف التصعيد في كل المنطقة”.

ويُبدي النائب الجمهوري راسل فراي، قلقه من “سماح إدارة بايدن لإيران بتسليح حماس وحزب الله بشكل مباشر ضد دولة إسرائيل؛ إن إيران تدعم حزب الله بمقدار مليار دولار سنوياً. لذلك يتمكنون من شنِّ هجمات على إسرائيل طوال الوقت”.

يؤكد ديفيد شنكر أن “إدارة بايدن لم تعط أي ضوء أخضر لحكومة نتنياهو لفتح حرب مع حزب الله، ولا لدخول رفح”. يوافق عباس داهوك على ذلك، ويتخوف من إندلاع حرب واسعة “جراء أي خطأ في حسابات إسرائيل أو حزب الله”.

اعتقد الكاتب اللبناني سام منسّى، أن نجاح أميركا وفرنسا بنزع فتيل انفجار الحرب بين حزب الله وإسرائيل، “مرتبط باحتمالات تسوية أميركية إيرانية على مستوى المنطقة، وليس على مستوى لبنان فقط، لا سيما أن حزب الله هو جزء من السياسة الإيرانية، صاحبة الأهداف الإيديولوجية، رغم سعي طهران الى تفاهمات تكتيكية مع واشنطن”.

وحذّر سام منسّى من أن أي “حوافز وتسويات أميركية مع حزب الله هي نوع من الدوران في حلقة مفرغة، وتنقل المسألة من مشكلة مع اسرائيل إلى مشكلة داخلية لبنانية. وما يقوم به هوكستين هو مشكلة جديدة للبنان قد تفجر البلد”.

وختم منسّى بدعوة بايدن إلى “الاستمرار في الضغط على إيران لردعها. والاستمرار بالضغط على بنيامين نتنياهو وحكومته المتطرفة، لكبح جماح نتنياهو من أن يخوض مغامرة الحرب (في لبنان)، على غرار مغامراته السابقة، لا سيما في غزة، حيث كان عليه ضرب حماس بدقة وتفادي الحرب الواسعة”.

يقول عكيفا الدار، إن “إسرائيل لا تتخذ قرار الحرب بدون الأخذ بعين الاعتبار شيئين أساسيين وهما: ماذا تقول واشنطن، وما هو ميزان القوة بين اسرائيل وإيران”. ويتمنى الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي، أن” تستطيع إسرائيل التفاوض مباشرة مع إيران”.

ويضيف، أن هناك بعض الأفكار التي تتفاوض حولها إسرائيل الآن مع الوسيط الأميركي، وهي أن “ينسحب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، وستوافق إسرائيل على إعادة ترسيم الحدود، وإعطاء مزارع شبعا ونقاط الاحتكاك الاثنا عشر الأخرى على الحدود. وبذلك سيكون هناك اتفاق دون أن يعلن أيّ من الطرفين الانتصار. وهذا ممكن لأن حزب الله في الواقع ربط نفسه مع حماس. وإسرائيل غير قادرة على القتال على جبهتين في نفس الوقت”.

فهل سيحمل الوزير بلينكن معه من المنطقة انفراجاً بين لبنان وإسرائيل، فتحقق واشنطن إنجازاً دبلوماسياً آخر، بعد نجاحها في تفادي الحرب بين إيران وإسرائيل رغم الضربات المباشرة بين البلدين مؤخراً؟

الحرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى