السنة الأسوأ لنساء لبنان في يومهن العالمي

صدى وادي التيم-لبنانيات/

على الرغم من الإنجازات التي حقّقتها المرأة في لبنان في إطار القضايا القانونية التي تحميها، لا تزال الأزمة الاقتصادية التي حلت على لبنان منذ أواخر العام 2019 ترخي بظلالها على النساء.

حمل العام الماضي تراكمات مختلف أنواع الأزمات في البلاد، ما أثّر بشكل كبير على النساء، لا سيما المهمّشات منهن.

تتحدث الدكتورة شارلوت كرم، الأستاذة المساعدة في الجامعة الأميركية في بيروت، والأستاذة في كلية Telfer في جامعة أوتاوا لـ”النهار” عن “الاستعداد لمواجهة عقبات هائلة في المستقبل بسبب الأزمات المتعددة التي تحلّ على لبنان، لا سيما التداعيات الكاملة للأزمة الاقتصادية، والحرب الدائرة حالياً على لبنان”.

لكن على الرغم من هذه التحديات، “فإننا نستمدّ القوة من مجتمعنا المرن والمتضامن. واليوم، في يوم المرأة العالمي، نكرّم عدداً لا يُحصى من النساء، من الأمهات والبنات والقيادات والناشطات في لبنان، اللواتي يدافعن بلا كلل عن المساواة والكرامة ومستقبل أكثر إشراقاً”.

وتواجه المنطقة، وفق كرم، بما في ذلك لبنان، نقصاً كبيراً في البيانات، ممّا يوجد عقبة كبيرة أمام الذين يعملون على تعزيز المشاركة الاقتصادية والسياسية للمرأة. ويعيق غياب البيانات تطوير استراتيجيات مستنيرة للتغيير في لبنان؛ وهذا ما يلقي بظلاله على أيّ محاولة لإنشاء خريطة طريق لتحقيق التقدّم.

ولمتابعة هذا التقدّم بشكل فعّال وتنفيذ التغييرات الاستراتيجية، تؤكّد كرم أنّنا نحتاج إلى بيانات خاصة بكلّ بلد. ويُعدّ اعتماد الاستراتيجيات القائمة على الأدلة أمراً بالغ الأهمية لتعزيز مستقبل أكثر شمولاً، وسليماً من الناحية الاستراتيجية.

ويشير مؤشر الفجوة العالمية بين الجنسين (2023)، الذي وضعه المنتدى الاقتصادي العالمي، إلى أنّ الفجوة بين الجنسين في المشاركة الاقتصادية والفرص، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هي الأسوأ، ولم تتم معالجة غير 44 في المئة فقط منها. وهذا يعني أن فجوة عدم المساواة بين الرجال والنساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تزال عند نسبة 66 في المئة.

ويعتمد مؤشر KIP (مموّل من مبادرة الشراكة في الشرق الأوسط، ونشره مشروعSAWI الهادف إلى تعزيز مشاركة المرأة في سوق العم، وحيث تشغل كرم فيه وظيفة باحثة أولى)، على قياس قائم على القطاع، ويتتبّع وجهات نظر أصحاب العمل المحليين وممارساتهم في ما يتعلّق بتوظيف النساء والاحتفاظ بهنّ وترقيتهن عبر القطاعات.
على سبيل المثال، في مؤشرKIP، كان أداء قطاع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات هو الأسوأ مقارنة بثلاثة قطاعات أخرى: الخدمات المالية والرعاية الصحية والتعليم.

وبلغ متوسط مؤشر KIP لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 45.31 من أصل 100 درجة كحدّ أقصى. ويشير هذا إلى حاجة كبيرة للتحسين في ما يتعلّق بسياسات وممارسات خطة الاستجابة الإقليمية.

ووفق مؤشر KIPنرى أنّ العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات هي القطاعات التي تُسجّل فيها نسبة أقلّ من المتوسط الإقليمي. وهذا يعني أنّها القطاعات الأضعف أداءً، حيث تقلّ بنحو 2.5 نقاط عن المتوسط الإقليمي.
ويحتلّ المغرب المرتبة الأولى من حيث الأداء في قطاعات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، بينما يأتي لبنان في المرتبة الثانية من حيث الأداء.

وضع النساء صعب

من جانبها، تفيد رئيسة منظمة “كفى” زويا روحانا في حديثها لـ”النهار”، أنّ ما هو مؤكد في العام الماضي، أنّ جرائم القتل بحق النساء ازدادت، كذلك شهدنا حالات انتحار غير معروفة الأسباب أو الظروف، أو ما إذا كانت فعلاً حالات انتحار أم قتل متعمَّد،”فوضع النساء في لبنان ليس في تحسّن، بل بالعكس هي في تراجع، والظروف الاقتصادية التي تمرّ بها النساء أصبحت أصعب بكثير وبات الوصول إلى العدالة بطيئاً جداً”.

وتشير روحانا إلى أنّ الاتصالات التي تتلقاها المنظمة لم تعد تقتصر على التبليغ عن أعمال عنف، إنّما لطلب المساعدات المادية أيضاً لاستمرار معيشتهن ومعيشة عائلاتهن.

وبحسب أرقام منظمة “كفى”، كان عدد جرائم القتل بحق النساء 18 حالة في العام 2022، إلا أنه ارتفع إلى 21 حالة في العام 2023.

وكان 66 في المئة من الاتصالات التي تلقتها المنظمة في الربع الأول من العام الماضي متعلقة بحالات جديدة من العنف تجاه السيدات، وارتفعت هذه النسبة إلى 71 في المئة مع نهاية العام.

وجرى استقبال 8 في المئة من 300 حالة من القصّر، وارتفعت هذه النسبة إلى 11 في المئة مع نهاية العام.

وتنوّعت النسب بين الحالات الاجتماعية للسيدات ضمن 245 حالة في الربع الأخير من العام الماضي، وكانت 63 في المئة منها من المتزوجات، و17 في المئة من العازبات، و17 في المئة من المطلقات أو المنفصلات.

وكانت النسبة الأكبر بين 63 و72 في المئة من النساء من الجنسية اللبنانية في 245 حالة جديدة.

وفي الربع الأخير من العام الماضي، كان المعتدي في 63 في المئة من الـ 245 حالة هو الزوج الحالي، و9 في المئة من الزوج السابق، و19 في المئة من فرد من أفراد العائلة، و9 في المئة من خارج العائلة.

وفي الفتره نفسها، كانت أنواع العنف تتراوح بين 42 في المئة معنوي، و35 في المئة جسدي، و13 في المئة اقتصادي، و10 في المئة جنسي.

السنة الأسوأ للنساء

“كانت السنة الماضية هي السنة الأسوأ بالنسبة للنساء في لبنان”، تقول المديرة التنفيذية في جمعية “Fe-Male” حياة مرشاد، في حديث لـ”النهار”.

فالظروف الراهنة في لبنان والتي بدأت منذ انتشار كورونا والأزمة الاقتصادية وانفجار المرفأ، انعكست على النساء ولا تزال تلقي بظلالها حتى اليوم. لكن في العام الماضي، كان ثقلها أكبر، وتجلّت تداعيات تراكم الأزمة على النساء أكثر.

وساهمت عوامل عديدة في البلاد في دفع النساء الثمن، لا سيما مع الاعتكاف القضائي وتعطّل الحياة السياسية، إذ إنّ النساء الأكثر تهميشاً هنّ اللواتي يدفعن الثمن الأكبر بسبب هذه الأزمات.

وتضيف مرشاد أنّ الحرب الدائرة في الجنوب والثمن الذي تدفعه النازحات من جرائها والتلميذات اللواتي اضطررنا لترك مدارسهن، كانا عاملين إضافيين لزيادة وضع المرأة سوءاً. وساهم عامل آخر في سوء وضع النساء، وفق مرشاد، “هو الهجمة التي تعرّضت لها الجمعيات النسوية في لبنان، والربط بينها وبين الدفاع عن مجتمع الميم-عين، بحيث كان العام الماضي الأقسى في هذا الإطار، ما ترك أثره على قضايا النساء ولم نرَ إنجازات قانونية بحق المرأة كما في الأعوام السابقة”.

المصدر: النهار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى