المصور والصحافي كلود صالحاني رحل وترك إرثاً شاهداً على الزمان معرض فوتوغرافي يوقظ ذاكرة الحرب الأهلية اللبنانية

 يوقظ معرض الصور الفوتوغرافية المختار من بعض أرشيف المصور اللبناني العالمي كلود صالحاني ذاكرة الحرب الأهلية في لبنان، ويقدم بعضاً من عذابات الناس إلى أخرى لسياسيين فاعلين في تلك المرحلة. إنها الصورة الشاهدة على الزمان. يبدأ المعرض، الذي تستقبله دار المصور، بمشاهد من حقبة قاسية عُرفت بـ «حرب السنتين» وكانت شديدة الوقع على فئات متعددة من المواطنين، فهي غيّرت، وبالقوة المسلحة، أماكن عيشهم في جغرافيا الوطن. أما صور السياسين المميزة فجمعت وجوهاً من لبنان وفلسطين والعالم ذلك أن المصور الراحل كلود صالحاني تولى منصب مدير في وكالة يونايتد برس انترناشنال (يو بي آي)، ومن ثم رويترز، حيث سجل تميزه. حبه للصورة وثقافته الواسعة ساهمت بانتقاله إلى الصحافة، وبات منذ التسعينيات يعمل محللاً ومحرراً في عدد من الصحف ومحطات التلفزيون العالمية، ومختصاً في شؤون الشرق الأوسط وأسيا والإسلام. والى فرادة صورته فصالحاني تميز كمثقف رفيع فهو يتقن ست لغات. نجح كلود صالحاني بترشيح صورة التقطها في بيروت إثر تفجير مقر المارينز قرب المطار سنة 1983 لجائزة بوليتزر. مثّلت صورته تلك جندياً من المارينز راكعاً ينتحب. والصورة اجتاحت صحف العالم حينها. في صور كلود صالحاني المختارة من ذاكرة الحرب الأهلية ناس كثيرون. رجال نساء، عجزة وأطفال، يغادرون سيراً على الأقدام منطقة الكرنتينا الشعبية، بعد اجتياحها من قبل قوات الكتائب. ناس بوجوه هائمة تائهة، بعضهم يرفع الأعلام البيض، وبعضهم يضعون أيديهم على رؤوسهم بمن فيهم الأطفال الصغار. إنها أوامر القوة العسكرية على الأرض. كما نبشت تلك الصور ذاكرة خروج الجرحى من مخيم تل الزعتر بالشاحنات وبعضها كان بطبقتين حينها كانت الطريق الجديدة برمتها في استقبالهم. وفي السياسة عبّرت الصور المختارة عن الحضور الكبير والمؤثر لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان في تلك الحقبة، إلى صور جمعت زعماء يلتقون في مناسبات كبيرة، وجميعهم رحلوا عن عالمنا. من بين تلك الصور الرئيس ياسر عرفات أثناء حضوره أحد المهرجانات إلى جانب الدكتور جورج حبش، وحديث يدور حول كتاب يمسكه الأول. صور شخصية فريدة لسياسيين ايقظت الذاكرة بدورها. ياسر عرفات في مكتبه وهاتف بيده وأخرى تحيط به. كمال جنبلاط في صورة لطيفة أمام بركة في قصر المختارة، وأخرى شديدة الخصوصية ظهر فيها هنري كيسنجر مرتدياً الكوفية العربية ذات اللون الأحمر في الأردن مبتسماً بقوة للكاميرا في سنة 1974. عُرضت الصورة بالأبيض والأسود، ولم تستطع إخفاء الأصل الأحمر. صالحاني المولود من أب لبناني وأم بولندية استقر في العديد من العواصم وتنقل بينها، وأغمض عينيه في باريس في آب/ اغسطس الماضي وهو المولود سنة 1952. عاش حياته المهنية في عالم متفجر خاصة في وطنه لبنان، هو الذي نشأ في رأس بيروت حيث التنوع الكوزموبوليتي الجميل للسكان، صوّر مجموعات بشرية تُبعد بالعنف عن أماكنها. صوره في تلك المرحلة أظهرت اجتياح العنف المسلّح للبشر، وسحقهم في آتون لا يد لهم فيه.

زهرة مرعي _ القدس العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى